الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 12:01

أنجزنا الكثير وبقي الكثير

بقلم: الكاتب والأديب محمّد علي طه

محمّد علي طه
نُشر: 18/03/21 13:45,  حُتلن: 16:30

لم يكن سائق سيّارة الأجرة الّتي نقلتني من بيتي في القرية إلى مدينة النّاصرة ينتمي لحزب أو حركة سياسيّة، وحينما سألني: "أيّ انجاز حقّقتم لنا وماذا عملتم طيلة واحد وسبعين عامًا؟"، لاحظت نبرة يأس في كلامه.

هذا الشّعب العريق الّذي تنتمي إليه يا عزيزي السّائق أنجز الكثير وحقّق معجزة البقاء والصمود، الّتي ما زلنا نخوض معركتها، أمام سلطات اعتبرت وجودنا خطأ عسكريًا وتاريخيًّا.
كان عندنا بلديّتان فقط، واليوم ونتيجة النّضال الدّؤوب عندنا 12 بلديّة و70 مجلسًا محليَّا، وهذه السّلطات البلديّة والمحليّة بنت المدارس الحديثة وعبّدت الشّوارع واستعادت الأراضي وهي منظّمة في لجنة مناضلة وفعّالة.
وكانت مدارسنا الثّانويّة لا تتعدّى أصابع يدك،وأمّا اليوم فعندنا 235 مدرسة ثانويّة عربيّة يدرس طلابها بلغة الضّاد..

وكان في جليلنا من النّاصرة حتّى الحدود اللبنانيّة خمسة أطبّاء فقط.. وأمّا اليوم فعندنا آلاف الأطبّاء وهم من خيرة الأطبّاء في المستشفيات وفي هذا العام بالذّات نجح 831 طبيبًا عربيًّا في امتحان الدّولة بينما كانت كليّة الطّب في الجامعة العبريّة لا تقبل سوى 3 طلّاب عرب سنويًّا فهل سألت نفسك كيف حدث هذا؟ وهل فكّرت بعدد الأطبّاء والجامعيّين العرب الّذين درسوا في الدّول الاشتراكيّة بعدما حصلوا على منح دراسيّة من الحزب الشّيوعيّ؟
عشرات الآلاف من أولادنا يدرسون شتّى المواضيع في الجامعات الاسرائيليّة والفلسطينيّة والأردنيّة والأوروبيّة ومئات منهم يدرسون في معهد التّخنيون في حيفا ونسبة الطالبات منهم 60%.. وهذا يعني أنّ نسبة طلابنا في الجامعات تفوق نسبة الآخر.
وعندنا مجموعة من العلماء العرب في الجامعات والمعاهد العليا ينافس بعضهم علماء الغرب على جائزة نوبل.
وعندنا عدد كبير من المهندسين والمحامين والمحاسبين والصّيدلانيّين وعمّال الهايتك المتفوّقون.

حقّق شعبنا كلّ هذا رغمًا عن سياسة الحكومة الّتي عبّر عنها أوري لوبراني، مستشار رئيس الحكومة عندما قال: نريدهم أن يبقوا حطّابين وسقاة ماء..
وعندنا جمعيّات فعّالة مثل عدالة والجليل والتّعليم والمهجّرين والجمعيّات النسائيّة وغيرها.
وعندنا لجنة المتابعة ولجنة الصّحة وغيرها.
حافظنا على لغة الضّاد وطوّرنا مناهج التّدريس بها وبرزت كوكبة من الشّعراء والأدباء والإعلاميّين والفنّانين في الرّسم والتّمثيل والموسيقى والغناء ووصل بعضهم الى العالميّة.
صنعنا بالدّم والعرق يوم الأرض.
عندما كنتَ شابًّا يا عزيزي السّائق ما كنتَ تجرؤ أن تعرّف نفسك بعربيّ فلسطينيّ وما كنتَ تستطيع أن ترفع العلم الفلسطينيّ في مسيرة أو اجتماع.
ألم تكن مدارسنا تقضي أسابيع وهي تحتفل بعيد استقلال إسرائيل ولا يعرف أولادنا كلمة "نكبة"؟
وكانت مدننا وقرانا مرتعًا ومخزنًا للأحزاب الصّهيونيّة فنظّفناها!!
هذه الأجيال الّتي تملأ اليوم الجامعات والمعاهد والمصانع والمشاغل والملاعب قاماتها منتصبة وهاماتها مرفوعة فهل جاء هذا من فراغ؟
يا عزيزي.. لا أستطيع أن أذكر لك أكثر لأنّنا وصلنا الى المكان الّذي نقصده في المدينة.ولكن ما زال أمام هذا الجيل الشّاب الكثير..والبركة فيه.


المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com    
 

مقالات متعلقة