الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 10 / مايو 16:01

كفر قاسم تجربة وحدوية تستحق التأمل


نُشر: 20/11/08 08:22

هذه مقالة تُعْنى بشأن محلي حتى النخاع وبملف مَوْضِعِيِّ  بامتياز ، وسيلمح القارئ فيها تفاصيل ليست ذات ثقل قطري ، وأسماءً ربما يسمع بهم الرأي العام لأول مرة ... قد يطرح البعض سؤالا : ما هي المساهمة المفيدة ذات الوزن النوعي التي تضيفها المقالة لإرثنا السياسي المحلي ، وما هي الانعكاسات الإيجابية للتجربة موضوع المقال على الوعي العربي وعلى التجربة السياسية المتراكمة العابرة لمجتمعاتنا العربية من الشمال حتى الجنوب ؟؟؟ ... المقالةُ تَصِفُ واقعا فريدا نشأ بعد الجولة الأولى لانتخابات البلدية ، يستحق أبطاله وعلى رأسهم الحركة الإسلامية أن يُذْكَروا بأسمائهم ، كما تستحق فصوله أن تصبح نموذجا قد يصلح أن يؤسس لثقافة سياسية جديدة تتغلب فيها ( الأنا ) الجمعية لكل المجتمع على ( الأنا ) الشخصية أو الحمائليه أو الحزبية الفصائلية ، والتي كانت وعلى مدار القرون السبب المباشر في الكوارث التي أصابت الأمة في مقتلها في أكثر المفاصل التاريخية خطورة ...
اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بأخلص التهاني والتبريكات وأصدقها لكل الأطراف المتنافسة على كرسي رئاسة البلدية في كفر قاسم بلد الشهداء والدعوة ، على الاتفاق غير المسبوق والذي ضمن تجنيب المدينة جولة انتخابية ثانية كانت يمكن أن تعرض المُرَشَّحينَ لمزيد من الابتزاز ،  والأمْنَ الأهليَّ لشرخ لا يمكن التنبؤ بنتائجه ، وهو تطور لافت يستحق التأمل والدراسة ، كما يستحق أن يكون نموذجا يحتذى في مجتمعاتنا العربية..
لقد انتهت الجولة الأولى  من الانتخابات بحسم لا يمكن تجاهله لصالح المرشح الأستاذ نادر صرصور وبفارق كبير عن منافسيه الأستاذين وليد طه وعبد الوهاب عيسى ، حيث كان من المقرر أن تجري الجولة الثانية بين نادر وعبد الوهاب ، إلا أن صوت العقل قد تغلب على صوت العاطفة ، كما وتغلبت الدعوة إلى تقديم المصلحة العامة للمدينة وأهلها على الطغيان المؤقت لرغبة ( الحمولة )  في الفوز مهما كان الثمن ، وبذلك انفتح الطريق للقبول بقرار الأغلبية بتكليف الأستاذ نادر صرصور بمهام رئيس البلدية ، وباحترام الإرادة الشعبية التي حسمت الانتخابات لصالحه في الجولة الأولى وبشكل واضح لا يقبل الشك..
لقد كان موقف الحركة الإسلامية واضحا منذ لحظة الإعلان عن نتائج الجولة الأولى ، حيث دعت في بيانها الرسمي الصادر بهذا الشأن إلى احترام قرار الأغلبية ، كما ودعت الأخ عبد الوهاب عيسى في جلسة خاصة جمعته مع وفد الحركة الإسلامية بالتفكير الجدي بالتنازل للمرشح الأخ نادر صرصور لذات الأسباب ، ولتجنيب الأهل في كفر قاسم مزيدا من الاحتقان ، ولإعفاء المرشحين من تبعات موجة جديدة عاتية من الابتزازات التي لا يمكن احتمالها قد تحرق ما تبقى من أمل في إنقاذ البلد  . نحمد الله تعالى الذي شرح صدر الأخ عبد الوهاب وأنصاره لهذا القرار الحكيم الذي نسجله باعتزاز ونثمنه غاية التثمين ، والذي جاء منسجما مع مشروع الحركة الإسلامية في ضرورة الوحدة التي كنا نتمنى أن تتم قبل الانتخابات ، إلا أن الله شاء أن تتم بعد الانتخابات.
أتمنى أن يكون هذا التطور المميز في بلد الشهداء والقرار الشجاع والمسؤول  بالتنازل ، بداية مصالحة واتفاق ووفاق وانطلاق نحو عهد جديد ومستقبل واعد يعيش فيها الجميع وبلا استثناء( وليس عائلات خاصة بعينها ) ، حالة انفراج نحن في أمس الحاجة إليها في هذا المرحلة وفي المراحل المقبلة ، كما وأتمنى لو أن المرشحين في القرى والمدن العربية الذين يستعدون لجولة ثانية قد تكلف بلدانهم أثمانا باهضة أن يعتمدوا نموذج كفر قاسم ، والذي يعنى اعتماد نتائج الجولة الأولى على اعتبارها استفتاء نهائيا يُدَرِّجُ المرشحين بناء على إرادة شعبية ، مما يهيئ لتحقيق أكثر من هدف دفعة واحدة . أولها : تخفيف الاحتقان الذي ينشأ عادة مع الحملات الانتخابية ، وثانيها : إشاعة أجواء تصالحيه تقرب الناس من بعضهم ، وتزيل الحواجز النفسية فيما بينهم ، وتبني أواصر الثقة بين الأطياف والألوان المختلفة ، وثالثها : تأمين عمل بلدي تتمازج فيه القوى وتتعاون فيه الكفاءات بعيدا عن ثنائية ائتلاف / معارضه والتي كانت سببا في كثير من النكبات لقرانا ومدننا ، ورابعها : التأسيس ( لموديل ) سياسي جديد يلغي الفئوية مهما كان نوعها ، ويعتمد بدلا عنها تبادلية ترتكز إلى ميثاق شرف يضمن تداول السلطة بين كل كفاءات المجتمع بشكل سلس دون استقطابات ، أثبتت التجربة أنها جَرَّتْ الويلات وعمقت الشرذمة وَفََتَّتْ المُفَتَّتْ وَجَزّأتْ المُجَزّأ ...
إن الحركة الإسلامية ما زالت تؤمن بأن الحل الأمثل بعد الذي جرى في المدينة من وفاق غير مسبوق يجعل من جميع الأطراف والأطياف شركاء حقيقيين في قيادة البلد وحمل همها ، هو في أن تتبنى القوى السياسية والحمائلية ما اقترحته الحركة الإسلامية من ضرورة تداول السلطة سِلْماً ومن خلال وفاق شامل يضمن لكل الكفاءات والقدرات في المدينة أن تأخذ دورها في بناء المدينة بعيدا عن الصراعات الانتخابية كل خمس سنين ، والتي ثبت بالممارسة أنها ما ساهمت في تعزيز السلم الأهلي والعمل البلدي الرصين وترسيخ قيم العدالة والمساواة بالشكل الذي يحض عليه الإسلام الحنيف ..
إنني إذ أبارك لكفر قاسم هذا الاتفاق ، فإنني أبارك أيضا باسمي وباسم الحركة الإسلامية القطرية والمحلية للأستاذ نادر صرصور وتحالفه بمناسبة انتخابه رئيسا لكل كفر قاسم ، كما وأسجل شكري الشخصي وشكر الحركة الإسلامية للأستاذ عبد الوهاب عيسى على قراره الشجاع والذي لم يستجب لنداءات من حَرَّضَ على الاستمرار في المواجهة ورفض المهادنة والموادعة حسبما جاء في بيان ائتلاف الوفاق الأهلي الصادر  يوم 17.11.2008 ،وأدعوهما للتخلص من بقايا الولاءات العائلية السلبية ، وجعل هذا العرس الأخلاقي من نصيب الجميع وليس من نصيب ( قطبين ) مهما كانت الدوافع والمبررات،لأن هذا سَيُبْقي الفرحةَ الفريدةَ ناقصةً في الوقت الذي من المفروض تحويل هذه اللحظة التاريخية إلى مشروع إصلاح شامل. 
أتمنى لكفر قاسم مزيدا من الازدهار والتقدم والرقي والسعادة في الدنيا والآخرة ، كما ونعلن عن وضع كل إمكاناتنا وخبراتنا في خدمة القيادة الجديدة من اجل مواجهة التحديات والمخاطر التي تحيق ببلدنا وأهلها في أكثر من مجال وعلى أكثر من صعيد ..
أُذَكِّرُ بهذه المناسبة ومن خلال جريدة الميثاق ، الرئيس المنتخب الأستاذ نادر صرصور بأهمية هذه اللحظة التاريخية الفريدة من نوعها والتي تضعه أمام مسؤوليات جسام ومَهامِّ عظام سيكون لها ما بعدها ، وأدعوه إلى أن يَقْدِرَها حق قَدْرِِِها ...
لقد شاءت الأقدار أن يختارك – يا أستاذ نادر - لحمل أمانة المرحلة فلتتق الله سبحانه ، ولتعلم أنه سائلك عنها : أأديت أم ضيعت !!! ولتعلم أن المرءَ لَيَفْرَحُ بالشيء الذي لم يكن ليفوته ، ويحزن على الشيء الذي لم يكن ليُصيبَهُ ، فلا يكن أفضل ما نِلْتَ في نفسك من دنياك بلوغَ لَذَّةٍ ، أو شِفاءَ غََيْظٍ ، ولكن إطفاءَ باطل ٍ ، أو إحياءَ حَقِّ ، وليكن سرورك بما قَدَّمْتَ ، وأسَفَكَ على ما خَلَّفْتَ ، وهمك فيما بعد الموت ...

