جهاد الخازن في مقاله:
الفرق بين مصر وتركيا في القائمة أن أكثر الصحافيين المسجونين في تركيا عملوا في صحف معروفة، وبعضهم رئيس تحرير أو مدير تحرير، أو كاتب زاوية
المسجونون من «الصحافيين» العرب بغالبيتهم ليسوا صحافيين في الصحف المعروفة، والأرقام بالتالي مبالغ فيها، مع ذلك أرجو أن تخلو السجون من سجناء الرأي جميعاً
أمامي تقريران، واحد صادر عن لجنة حماية الصحافيين والآخر عن منظمة الشفافية العالمية. التقرير عن الصحافيين يسجل عدد الذين سجنوا منهم هذه السنة، والتقرير عن الشفافية يرصد الفساد في دول العالم.
سأتناول التقريرَيْن بصدق، ولكن بحذر، فمن ناحية لا أريد أن أصبح أحد الصحافيين المسجونين، أو «المرحومين»، ومن ناحية أخرى لا أريد أن يتضرر أحد بسبب ما أكتب. ثم أقول إنني سأتوخى الصدق.
رصد عدد الصحافيين في السجون بدأ سنة 1990، والرقم تصاعد تدريجياً، وسجل هذه السنة رقماً قياسياً هو 257، محطماً الرقم السابق الذي سجل سنة 2012، وكان 232 صحافياً. السنة الماضية كان 199 صحافياً في السجون.
أريد قبل أن أكمل أن أسجل نقطة مهمة جداً، فمن تسمّيهم اللجنة «صحافيين» أكثرهم في الواقع نشطوا على الإنترنت ولا ينتمون الى صحف يومية أو أسبوعية معروفة.
هذه السنة تتصدر تركيا القائمة مع وجود 81 صحافياً في السجن ثم الصين ولها 38، وبعدها مصر ولها 25، ثم اريتريا 16، وإثيوبيا 14.
راجعت أسماء «الصحافيين» المسجونين في مصر، ولم أجد بينهم واحداً أعرفه يعمل في الصحف القومية أو الخاصة، مثل «الأهرام» و «الأخبار» و «المصري اليوم» و «الوفد». في التفاصيل المرفقة وجدت أن الصحافيين المسجونين في مصر ليسوا مثلي، وإنما يعملون لحسابهم، أو لمنظمة ممنوعة. هذا لا يعني أنني أؤيد سجنهم، فأنا أتمنى ألا يوجد صحافي حقيقي أو مزور في السجن في أي بلد. احتجزت الشرطة المصرية يوماً نقيب الصحافيين إلا أن سراحه أطلق بعد ذلك.
الفرق بين مصر وتركيا في القائمة أن أكثر الصحافيين المسجونين في تركيا عملوا في صحف معروفة، وبعضهم رئيس تحرير أو مدير تحرير، أو كاتب زاوية، القمع في تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشل في تموز (يوليو) الماضي مستمر وقد طاول القضاء والجيش والجامعات مع الصحافة.
كانت إيران تحتل مركزاً بين الدول الخمس الأوائل في سجن الصحافيين، إلا أنها هذه السنة غابت عن القائمة ففيها ثمانية صحافيين مسجونين. في البحرين سبعة، إلا أن لا أحد منهم صحافي في جريدة وإنما كل واحد منهم «فاتح على حسابه» وأجد وصفه بصحافي مبالغة.
أنتقل الى مؤشر الشفافية أو الفساد، ونحن نحتل مواقع بين أكثر عشر دول فساداً، وهي الصومال وكوريا الشمالية في المركز الأول ثم، على التوالي، أفغانستان والسودان وجنوب السودان وأنغولا وليبيا والعراق وفنزويلا وغينيا بيساو.
المراكز العشرة الأولى، بُعداً من الفساد، تحتلها على التوالي الدنمارك ثم فنلندا والسويد ونيوزيلندا وهولندا والنروج وسويسرا وسنغافورة وكندا وألمانيا ولوكسمبورغ وبريطانيا. قبل أن يضيع القارئ معي أقول إن هولندا والنروج في المركز الخامس معاً والدول الثلاث الأخيرة في المركز العاشر معاً. أما الولايات المتحدة ففي المركز 16، وروسيا في المركز 119.
ليست دولنا كلها في القعر فقطر في المركز 22، والإمارات العربية المتحدة 23، والأردن 45، والمملكة العربية السعودية 48، والبحرين 50، والكويت 55، وعُمان 60. ما سبق يعني أن هذه الدول في الثلث الأول من القائمة، أي في مراكز طيبة. تونس 76، ولبنان 123، وسورية واليمن 158 (إسرائيل 33، وتركيا 66، وإيران 130).
الأرقام العربية الطيبة تعوّض عن ساكني الأرقام الأخيرة للدول الأكثر فساداً. ثم إن المسجونين من «الصحافيين» العرب بغالبيتهم ليسوا صحافيين في الصحف المعروفة، والأرقام بالتالي مبالغ فيها، مع ذلك أرجو أن تخلو السجون من سجناء الرأي جميعاً.
نقلا عن الحياة
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net