اختتم المؤتمر بأسئلة ومداخلات من النساء المشاركات في المؤتمر واللاتي أكدن على تميّز عامل "كيان" لعمله في الحقل والاستثمار بالنساء بشكل يوميّ مما يحافظ على استدامة مستقبلية.
بحضور مئات النساء الفاعلات في الحقل، وغياب واضح للصوت الرجالي ورؤساء واعضاء السلطات المحليّة، وبدعم من مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق اوسطية، نظمت "كيان"- تنظيم نِسويّ بالتعاون مع منتدى "جسور" النسائي القطري في "كيان"، الاثنين، مؤتمرها السنويّ الذي سلّط الضوء على مشاركة النساء الفلسطينيات في الحكم المحليّ والترشح لانتخابات السلطات المحليّة.
وعرضت "كيان" خلال مؤتمرها نتائج نشاط حملة "دوركِ"، التي تم اطلاقها في حزيران الأخير (2018)، والهادفة إلى تعزيز حضور النساء في الحيّز العام والترّشح لانتخابات السلطات المحليّة. وبدأ المؤتمر، الذي عقد في قاعة سينمانا في الناصرة وتولت عرافته الناشطة النِسوية، نادرة سعدي، منسقة جماهيرية في كيان، بكلمات ترحيبية قدمتها كل من انوار منصور، منسقة جماهيريّة في "كيان"، والناشطة جمانة علي، عضوة في مجموعة نساء القلعة (شفاعمرو) ومنتدى جسور.
وشددت منصور في حديثها على أهمية العمل مع النساء من الحقل لتعزيز حضورهن ومشاركتهن السياسيّة بصورة شمولية مستذكرة انجازات عمل "كيان"، خاصة فيما يتعلق بحملة "دوركِ"، والتي نجحت حتى الآن بدفع 6 ناشطات من مجموعات "كيان" إلى الترشح للانتخابات وفي مواقع مضمونة وضمن قوائم مستقلة بعيدة عن الحمائلية والعائلية والطائفية التي تميز مجتمعنا. بدورها تطرقّت علي إلى عمل منتدى "جسور" وجمعية كيان، مؤكدة على أنهم يتابعان شتى الأمور النسوية والسياسية ونهج التعامل مع المرأة العربية الفلسطينية في الداخل، كما ويعملان على تشخيص التحدي أمام الأنسجة المختلفة من المجتمع وتحويل هذا التحدي إلى فرصٍ ومخططات عمل.
وبعد الكلمات الترحيبية، قدمت مديرة وحدة العمل المجتمعي في كيان، منى محاجنة، مداخلة تحت عنوان "من الرؤيا إلى التطبيق... رحلتنا نحو حضور نسوي في السياسة"، أكدت من خلالها على "أهمية القضاء على اللامبالاة في قضية إقصاء المرأة من العمل السياسي"، مشيرةً إلى أنّ هنالك ضرورة في أن تقوم نسائنا "بأخذ دور قيادي نحو التمثيل السياسي للمرأة"، كما وأنّ هنالك ضرورة "لمساءلة الأحزاب والحركات السياسية حول غياب المرأة وعدم تمثيلها في الأحزاب، حيث يتوجب عليها ضمان وجود المرأة في القوائم، كقوة مؤثرة وليس تحصيل حاصل".
وتطرقت محاجنة إلى حملة "دوركِ" والرسائل التي عملت على بثها والنشاطات التي رافقتها موضحة انها تحمل عدد من الرسائل منها؛ "يكفي مخترة ومحسوبيات"، "دوركِ لأنك نصف المجتمع"، "حصتك بالسلطة 0.12%"، دورك تصنعي التغيير"، و " دورك لتقودي".
وأوضحت محاجنة على أنّ الحملة رافقها عدد من الأنشطة منها؛ لقاءات وزيارات ميدانية، ورشات عمل وتدريب سواءً في الحكم المحلي، بناء الاستراتيجيات، او التعامل مع الإعلام، كما وتم نشر عدد من الومضات والبوسترات التي لاقت التفاعل الكبير من المجتمع، خاصة لأنها تحاول مخاطبته بصورة سلسلة وواضحة منبثقة عن الواقع وتجارب النساء في الحقل.
وتلا ذلك، عرض من مجموعات "كيان" المختلفة في الحقل لتجربتها في المشاركة السياسية حيث قامت كل من مجموعة "أطياف" من عرابة بتقديم ملخصًا عن عملها مؤكدة على أنها قررت خوض الانتخابات بعد مسار بيوقراطيّ ليس بالسهل، كما وقدّمت مجموعة "عسفاوية انا" عرضا عن تجربتها في برنامج تمثيل نساء في السياسة المحلية وعن المسار الطويل والمعمق الذي أدى الى قرارهن خوص الانتخابات في قائمة مستقلة ايضًا، لتقوم بعد ذلك مجموعة "طلعة عارة" بالتطرق إلى تجربتهن بتحفيز وتعزيز حضور النساء في السياسية والحيّز العام والمشاركة الفعالة في الساحة المحلية.
وفي الجلسة الأولى للمؤتمر، قامت مديرة جمعية "كيان"، رفاه عنبتاوي، باستعراض بحث "كيان" الأخير بعنوان "تمثيل النساء في السلطات المحلية- ما بين النظرية والواقع، إقصاء النساء عن السلطات المحلية ما بين قمع الدولة وقمع المجتمع".