ثنائية الانتخابات الإسرائيلية والحرب على الفلسطينيين ...
المتتبع للجولات الأخيرة لانتخابات الكنيست الإسرائيلية وعلاقتها بالحرب على الفلسطينيين ، يكاد يلمس علاقة مباشرة بينهما إلى درجةٍ باتت هذه الانتخابات نذير تدهور حتمي في العلاقة غير المتكافئة بين المحتل الإسرائيلي والشعب الفلسطيني ...
هنالك طريقان يسلكهما المرشحون الإسرائيليون من اجل الوصول إلى قناعات الناخبين ، وبالتالي إلى أصواتهم ...
أولهما : التنافس الشرس في تبني السياسات المتطرفة والعنصرية ضد الأقلية القومية العربية في إسرائيل وضد الشعب الفلسطيني وقضيته . نلحظ ذلك واضحا من خلال التصريحات الإعلامية لأغلبية أعضاء البرلمان ومن شايعهم من التنظيمات والمرجعيات اليهودية الدينية والقومية الأصولية ، ومن خلال الممارسات العدوانية على الأرض والتي تقودها عصابات يهودية منظمة تحركها جهات ظلامية وقيادات متنفذه  تنشر سموم الكراهية والفاشية في كل مكان داخل إسرائيل وفي فلسطين ... كما نلحظ ذلك في الكم الهائل من القوانين العنصرية التي صادقت عليها الكنيست السادسة عشرة ، والتي وقف وراءها سباق محموم بين الأحزاب اليهودية ، والتي تستهدف أساسا الوجود العربي وقياداته في الداخل ، كما تستهدف شعبنا الفلسطيني في قضاياه الكبرى وفي حقوقه المشروعة : الأرض والإنسان والمقدسات والمقدرات ...
وثانيهما : الاستعداد ألغرائزي لدى القيادات الإسرائيلية في شن الحرب وسفك الدماء وإزهاق الأرواح ، وانتهاك الحرمات وتعريض امن الشعبين للخطر ، كجزء من حملة الدعاية في الانتخابات التشريعية .
لا يمكن لحَصيفٍ إلا أن يلتقط هذه الحقائق التي تتكرر في كل انتخابات ، والتي تؤكد دائما أن الساسة الإسرائيليين لا تهمهم القضايا الوطنية ولا الأمن القومي ، بقدر ما يهمهم تأمين وصولهم إلى كرسي الحكم ولو على حساب أشلاء الشعبين ، مع أن الحقائق التاريخية تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الخاسر الأكبر في مثل هذه المواجهات هو الشعب الفلسطيني ... 

ولكن ، لماذا يشعر القيادي الإسرائيلي ، وهو يشن حربه الضروس المدمرة لكل أمل في التهدئة والسلام ، بالاطمئنان التام وهو يرتكب جرائمه هذه  وكأنه بذلك يلبي رغبة جامحة لدى أغلبية الرأي العام الإسرائيلي ... هل يعني ذلك أن الحرب والعدوان هي الأصل لدى الإسرائيليين قادة وشعبا ، وما الحديث والقبول بمقدمات السلام إلا خطوات تكتيكية يستدعيها هؤلاء من اجل إعادة ترتيب الصفوف وتجاوز حَرَجٍٍ دولي ، سرعان ما يتم تجاوزه لتعود السياسة الإسرائيلية إلى وضعها الطبيعي فوق القانون والشرعية والأعراف الدولية ...
أمام هذا الوضع لا بد أن نصارح أنفسنا وإخوتنا في فلسطين المحتلة : لا أمل في مواجهة التحديات والتقلبات المزاجية في السياسة الإسرائيلية والتي غالبا ما تأتي على حساب القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية  ، إلا من  خلال السعي الحثيث والجاد نحو تجاوز أزمات الحاضر التي بدأت تهدد هي أيضا مستقبل القضية ، والدفع في اتجاه وحدة الصف والكلمة على قاعدة لا غالب ولا مغلوب ، نُقَدِّمُ فيها المصلحة العليا على كل مصلحة وخصوصا المصلحة الفئوية والفصائلية ... هذا الهدف المقدس يدعونا إلى تعزيز الثقة المتبادلة وطمأنة كل الأطراف وإبعاد شبح الاستئصال والإقصاء ، والاحتكام دائما إلى الإرادة الشعبية بعيدا عن التزييف والتضليل والديماغوغيا ، حكما عدلا في الفصل في كل الخلافات وحسم كل النزاعات ..

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.73
USD
4.02
EUR
4.67
GBP
227138.61
BTC
0.52
CNY