الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 18 / مايو 02:01

محمود درويش..على الرحب والسعة


نُشر: 15/07/07 11:42

تواصل زيارة محمود درويش إلى حيفا إثارة زوبعة إعلامية بين كوادر وجمهور الجبهة والتجمع تستنزف الطرفين لا تخدم الحوار وحرية التعبير.
إن استمرار التراشق المشحون والمحمل بالإسفاف بين الحزبين الشقيقين سيعيدهما إلى زاوية معتمة علقا فيها قبل حين ويفتح الباب أمام عودة الأحزاب الصهيونية بقوة وفي عز النهار.ومن يعتقد أن تصويت العرب لبراك في الانتخابات الداخلية الأخيرة ليس إشارة، ومجرد حالة شاذة جدا فهو أعمى ويصيبه صمم.
النقاش مطلوب وحيوي طالما توقف عند  الخطوط الحمر ولا ينحدر لمعارك صبيانية ومزايدات منفّرة لا تعني سوى اتفاق الطرفين على تعميق أزمة السياسة والأحزاب العربية المحلية. ولمن يريد الإمساك بالمجد فالسماء مترامية الأطراف وبلاد الله  واسعة .. وسعة الانتشار والشعبية لهما باب واحد ووحيد باب خدمة قضايا الناس وترجيح كفة الصدق على الدجل والكذب.
سبق وأن زار محمود درويش البلاد عدة مرات ولم نسمع صرخة واحدة ضد " "الأسرلة"، فلماذا الآن؟ وكيف تدرج زيارة محمود درويش لأهله ولقائه شعبه في خطيئة التطبيع وهي لا ترتبط بصلة للمؤسسة الحاكمة ؟
 وإن كان لابد من المفاضلة غير المنطقية فبماذا تختلف الزيارة المأذونة إسرائيليا بقبحها عن دخول الكنيست وقسم نوابنا على الولاء للدولة وقوانينها؟ وماذا كان موقف التجمع لو أتيحت له فرصة تنظيم مثل هذه الأمسية فهل سيرفضها.
في خضم التهاب الغرائز الحزبية يبدو أن المعركة على محمود درويش انحرفت لتصبح ضده بغير وجه حق.
مهما كانت الانتقادات لمواقف تاريخية معيبة للحزب الشيوعي الإسرائيلي لا يجوز الحكم على الحزب ودوره عبر هذا الثقب الأسود فقط. والحكم على الجبهة ودورها الراهن فقط من خلال التاريخ المذكور يجافي الحقيقة فهي اليوم مختلفة بتوجهاتها ومجمل مواقفها عن الماضي الغابر للحزب. ويجدر ب"فدائيي" التجمع  شديدي الحماس أن يتذكروا كون الحزب قد تحالف في انتخابات للكنيست عام 1996 ضمن قائمة موحدة مع الحزب الشيوعي الإسرائيلي.
 لن يستطيع أحد انتزاع دور صحافة الحزب الشيوعي في مجالات مختلفة ومنها حضانة مبدعين فلسطينيين أمثال محمود درويش. ومهما كان يبقى من الطبيعي أن يكّن محمود الوّد لراعي الأمسية ويخصهم بمثل هذه الحظوة.
ستضيف زيارة أمير القصيدة العربية المعاصرة، ولا شك، أسهما للحزب وللجبهة لكنها مؤقتة ولا تغني عن العمل السياسي الحقيقي المواظب، والزيارة مثلها مثل العطر الباريسي الفاخر.. سيتطاير شذاه الرائع سريعا..ليبقى الجمال جمال الموقف والعمل.
لست من أولئك الذين يأخذون على محرر فصل المقال الزميل علاء حليحل خوضه مسائل خلافية تثير نقاشات داخل التجمع وحوله.. بالعكس هذه هي أوجه حرية التفكير ولابد للإعلامي الناجح أن يكون "مشاغبا" . ورغم ما قيل فإن من حق حليحل وزملاء له أن يروا بزيارة درويش إلى حيفا خطأ فادحا وبالتأكيد الأخذ عليه بعض المواقف الخوية التي تضمنتها مقابلته مع "هآرتس" اليوم، لكن وجهة النظر تبقى محكومة بمعايير المنطق والنزاهة والحقيقة وهذه لم تحضر حينما سمحت فصل المقال بنشر ملصق هابط ووقح حول درويش وقصيدة " سجل أنا عربي.." ثم كيف يمكن شطب مثل هذه القصيدة رغم عدم تميزها من الناحية الإبداعية-الجمالية وهي التي شاركت في نحت الهوية الجماعية للفلسطينيين خاصة لدى من تبقوا في البلاد؟ لست ممن يقدّسون الرموز لا في السياسة ولا الأدب ومحمود درويش  ليس بملاك فوق البشر والنقد، بالعكس ولكن الملصق والموقف المذكورين لا يبتعدان كثيرا عن البول على دلالات وطنية تستبطنها شخصية وأشعار درويش بل يسيئان للتجمع الوطني ..ولن تبدل بذلك الاستعانة بكتّاب ومحرري الملاحق الثقافية في صحف لبنانية معروفة.
ليس بوسع حليحل بمثل هذه الحالة أن يمسك العصا من طرفيها بنزع قبعة محرر الصحيفة الناطقة بلسان حزب والتعبير عن وجهات نظر راديكالية جدا  بدعوى أنه يعبر عن رأيه الشخصي في مسألة حساسة كهذه فما بالك أن تنشر صحيفة الحزب رسومات أو ملصقات لا تضر أحدا سوى الحزب نفسه وأحسن هذا بسحب مسؤوليته عنها وكان أفضل لو فعل ذلك بلهجة غير ملتوية بعيدا عن "اللعم".
في المقابل سقط منظمو الأمسية وبطلها في أكثر من خطأ حينما تم توزيع البطاقات بشكل ربما يتيح لمن لا علاقة له بالأدب والسياسة للمشاركة بلقاء محمود مع مدينته فيما سيحرم الكثيرون من محبي وأصدقائه وأترابه بالمدرسة والصبا والنضال. ومن غير المعقول أيضا أن تحرم وسائل الإعلام العربية المحلية من التحدث مع الشاعر العائد وقصر ذلك على مقابلتين حصريتين مع الاتحاد وهآرتس .. فلماذا لا يتم علاوة على المقابلتين عقد مؤتمر صحفي للجميع؟ وكيف يمكن أن تستأثر مجلة "مشارف" والقائمة عليها سهام داود وحدها بهذا القرار؟ ويتسائل البعض لماذا أنيطت عرافة الأمسية بالباحث البروفسور رمزي سليمان والفنانة أمل مرقس رغم أنه كان من الحري أن يتولاها أحد الأدباء ممن ربطتتهم بمحمود علاقة وثيقة.

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.70
USD
4.04
EUR
4.71
GBP
247986.23
BTC
0.51
CNY