الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 18:01

شَمُّ نَسِيمٍ خَاصْ.. قِصَّةٌ قَصِيرَةْ -بقلم / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه

محسن عبد المعطي
نُشر: 21/01/21 01:27

كَانَ الْوَلَدُ يُمْسِكُ ذَيْلَ الْقِطِّ ,يَمْشِي إِلَى جِوَارِ حَاجِزِ الْبَرْسِيمِ, يَضْحَكُ وَأَسْنَانُهُ الْمَكْسُورَةُ تَظْهَرُ ,أَقْبَلَ الْوَلَدُ عَلَيَّ وَقَالَ:لاَ تَكْتُبْ (أَسْنَانَهُ الْمَكْسُورَةَ) وَأَقْبَلَتْ أُمُّهُ عَلَيَّ وَقَالَتْ:لاَ تَكْتُبْ (أَسْنَانَهُ الْمَكْسُورَةَ)  اِنْطَلَقَ الْأَوْلَادُ يَلْعَبُونَ فِي الْبَرْسِيمِ ,(مُحَمَّدْ عَرَفَةْ) ,( مُحَمَّدْ مُحْسِنْ) ,( مَحْمُودْ عِمَادْ) الْأَوْلَادُ يَلْعَبُونَ فِي مَرَحٍ ,يَغْلِبُونَ بَعْضَهُمُ الْبَعْضَ فِي الْمُصَارَعَةِ , اِنْطَلَقَتِ الْبِنْتَانِ آيَةُ وَرِيمْ ,كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حَاجِزِ مِنْ حَوَاجِزِ الْبَرْسِيمِ, مُوَازٍ لِلْآخَرِ,قَالَ أَبُو آيَةَ :-مُشِيراً إِلَى الْبِنْتَيْنِ –(اَلْحَاجَّةُ سَنَاءُ) وَ(اَلْحَاجَّةُ رُقَيَّةُ)-فَرَشُوا(الْإِيَاسَ) الْحَصِيرَ عَلَى الْبَرْسِيمِ ,وَأَخَذُوا يَأْكُلُونَ الْفِسِيخَ وَالرِّنْجَةَ وَالْأُنْشُوأَةَ ,وَالْبَصَلَ وَالْخِيَارَ وَالْخَسَّ وَالطَّمَاطِمَ وَ(الْقَبُّورِي) وَالْعَيْشَ الْقَمْحَ ,مَجْمُوعَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْعَائِلَةِ 000 عِمَادْ, مُحَمَّدْ عِمَادْ ,(مَحْمُودْ عِمَادْ), صَبَاحْ مَجْدِي, صَبَاحْ مُحْسِنْ , اِنْطَلَقَ الْوَلَدُ  مُحَمَّدْ بِعَجَلَتِهِ وَرَكِبَ أَخُوهُ مَحْمُودُ وَرَاءَهُ ,وَ(مُحَمَّدْ مُحْسِنْ) يَذْهَبُ مَعَهُمْ إِلَى  عِزْبَةِ عَمَاشَةَ,نَبَاتُ الْغَلَّةِ ,أَشْجَارُ الصَّفْصَافِ وَالْجَزْوَرِينِ, الْخُضَارُ مِثْلَ الْخَسِّ ,الْبَطَاطِسِ,اَلْجَامُوسَتَانِ وَإِلَى جِوَارِهِمَا الْحِمَارُ عَلَيْهَ عِدَّةُ (الْعَرَبِيَّةِ) يَقِفُونَ عَلَى الْمَعْلَفِ ,الْبَصَلُ , أَشْجَارُ الْجَوَافَةِ ,التُّوتُ ,التُّرْعَةُ مَاؤُهَا جَارٍ مِنْ خِلاَلِ السَّاقِيَةِ الَّتِي تَسْقِي الْأَرْضَ,اَلْمَاءُ يَجْرِي وَيَسْقِي حُقُولَ الْبَرْسِيمِ وَالْفُولِ,الْأَوْلاَدُ فَرِحُونَ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ عِيدِ شَمِّ النَّسِيمِ ,أَوْ يَوْمَ أَحْسَنِ الْأَعْيادِ أَشْجَارُ الْجِمِّيزْ (التُّرُمْبَةُ)  اِنْطَلَقَ الْأَوْلَادُ يَأْكُلُونَ الْفُولَ ,إِحْدَى أُمَّهَاتِهِمْ تَقُولُ لَهُمْ:اَلرَّجُلُ صَاحِبُ الْفُولِ سَوْفَ يَضْرِبُكُمْ , أَشْجَارُ النَّخِيلِ ,اَلْأَشْجَارُ الْمُتَجَاوِرَةُ كَالْغَابَاتِ ,اَلسِّرِيسُ ,ذَيْلُ الْقِطِّ ,اَلْجَلَوَانِ , الْوَلَدُ(مُحَمَّدْ مُحْسِنْ) عَاصَ يَدَهُ بِالطِّينِ, وَأُمُّهُ تَقُولُ لَهُ: تَعَالَ اغْسِلْ يَدَكَ  وَتُنَادِي أُخْتَهُ صَبَاحَ:تَعَالَيْ يَا صَبَاحَ  دَوَّرِي لَهُ (التُّرُمْبَةَ), اَلْأَطْفَالُ وَالنِّسْوَةُ نَزَلْنَ إِلَى حُقُولِ الْبَرْسِيمِ وَ مَجْدِي يُنَادِي عَلَيْهِنَّ:( يَلاَّ يَا بِتِّ انْتِ وْهِيَّه, يَلاَّ يَا بِتْ, إِنْتِ يَا أَبْلَه إِنْتِ يَا بِهْ) وَهُوَ يَقُولُ:_فِي نَفْسِهِ- (عَالَمْ فَاضْيَة كِدَه) اَلْكُلُّ فَرِحُونَ وَسُعَدَاءُ ,تُنَادِي الْمَرْأَةُ عَلَى الْوَلَدِ (مُحَمَّدْ عَرَفَةْ ) وَتَقُولُ:حَرَامِي الْفُولِ أَشْجَارُ الْمَوْزِ ,مَاكِينَاتُ الْمِيَاهِ بِبَرَامِيلِهَا عَلَى(الْجَنَّبِيَّةِ) ,تَبْكِي الْبِنْتُ صَبَاحُ وَأَخُوهَا ( مُحَمَّدْ مُحْسِنْ) أَثْنَاءَ ذِهَابِهِمَا لِلْعِزْبَةِ ,لِأَنَّهُمَا قَدْ عَطَّلاَ دَرْسَ الْإِنْجِلِيزِيِّ ,قَالَ لَهَا أَبُوهَا:لاَ تَقْلَقِي ,سَأَسْتَأْذِنُ لَكِ مِنَ الْأُسْتَاذِ/مُسْعَدَ اَلنِّسْوَةُ يَضْحَكْنَ فِي سَعَادَةٍ ,فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِلسَّعَادَةِ فِي دُنْيَا مَلِيئَةٍ بِالْأَحْزَانِ , عِمَادْ يُرَكِّبُ ابْنَتَهُ آيَةَ عَلَى الْعَجَلَةِ ,أَشْجَارُ الْوَرْدِ فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْعِزْبَةِ , الْأَوْلَادُ يَرْكَبُونَ عَرَبَةَ الْحِمَارِ ذَاتَ الْعَجَلِ الْكَاوِتْشِ ,يَنْظُرُ عِمَادْ وَمَجْدِي إِلَى بَاقِي الْجَمْعِ الْمُتَأَخِّرِ ,وَعِنْدَمَا يَطْمَئِنَّانِ يُوَاصِلاَنِ السَّيْرَ ,ثَلاَثُ بَنَاتٍ وَطِفْلاَنِ يَلْعَبُونَ وَيُصْدِرُونَ ضَجِيجاً ,وَكَأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ , أَشْجَارُ النَّخِيلِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الشُّمُوخِ ,الْبَحْرُ الْكَبِيرُ ,النِّيلُ ,طَرِيقٌ فَرْعِيٌّ ,أَصْوَاتُ عَرَبَاتٍ ,عَرَبَةٌ حَمْرَاءُ مَلاَّكِي ,وَأُخْرَى بَيْضَاءُ تُطْلِقُ زُمَّارَتَهَا ,الْفَلاَّحُونَ يَلْبَسُونَ الْمَلاَبِسَ الْخَاصَّةَ بِالْفِلَاحَةِ (اَلْكَلْسُونَ وَالزُّبُونَ) الْحِمَارُ يُنَهِّقُ بِصَوْتٍ عَالٍ, وَكَأَنَّهُ يُعَبِّرُ عَنْ فَرْحَتِهِ , أَحَدُ الْفَلاَّحِينَ وَحْدََهُ  يَعْزِقُ الْأَرْضَ بِالْفَأْسِ ,وَيَلْبَسُ الشَّالَ , حِمَارٌ مَرْبُوطٌ فِي الْغَابِ ,اِثْنَتَانِ ثَلَاثٌ تِسْعٌ ,يَطِيرُ وَيَلُفُّ فِي دَائِرَةٍ ,قُلْتُ لِحَنَانَ:مِائَةُ حَمَامَةٍ ,؟,قَالَتْ:حَوَالَيْ خَمْسِينَ, الْغَابُ الْكَثِيفُ عَلَى شَاطِئِ  (الْجَنَّبِيَّةِ)وَوَسَطَ أَكْوَامِ السِّبَاخِ ,مُصَلِّيَّةٌ جِوَارَهَا  (تًُرُمْبَةٌ),وَحَوْضٌ (تُكْتُكٌ) يَقِفُ فِي الطَّرِيقِ وَالسَّائِقُ دَاخِلَهُ ,يَبْدُو أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُهُ ,كَلْبٌ يَجْرِي عَلَى السِّكَّةِ ,وَمَجْمُوعَةُ النِّسْوَةِ,الصَّبَاحَانِ وَرِحَابُ وَعُلاَ وَسُوزَانُ يَضْحَكْنَ وَيُمْسِكْنَ فِي بَعْضِهِنَّ خَوْفاً مٍِنَ  الْكَلْبِ ,وَ الْكَلْبُ خَائِفٌ مِنْهُنَّ , الْوَلَدُ (مُحَمَّدٌْ عِمَادُ) يَصْطَحِبُ اَلنِّسْوَةَ وَيُحَدِّثُهُنَّ عَنِ الْكَلْبِ , الْوَلَدُ (مُحَمَّدٌْ) يَقُولُ:عَمُّ مُحْسِنٌ مَا زَالَ يَكْتُبُ قَصَصَهُ,خَلْفَنَا ثَلاَثُ عَرَبَاتِ حَمِيرٍ ,يَجْرِينَ بِسُرْعَةٍ,عَلَى الْأُولَى رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ وَابْنُهُ , عَلَى الثَّانِيَةِ رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ عَلَى الثَّالِثَةِ رَجُلانِ,مَرُّوا عَلَيْنَا وَاحِدَةً بَعْدَ الْأُخْرَى ,وَهُمْ يُرَدِّدُونَ :اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ,وَنَحْنُ(أَنَا وَحَنَانُ وَصَبَاحُ) نَرُدُّ:وَ عَلَيْكُمْ اَلسَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ,شَيْءٌ جَمِيلٌ وَتَحِيَّةٌ أَجْمَلُ ,تُكْتُكٌ وَعَرَبَةُ( دَاتْسُونْ)فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنَ الْبَحْرِ الْكَبِيرِ , وَعَرَبَاتٌ كَثِيرَةٌ(تُزَمِّرُ) اِقْتَرَبَتِ الْقَرْيَةُ كَثِيراً مِنَ الْمَدِينَةِ فِي ضَجِيجِهَا,سَاقِيَةٌ شِبْهُ مَهْجُورَةٍ ,عِجْلَةٌ (تُنَعِّرُ) بِجِوَارِهَا بَقَرَةٌ صَغِيرَةٌ تَأْكُلُ  الْبَرْسِيمَ ,دَخَلْنَا الْعِزْبَةَ ,فَرِيقُ كُرَةِ قَدَمٍ يَلْعَبُونَ الْكُرَةَ,أَكْوَامٌ مِنَ الزَّلَطِ وَالرَّمْلِ,الْمَقَابِرُ,الْعِشَشُ ,قَارِبٌ يَسْبَحُ فِي النِّيلِ اِخْتَلَفَ  الْأَوْلَادُ وَالنِّسْوَةُ مَعَ بَعْضِهِمُ الْبَعْضِ فِي اسْمِ الْعِزْبَةِ,اَلْبَعْضُ يَقُولُ:حِبِيشْ,وَ اَلْبَعْضُ يَقُولُ:فِنِيشْ, وَ اَلْبَعْضُ يَقُولُ:أَرْضُ الْعَذَابِ وَالضَّنَى ,وَصَلْنَا إِلَى بَيْتِ الْحَاجِّ/فَتْحَ اللَّهْ وَزَوْجَتِهِ أُمِّ الْخَيْرِ ,اَلْأَوْلاَدُ (شَرْقَانُونَ) إِلَى الْمَاءِ ,وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَشْرَبُوا مُنْذُ سَنَوَاتٍ ,وَ  عِمَادُ يَقُولُ لَهُمْ:(أَيْوَه كُلُوا فِسِيخْ وِأَرْبَعُوا) , اَلْأَوْلاَدُ يَشْرَبُونَ بِالدَّوْرِ ,شَرِبْنَا الشَّايَ وَسَلَّمْنَا ,وَعُدْنَا مَعَ النَّسِيمِ الْعَلِيلِ قُبَيْلَ الْمَغْرِبِ , وَ  الْبَحْرِ الْكَبِيرُ صَفْحَةُ مَائِهِ ,ثُلُثَاهَا نَهَارٌ مُضِيءٌ ,وَ ثُلُثُهَا الْبَاقِي مُظْلِمٌ كَاللَّيْلِ فِي مَنْظَرٍ رَائِعٍ ,وَأَضْوَاءُ مَصَابِيحِ أَعْمِدَةِ الشَّوَارِعِ تُطِلُّ مِنْ عِزْبَةِ نَظِيفَ فِي مَنْظَرٍ لاَ أَجْمَلَ وَ لاَ أَرْوَعَ000,عَادَ مُعْظَمُنَا مَشْياً عَلَى الْأَقْدَامِ ,وَالْقِلَّةُ الْقَلِيلَةُ رَكِبَتْ (تُكْتُكاً) ,وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَوْماً مِنْ أَجْمَلِ أَيَّامِ الْعُمْرِ وَشَمُّ نَسِيمٍ خَاصٍّ.

بقلم  / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه

 

مقالات متعلقة