أبدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أسفها لقرار تأجيل جلسات الحوار، متهمة أطرافاً لديها مصالح بتعطيله جاء ذلك على لسان عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية جميل مزهر الذي أكد أن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني تقتضي البدء بالحوار الوطني الشامل لتخليص شعبنا من الوضع المأساوي الذي يعيشه في ظل الحصار والعدوان والمخاطر السياسية المحدقة به والتي تهدد بضياع المشروع الوطني الفلسطيني، مبدياً أسفه من قرار تأجيل موعد جلسات الحوار الوطني الشامل بالقاهرة، بطلب من حركة حماس، معتبراً هذا القرار يعكس حقيقة قائمة أن أيٍ من طرفي الانقسام بإمكانه تعطيل الحوار.
جاءت أقوال مزهر هذه في ندوة سياسية بعنوان " نعم للحوار الوطني الفلسطيني الشامل ورص الصفوف نحو استعادة الوحدة الوطنية " أقامتها جبهة اليسار الفلسطيني بمحافظة الوسطى اليوم السبت بحضور عدد من كوادر وأعضاء وأنصار قوى اليسار المتمثلة في "الجبهة الشعبية، والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني".
واتهم مزهر في مداخلته جماعات في الفريقين لديها مصالح معنية بالاستمرار بالانقسام، وتسعى لتعطيل أي حوار وطني شامل، داعياً إلى نبذ تلك الجماعات، متساءلاُ عن جدوى أن تتحول بعض المنغصات والمشاكل التي يفرضها هذا الطرف أو ذاك والتي يمكن أن يجرى معالجتها في الحوار الوطني الشامل إلى سبب لتعليق المشاركة بالحوار.
وبهذا الصدد، جدد مزهر رفض الجبهة القاطع للاعتقالات السياسية، لافتاً أن الذرائع والمبررات التي تقدم لها غير مقبولة، مشدداً على ضرورة إغلاق هذا الملف وتحريمه لأنه يضر بالمصلحة الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني، مشيرا إلى أن هناك اعتقالات سياسية الهدف منها تفكيك قوى المقاومة وهي مرفوضة ومدانة وكل الذرائع المقدمة لتبريرها غير مقبولة على الإطلاق.
وفي موضوع الورقة المصرية أشار مزهر إلى أنها نقلتنا خطوة للأمام ويمكن أن تشكّل أساساً صالحاً للحوار الوطني الشامل رغم تسجيل الجبهة جملة من الملاحظات والتحفظات التي كان من المفترض أن يجري مناقشتها في الحوار.
وقد أوضح قائلاً: " في موضوع المقاومة من غير المقبول أن يرد بالورقة (المقاومة المتوافق عليها) فالمقاومة حق مشروع كفلته كل القوانين وغير قابلة للمساومة وأشكال ممارساتها يمكن التوافق حولها ( أين ومتى وكيف) وفق المصالح العليا لشعبنا"، داعياً إلى تشكيل جبهة مقاومة موحدة تضع تكتيكاتها.
أما ما جاء حول الحكومة شدد مزهر على ضرورة تشكيل حكومة توافق وطني تعمل على رفح الحصار دون الرضوخ للاملاءات الصهيونية وشروط الرباعية على أن تضم شخصيات وطنية فلسطينية وكفاءات.
وفيما يتعلق في موضوع المفاوضات أكد مزهر أن شعبنا قد جربها على مدار أكثر من 14 عاماً ولم تقدم ولم تجلب لشعبنا إلا الويلات ، وأصبح الاستمرار فيها عبثي، فقد أضرت بالمشروع الوطني الفلسطيني، داعياً إلى مراجعة هذا المسار والعمل على بناء استراتيجية موحدة عمادها التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية والعودة بملف قضيتنا إلى الأمم المتحدة لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بما فيها قرار 194 الذي يضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها.
وفي هذا السياق،قلل مزهر من شأن جولات وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليسا رايس إلى المنطقة والتي كان آخرها أمس، مشيراً إلى أن هذه الجولات لن تفيد شعبنا، وأنها محاولة من الإدارة الأمريكية لتعطيل الحوار الوطني الشامل، داعياً السلطة الفلسطينية والرئيس الفلسطيني أبو مازن إلى عدم المراهنة على وهم الوعودات الأمريكية، مدللاً على ذلك بوعود بوش بالدولة الفلسطينية والتي تبخرت بالهواء مع رحيله من البيت الأبيض.
وبخصوص منظمة التحرير دعا لضرورة إعادة بنائها على أساس وطني وديمقراطي يعيد الحياة لمؤسساتها المهترئة ويعيد ترميمها وفق ما جاء في إعلان القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني، وإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني على أساس التمثيل النسبي الكامل، لافتاً إلى أنه كان يمكن أن يكون الحوار بالقاهرة فرصة لأن يساعد الأشقاء في مصر ووزراء الخارجية والجامعة العربية في استصدار قرار لإجراء انتخابات هذا المجلس في الشتات بما يعيد الاعتبار للمنظمة.
وفي موضوع الانتخابات قال مزهر: " ورد في الورقة المصرية حول التعددية واحترام الانتخابات ولم يذكر التمثيل النسبي الكامل، إننا في الجبهة الشعبية نؤكد على ضرورة إقرار قانون التمثيل النسبي الكامل ليقطع الطريق أمام التفرد والهيمنة من أي طرف بما يوفر مساحة المشاركة للجميع.
وحول الأجهزة الأمنية اعترض مزهر على ما أوردته الورقة المصرية من أن الأجهزة الأمنية هي المخولة فقط بالمقاومة، مشيراً إلى أن هذا البند يقطع الطريق أمام المقاومة للدفاع عن الشعب خاصة أننا في مرحلة تحرر وطني ، داعياً في الوقت ذاته إلى إعادة بناء الاجهزة الأمنية على أسس وطنية ومهنية بعيداً عن الفئوية والحزبية الضيقة، مشدداً على ضرورة أن يكون للأجهزة الأمنية عقيدة مهمتها توفير الأمن والأمان والدفاع عن المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعيداً عن الأجندات التي تعمل على تفكيك المقاومة.
وحول اتفاق مكة أكد مزهر على أن هذا الاتفاق أسس للثنائية والمحاصصة والاقتتال الذي أوصل شعبنا للانقسام، مشدداً على أن البديل عنه هو الحوار الوطني الشامل، حتى نخرج شعبنا من حالة الضياع التي يعيشها على مدار كل ساعة، نؤكد على توفير من أجل البدء بالحوار الوطني الشامل.
وبخصوص التهدئة، قال مزهر: " نحن في الجبهة الشعبية أكدنا أن التهدئة كسياسة خاطئة في ظل وجود الاحتلال واستمرار عدوانه على شعبنا، وثبت بالملموس أن الاحتلال لم يلتزم فكان يخترقها وها هو قبل يومين ارتكب مجزرة في غزة، ولذلك يثبت يوماً بعد يوم على أنه عدواني ولا يلتزم، مما يتطلب من الجميع إعادة النظر بهذه التهدئة ".
وفي نهاية مداخلته، أكد مزهر على ان الجبهة الشعبية وقوى اليسار ستواصل كل الجهود لتذليل العقبات للوصول إلى الحوار الوطني الشامل للخروج من الأزمة المستعصية لقطع الطريق أمام المشاريع التصفوية التي تواجه قضيتنا
بدوره، تساءل عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة عن المصلحة من تعطيل هذا الحوار اليوم وتأجيله، داعياً القوى الفلسطينية إلى أن تكون بمستوى التضحيات التي قدمها شعبنا.
وقال أبو ظريفة : " إن خطوة تأجيل الحوار الوطني اليوم تشكل ارتداداً إلى الخلف عما كان يطمح به شعبنا، لمصلحة من تعطيل هذا الحوار؟ للمزيد من الانقسام لنقل الوضع الفلسطيني لصومال جديد واستكمال فصول الحرب الأمنية من أجل تطلعات فئوية ضيقة؟ "
وعن الورقة المصرية أشر أبو ظريفة إلى أنها ورقة شكلت إطاراً وطنياً فلسطينياً لحل التباينات، وهي خطوة بالاتجاه الصحيح ، يمكن استيعابها في إطار التوافق لا بمرجعيات اتفاقية مكة التي شكلت المحاصصة وزادت الوضع تعقيداً، ولكن يجب استبدالها بالوفاق الوطني كأساس للحوار.
كما شدد ابو ظريفة على ضرورة إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وإعادة بناء م.ت.ف واجراء انتخابات للمجلس الوطني على أساس التمثيل النسبي الكامل.
من جانبه، أكد عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني صبحي الجديلي ان هذه الندوات واللقاءات السياسية تأتي للضغط من أجل إنهاء الانقسام الذي أصبح يشكل عبئاً كثيراً على شعبنا، مشيراً إلى أن لقوى اليسار الفلسطيني في ظل التعقيدات الحاصلة في الداخل الفلسطينية منوط بها دور هام ويجب أن تتحمل مهامها في التصدي لكل محاولات وضع شعبنا كرهينة في أيدي مجموعات المصالح التي تسعى لإفشال الحوار.
وحول الورقة المصرية أشار الجديلي إلى أن حزب الشعب الفلسطيني اعتبرها أساساً صالحاً للحوار رغم بعض الملاحظات الإجرائية والتي تمثلت في ضرورة أن يكون هناك سقف زمني للانتخابات، وألا يتجاوز موعدها كانون الثاني -2010.
وفي موضوع اللجان شدد على ضرورة ألا يبقى عملها مفتوحاً وأن تكون بسقف زمني لها حتى لا تكون عرضة للممطالة من قبل فصائل فلسطينية.
كما اقترح على الأشقاء المصريين والعرب الراعين للحوار في القاهرة بأن تكون هناك لجنة تحكيم عربية لحسم الخلافات، مشدداً على رؤية حزب الشعب بأن يكون هناك حواراً وطنياً شاملاً بعيداً عن المحاصصة لحسم الخلافات، حواراً وطنياً توافقياً، يؤكد على وحدة الأرض جغرافياً وسياسياً، ويكون حواراً من أجل حل الخلافات بعيداً عن الصراعات الداخلية وتحريم اللجوء للسلاح، وحوار يحترم التعددية السياسية.
ولفت الجديلي إلى أنه يجب أن يكون مهمة الحكومة القادمة هي الإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية على أساس التمثيل النسبي الكامل، والثانية إعادة بناء الأجهزة الأمنية وتوحيد المؤسسات على أسس مهنية وليس على أسس حزبية ضيقة.
وشدد في نهاية حديثه على ضرورة تحشيد الجماهير وخلق أجواء ضاغطة من أجل إجراء هذا الحوار بعيداً عن المناكفات والتحريض الإعلامي، داعياً لوقف الاعتقالات وإغلاق ملفه.
وفي ختام الندوة فتح باب النقاش وإبداء الرأي والاستفسار للحضور حيث تضمنت أغلبها عن ماهية العمل في المرحلة القادمة في ظل التعقيدات الحاصلة خاصة بعد تأجيل مؤتمر الحوار بالقاهرة، في حين شدد أحد الحضور على ضرورة حل السلطة الفلسطينية، في حين سأل آخر عن جهود قوى اليسار وتأثيرها في الشارع الفلسطيني.