واشارت إلى أنّ نتائج البحث أكدت ضرورة تكاتف الجهود في إطار تحمل المسؤولية الجماعيّة لإزالة كافة المعيقات أمام ضمان تمثيل، كمي وجوهري، للنساء العربيات في السلطات المحلية العربية. وبالتوازي، يجب تكثيف العمل على تمكين النساء ودعمهن ومنحهن الثقة والقوة لمواجهة المعيقات وتحدي الواقع.
وطرحت عنبتاوي عدة تساؤلات موجهة بشكل خاص للأحزاب والحركات السياسية، حول عدم جاهزية النساء في الأحزاب ليخضن الانتخابات في أماكن مضمونة، وعلى مسؤولية الأحزاب في انها لم تقم بما يجب من اجل زيادة تمثيل النساء في السياسة المحلية، كما ووجهت عدد من التساؤلات تتعلق ايضًا بدور مؤسسات المجتمع المدني وعملها ونشاطها في تعزيز حضور النساء.
بدورها، علقت الباحثة والمحاضرة في جامعة تل أبيب ومركز أبحاث المثلث، د. تغريد يحيى- يونس، على نتائج البحث، مقدمة مداخلة بعنوان "بين الحقل والنظرية- ميزات مستجدات وتبصرات حول انتخابات السلطات المحلية العربية".
وقالت إنه يجب أن ترتبط النظرية بالواقع وتُبنى عليها، فعندما تستورد النظريات من مجتمعات أخرى، وتطبق على مجتمعات لم تبن لها النظريات نرى بأن الأمر غير قابل وغير مناسب، ذلك أن النظرية لا توفر تفسيرات أو تطلعات مستقبلية. ولهذا نجد بأن بعض الباحثين يقومون بتوطين النظريات أي تعديلها لكي تطيب في مجتمعنا، لكن الحالة الأنجح هي إنتاج بناء نظرية على ما هو موجود في المجتمع.
وأضافت د. يحيى- يونس على أن النظرية تتوقع أن يكون تمثيل نسائي في الحكم المحلي، ونرى في المعطيات أنّ النظرية لا تتحقق على أرض الواقع، فالتمثيل لا يزال هزيلا وبالتالي نعود للسياق، فنحن نتكلم عن أقلية فلسطينية تمارس فيها عمليات إقصاء للتمثيل النسائي، عليه القضية أكبر من كونها مضاعفة، بل المرأة حُيدّت لأنها امرأة واستبعدت كذلك لأنها عربية وهكذا تتعامل السلطات مع العرب.
وتحدثت يحيى- يونس عن محور التمثيل النسائي مقابل المشاركة، وقالت إن التمثيل النسائي مهم جدًا، لكن ليس بكل ثمن، فما نحتاجه هو نساء تؤمن بالتغيير، وتحمل أجندة وفكرًا تحمله المرأة، وليس نساء غير متحررة من السلطة الذكورية والطائفية.
وفي الجلسة الثانية، قدم المدير العام لجمعية "محامون من أجل الإدارة السليمة"، المحامي نضال حايك، محاضرة حول تأثير دمج المرأة في الحكم المحلي.
وقال إن دمج النساء سيحسن جودة الإدارة في السلطات المحلية، بمعنى أن دمج النساء كذلك في الحملات الانتخابية وفي العمل البلدي وليس فقط دمجهن كمرشحات بل أيضا كموظفات في مناصب رفيعة يساهم في إدارة أقل فسادا وأقل حمائلية، وهذا أمر مهم جدًا.
واوضح المحامي حايك من خلال مداخلته المعيقات التي تحول دون مشاركة نسائنا في السلطات المحليّة، مشيرًا إلى أنها معقدة ومركبة في آن واحد، وهنالك ايضًا معيقات أمام المرشحين من الرجال.
وختم حايك بالقول إنه لسنا بحاجة لتمثيل نسائي عن طريق العائلة أو الطائفة، فالتمثيل الحقيقي معناه دحر الحمائلية السياسية، ولا يمكنك الحديث عن مصلحة البلد عند التصويت بشكل حمائليّ. مؤكدًا أنّ للنساء يوجد دور أساسي لكسر منظومة التصويت الحمائلي.
بدورها تطرّقت في الجلسة الثانية، ناديا حمدان، وهي عضوة سابقة في مجلس يانوح جت، إلى تجربتها في العمل السياسي والتحديات التي رافقتها مشيرة أنّ الحديث عن نساء عضوات ليس بالكافي، لأنّ العضو احيانا لا يملك القدرة على التأثير والتغيير، وأكدت على أنها واجهت العديد من الهجوم عليها شخصيًا ومع ذلك هي تشجع النساء والفتيات اليوم على خوض التجربة لا سيما وأنّ العالم الافتراضي بات يلعب لصالحهن الأمر الذي افتقدته اثناء تشرحها في الانتخابات.
واختتم المؤتمر بأسئلة ومداخلات من النساء المشاركات في المؤتمر واللاتي أكدن على تميّز عامل "كيان" لعمله في الحقل والاستثمار بالنساء بشكل يوميّ مما يحافظ على استدامة مستقبلية.