الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 31 / أكتوبر 23:02

نسوة المدينة ورجال فرعون/ بقلم: ريم أبو الفضل

كل العرب
نُشر: 27/11/13 08:38,  حُتلن: 08:43

ريم أبو الفضل في مقالها:

نحتاج إلى شعب لا يتوارث فراعين وجند وملأ لأن البحر لن يثور وينشق مرة أخرى وموسى لن يعود بعصاه

لا أعرف كيف يعجبن هؤلاء النسوة بطاغية يقتل ويبغي ويتاجر في المخدرات ويجدن فيه فارس أحلامهن أو نموذجا للرجولة والجاذبية؟

الطغاة لا يعرفون إلا السلطة ولا هدف لهم إلا الحفاظ عليها حتى وإن قتلوا نصف شعوبهم وخاصة إذا كان النظام الحاكم إقطاعيا عسكريا

 
منذ عدة سنوات عرضت الفضائيات مسلسلا دراميا باسم "حدائق الشيطان" بطولة الممثل السورى "جمال سليمان" قام فيه بدور طاغية يسيطر على قرية في جنوب الصعيد بماله ونفوذه مستخدما كل صنوف العذاب والطغيان لأهل قريته.

استفزتني هذه الشخصية التي أثارت إعجاب المشاهدين أو بالأحرى المشاهدات وقد رأينّ فيه الفارس أو الرجل النموذجي الذي يحصد إعجاب النساء، ولا أعرف كيف يعجبن هؤلاء النسوة بطاغية يقتل ويبغي ويتاجر في المخدرات ويجدن فيه فارس أحلامهن أو نموذجا للرجولة والجاذبية؟ وقد صرحن بولعهن لتلك الشخصية الكريهة.

ولا أجد تشبيها بينهن وبين النسوة اللاتي قطعن أيديهن وأعجبن ب"يوسف" وهو نموذج للرجل الخلوق العفيف بصرف النظر عن وسامته، وقد وصفهن القرآن الكريم ب"نسوة في المدينة" وورد لفظ نسوة للتحقير. ولكن يبدو أن نساءنا تفوقن على نسوة المدينة التافهات..

شعبنا يعشق الطغاة
وعلى الأغلب فإن شعبنا يعشق الطغاة، وإن لم يجدهم صنعهم وتاه بهم عشقاً حتى وإن ذاقوه العذاب، فقد حدثتنا القصص القرآنية عن أقوام قد أهلكها الله اتصفت بالعناد أو الكذب أو الفسق أو الغباء مثل قوم نوح وثمود ولوط وهود.. بينما كان لنا وصفاً آخر. وقد رسمت لنا قصة فرعون وقومه رؤية واقعية حدثت منذ زمن وتحدث كل يوم.. فالطغاة لا يعرفون إلا السلطة، ولا هدف لهم إلا الحفاظ عليها حتى وإن قتلوا نصف شعوبهم، وخاصة إذا كان النظام الحاكم إقطاعيا عسكريا، فقد أمر فرعون قتل شعبه كله من أجل بقاء حكمه، وذلك بناءً على رؤيا.


وقوم فرعون كما وصفهم القصص القرآنية لم يعطهم فرعون حقهم بأي صورة بل كعهد الطغاة استخفهم ومع ذلك لم يثوروا عليه بل أطاعوه "فاستخف قومه فأطاعوه". فقد كان ملأ فرعون هم قادة الجند وكبار المسؤولين في الدولة والكهنة، أما جند فرعون فقد كان يتم حشدهم من كل مدائن مصر خلف فرعون وملائه
ومن ثم فقوم فرعون هم الملأ والجند معاً.

يستوقفنى السؤال...
كيف يطيع المرء من يستخف به ولا يعطى له قيمته وقدره ويحترم عقله؟! إنها صفة هذا الشعب من مئات السنين … يصنع الطغاة ويقدسهم.. يذبح أبناءهم فيطيعونه، ويستحيى نساءهم فيصنعون منه إلهاً. كيف يتغاضى القوم عن متلازمة لا جدال فيها (الشرف والدم)!!!!!!!!!!!! لم يستخف فرعون قومه وقط... بل ارتكب بحقه جريمتين لا تغفرهما البشرية (القتل- انتهاك العرض) فثار البحر على فرعون ولم يثر الشعب عليه بل كان معه عدد ليس بقليل يلاحق موسى.

تتكرر قصة فرعون فى كل عصر... فالطاغية إن لم يكن على عرش الحكم يصنعه الشعب.. ويغفر له زلاته عن رضا.. ويتجاوز عن جرائمه في تذلل. تركيبة مريضة تحتاج إلى أن نبحثها قبل أن نتخلص من الطاغية ..لأنها إن لم تُشف فلن ينتهي فرعون.

نحتاج إلى وعي وثقافة وعلم حتى لا يستخف فرعون قومه.. فيصدقونه ويقدسونه نحتاج إلى نساء يصنعن رجالا، ويتعففن عن السفائف، وإلى رجال لا ينال أحد من شرفهم، وإلا فحياتهم لا قيمة لها. نحتاج إلى شعب لا يتوارث فراعين وجند وملأ لأن البحر لن يثور وينشق مرة أخرى.. وموسى لن يعود بعصاه.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة