الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 04 / ديسمبر 08:02

"إبراهيم" المسلم و"أبراهام" اليهودي في اتفاقيات التطبيع

احمد حازم

احمد حازم
نُشر: 25/07/21 12:18,  حُتلن: 14:27

يخطيء من يطن أن إطلاق اسم "أبراهام" على اتفاقيات التطبيع الأخيرة بين الإمارات والبحرين وإسرائيل هي حالة جديدة أو هي وصف جديد للإتفاق. فالإتفاقية التي جرت في كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في العام 1978برعاية أمريكية وبالتحديد بإشراف الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ورد فيها اسم "إبراهيم". ففي الخطاب الذي ألقاه كارتر في حفل حفل توقيع الاتفاق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، قال كارتر:" دعونا الأن نكافئ كل أبناء إبراهيم المتعطشين إلى اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط".
أما الرئيس الأمريكي بيل كلينتون فقد توسع أكثر في تعريف (إبراهيم) خلال رعايته لاتفاق أوسلو الذي رفضه الكثير من القادة الفلسطينيين ومن بينهم الصديق القائد الغلسطيني بسام أبو شسريف رغم أنه كان المستشار السياسي الخاص للراحل ياسر عرفات. وخلال حفل توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993 قال كلينتون "إنَّ أبناء إبراهيم أي نسل إسحق وإسماعيل انخرطوا في رحلة جريئة، واليوم حقاً بكل قلوبنا وأرواحنا نقدم لهم السلام".
الأردن، وكما يبدو رأى نفسه مضطراً على اتخاذ خطوة مماثلة للخطوة الفلسطينية، فذهب هو الآخر لعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل ما دامت منظمة التحرير صاحبة العلاقة قد أبرمت هذه الإتفاقية. ففي العام التالي أي مباشرة بعد اتفاق كامب ديفيد، وقع الأردن اتفاق سلام مع إسرائيل في وادي عربة عام 1994. والغريب في الأمر أن العاهل الأردني وقتها الملك حسين تطرق أيضاً إلى (إبراهيم) حيث قال في خطابه الذي ألقاه في هذه المناسبة:"سوف نتذكر هذا اليوم طيلة حياتنا لأجل أجيال المستقبل من الأردنيين والإسرائيليين والفلسطينيين وكل أبناء إبراهيم".
لكن الرئيس الأمريكي السابق المنهزم ترامب الذي جلب مصائب للعالم ولا سيما للفلسطينيين خلال فترة رئاسته، كأن أكثر جرأة ووضوحاً من الجميع، ولنقل أكثر وقاحة. فلم يتحدث عن أبناء إبراهيم ونسل اسماعيل وإسحاق، لأن اتفاقية التطبيع بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والتي تمت في سبتمبر عام 2020 أطلق عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (اتفاق ابراهام).
يقول الباحث الدكتور وليد القططي في تحليل له :"أن الفكرة الإبراهيمية برزت بعد وصول إسرائيل إلى ذروة قوتها العسكرية والدعم الغربي لها، وإدراك قادة الغرب والصهيونية أنَّ ذلك غير كافٍ وأن الأمر يتطلب تغييراً عميقاً يكون الدين أحد مكوناته، فجاء التطبيع الثقافي لترسيخ وجود إسرائيل في عقول وقلوب العرب بعد ترسيخ وجودها على أرض الواقع".
إذاً هذا يعني، أن اتفاقات إبراهيم وكل النشاطات السياسية التي تتم باسم ابراهيم هدفها تثبيت وحود إسرائيل. ولذلك يقول الدكتور القططي في تحليله أيضاً:" أن الفكرة الإبراهيمية بوتقة لصهر الأديان السماوية الثلاثة لينتج منها ثقافة جديدة تسمح بالتعايش مع إسرائيل كدولة مركزية في المنطقة، وتسمح بالتعايش مع أمريكا كدولة مهيمنة على المنطقة، وفق مفهومي السلام الإسرائيلي والإسلامي الأمريكاني".حتى أن زيارة البابا فرنسيس للعراق في شهر مارس /آذار الماضي كان هدفها يتركز على الصلاة الإبراهيمية في مدينة «أور» الأثرية التاريخية.
الدكتورة المصرية هبة جمال الدين تتحدث في دراسة لها حول الإبراهيمية كدين جديد يعيد رسم الخريطة السياسية في الشرق الأوسط، عن وجود عدد من المفكرين والسياسيين تطرقوا لهذا المشروع الإبراهيمي، وكل ما تم تقديمه من دراسات وأبحاث ومقالات قدم من زاوية التآمر الاستعمارية، وهو ليس بجديد في العلاقة بين الشرق العربي الإسلامي والغرب على العموم، واتفاقية سايكس ـ بيكو ووعد بلفور وسان ريمو.
وهناك العديد من السياسيين الذين أشاروا للفكرة الإبراهيمية مثل هيلاري كلينتون التي عملت منذ عام ٢٠١٣ على تسويق هذه الفكرة والرئيس باراك أوباما وعدد من أقطاب السياسة الدولية في العالم مثل توني بلير، وجاء البابا ليتوج الفكرة بصلاة أسماها الإبراهيمية.
تقول صحيفة "الوطن" العمانية :"أن فكرة الإبراهيمية بدأت تتشكل في أروقة السياسة الدولية، من خلال عدد من المؤسسات البحثية على رأسها لجنة الإبراهيمية في جامعة هارفرد كبرى الجامعات العالمية والمرتبطة مع مراكز القرار السياسي في العالم كالخارجية الأميركية والبنك وصندوق النقد الدوليين، إضافة إلى عدد من المؤسسات العالمية كمعهد الحرب والسلام وجامعة فلوريدا وغيرها لتقديم الفكرة بكل تفاصيلها خدمة للمشروع الاستعماري في المنطقة".
ومهما يجري وراء الكواليس من خطط تآمرية على القضية الفلسطينية من الغرب والصهيونية وعرب التطبيع، فالشعب الفلسطيني يقف دائماً لهم بالمرصاد، وفشل صفقة القرن التي هي جزء من مؤامرة الإبراهيمية خير مثال على صحوة الشعب الفلسطيني.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة