الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 17 / مايو 05:02

فتاوى دينية بعيدة عن ظاهر النص- بقلم: شوقية عروق منصور

كل العرب
نُشر: 25/02/10 20:00,  حُتلن: 07:59

* تطور العصر خلق حاجة الى فتاوى تلجم وتتدخل وتحد من الارتباك الذي يعيشه الانسان في العصور الراكضة نحو التطور والتكنولوجيا

* الفتاوى التي خرجت مؤخراً ولا نعرف ماذا يعني ان يصدر رجل دين في دبي فتوى ضد اللاعبين المصريين الذين سجدوا شكراً لله عند انتصارهم على لاعبي غانا

نعرف ان الفتاوى الدينية جزءاً من المنظومة الاجتماعية ، الحياتية، وانها من احدى طرق تقويم المجتمع الذي يفلت ويخرج عن السياج الديني ، و اسلوباً مساعداً لشق حياة المرء دون المس بالركيزة الآيمانية والعقيدة الآسلامية، ومع تطور العصر اصبح هناك حاجة الى فتاوى تلجم وتتدخل وتحد من الارتباك الذي يعيشه الانسان في العصور الراكضة نحو التطور والتكنولوجيا .
لكن حسب المثل الشعبي ( كل شيء زاد عن حده نقص ) نجد ان عالم الفتاوى الدينية الذي كان محدوداً وضيقاً ومحصوراً على علماء الدين المتبحرين في الدين ، يخرجون الفتاوى بعد دراسة عميقة والرجوع الى ظاهر النص ، يعرفون ان هذه الفتاوى ستكون ملزمة وحاسمة ومؤثرة وستغير المفهوم العام ، وتجبر الكثيرين على تغير نهجهم الحياتي ، اليومي ، وقد تصل الى حد المواجهة في بعض المجتمعات ، اصبح اخراج فتاوى نوعاً من التحدي لبعضهم البعض وتحدد مدى المساحة الرقابية التي يتحرك بها رجال الدين في دولهم وتحت حكم الأنظمة التي اصبح ساعد رجال الفتاوى يشد من سياستهم .
في السنوات الاخيرة دخلت الفتاوى الدينية والسياسية ميدان المزايدات وتحولت الى اسواق كل سوق يتبع دولة او يتبع فئة ، ودخلت على الخطوط وجوه دينية لا ترقى الى فضاء فرض الفتاوى ، لانها شبه امية وتاجرت ببعض العناوين التي تحفظها واتخذت من بعض المتدينين المتشددين ابواقاً لها ، واختلط الحابل بالنابل حتى وصل الكثير من الفتاوى الى عالم الضحك والاستغراب مثل فتوى (ارضاع الكبير ) وغيرها من الفتاوى التي وضعت الفتاوى الاسلامية في حالات الدفاع والدخول في سجالات دينية لا تليق بتاريخ وثراء الامة الاسلامية .
وبعيداً عن الفتاوى التي تتصدر يومياً العناوين حتى تحولت الى عمل من لاعمل له ، وغرقنا في قضايا دينية لا يصلح تضخيمها وتحويلها الى حلبات مصارعة بين علماء الامة الاسلامية ، فهناك من يؤيد وهناك من يرفض ، ويكون السقوط مدوياً حين نكتشف ان هؤلاء العلماء في واد والامة الاسلامية في واد ، وتتسع الفجوة بين الناس والعلماء .
والشيء المحزن حين يقع احد رجال الدين او احد مصدري الفتاوى في بئر الساسة والسياسيين ويدخل الحاشية التي تكون مجرد الدفاع عن – الزعيم والملك والرئيس – ويستميت في اخراج الفتاوى التي توافق الرغبات السياسية للرئيس او الملك ويصل احياناً الى ان يكون ناطقاً دينياً لمخططاتهم وتصوراتهم التي يعرف انها تخالف الشرع والدين والواقع ، وتغيب عن باله (كلمة حق في سلطان جائر ) .
نعترف اننا نعيش في فوضى الفتاوى وعشوائية الوجوه التي تجد في الفضائيات ووسائل الاعلام مجالات لفتح المزيد من ابواب الفتاوى ، ولا يوجد رقابة على هؤلاء الا اذا دخلوا في محظور السياسات المخالفة للحكومات ، وحاولوا السير فوق الغام الممنوع.
من الفتاوى التي خرجت مؤخراً ولا نعرف ماذا يعني ان يصدر رجل دين في دبي فتوى ضد اللاعبين المصريين الذين سجدوا شكراً لله عند انتصارهم على لاعبي غانا ، وقد فسر ان للسجود شروط ( مثل الطهارة وستر العورة والاتجاه نحو القبلة ) ان لحظة متألقة تخرج عن انفعال قد تتحول الى جريمة في نظر البعض ، وماذا يقول هذا المفتي للعائد الى وطنه ويركع ويغمر وجهه في التراب ، ولماذا لايخرج فتوى ضد الذين يسلبون اعرق المقدسات الاسلامية وهو الاقصى الذي بارك الله حوله ؟ ولماذا صمت هذا المفتي وغيره عندما كادت ان تقع حرب حقيقة بين دولتيين عربيتين شقيقتين بسب لعبة كرة قدم تافهة ؟ والصور كثيرة من الحصار على غزة الى الجدار الى تصرف القادة العرب الى سياسة الآستسلام ..الخ
آن الآوان ان يخرج علماء الأمة الذين يحرصون على انضباط الآمة ويغربلوا الفتاوى ووضع (حجراً دينياً) على كل من تسول له نفسه اصدار فتاوى وترويجها كما تروج السلع التجارية .
نريد من رجال الدين ان يعرفوا ان المسلم الحقيقي هو من ينتصر لأمته ويرفع من شأنها ويبرز تفوقها ويجعل من وجودها ارض كبرياء وكرامة وعزة ، والاسلام يعتز بالرفعة والشموخ وليس بوضع فتاوى تهين وتذل امته ، الآن نحن في غابات الفتاوى هل هناك من يفتش عنا وينقذنا حتى نصل الى شاطىء الأمان .
الفتاوى الحقيقة هي بمثابة قوانين دينية واجتماعية وهي جزءاً من الفقه الاسلامي لذلك يجب على كل مفتي ان لا يعبث بأصدارها ويحولها الى قسم بائس مثل (علي الطلاق )

مقالات متعلقة