الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 09:02

مدرسة ابناء العشائر العثمانية بئر السبع 1914م- الأستاذ يوسف فوزي كنانه

الأستاذ يوسف فوزي
نُشر: 29/07/21 00:40

يؤدي التعليم دورا فعالا في توثيق تاريخ الامم وثقافات الشعوب ، ويحميها من الاندثار . يؤطر شخصية المجتمع الاجتماعية والفرد في ان واحد ، فالتعليم هو المحرك الاساسي في تطور الامم وتقدمها، فبالعلم نشأت الحضارات وتقدمت الحياة في جميع المجالات ، فكلما زاد اهتمام الدولة والمجتمع بالتعليم و مستواه ، زادت درجة نموه ونهضته وتقدمه . فقد حث الله – تعالى – على العلم والتعلم في القران الكريم في اكثر من موضع ، فكانت اول كلمة في القران الكريم هي كلمة ( اقرا ) – في قوله تعالى – في سورة الفلق : - ( اقرا باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * اقرا وربك الاكرم * علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم ) وفي قوله تعالى ( يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات ) [ المجادلة اية 11 ]

فالناظرالمتامل والدارس الباحث المتعمق والمتعقب في تاريخ المدارس في فلسطين فانه سيجد دونما عناء ان هذه البقعة الجغرافية العربية والتي تبلغ مساحتها 27009 كم مربع كانت حتى ما قبل الحرب العالمية الاولى 1914/ 1917 بكم هائل من المدارس و الاصرحة التعليمية والتربوية الدينية العريقة التي تروي وتشهد على التاريخ الحضاري الراقي لأرض الرباط ،
ففي هذه المقالة لنا ك لمات عن احدى ابرز المدارس الفلسطينية العريقة هي مدرسة ابناء العشائر في مدينة بئر السبع ، في شمال النقب.( والتي بصمود بنيانها جاءت لتكون خير دليلا على ان فلسطين كانت ارضا و شعبا ).
الموقع الجغرافي _ تقع المدرسة في الجهة الغربية من مدينة بئر السبع القديمة ، شمالي مبنى السرايا في شارع العشرين سابقا . الذي هود اسمه لرحوب هعتسمئوت .
يعود تاريخ فكرة اقامة مدرسة ابناء العشائر الى سنة 1908 وذلك باقتراح وبمبادرة كل من حاكم اللواء العثماني اصف بيك الدمشقي وعارف العارف رئيس بلدية بئر السبع آنذاك . وجاء هذا المشروع التربوي ليخدم منطقة النقب وجنوب فلسطين التي كانت تفتقر الى وجود مؤسسة تربوية تعليمية تحتضن ابناء المنطقة ، ونتيجة توفر الاموال الكفيلة تم افتتاح المدرسة ( التي بنيت من الحجارة والتي تتميز نمط هندستها المعمارية بالطابع التركي وجود الاقواس في الشبابيك والابواب ) . في سنة 1913 . والتي تقع على مساحة سبعة عشر دونما ، وتتكون البناية من طابقين السفلي كان يحتوي صفوف الطلاب الذكور بينما الطابق العلوي الذي كان ذا مدخل خلفي منفرد وخاص ، خصص للطالبات .
تشير الوثائق التاريخية المعتمدة والموثوقة ان مدرسة ابناء العشائر بقيت مؤسسة تربوية حتى دخول الدولة العلية العثمانية الحرب العالمية الاولى في تشرين الثاني سنة 1914 ، اذ اضطر الباب العالي لتجميد عمل المدرسة وتحويلها لتكون كمشفى عسكري يخدم الجيش العثماني ،
ولما وضعت الحرب العالمية اوزارها ال الامر للبريطانيين على فلسطين الذين بدورهم اعادوا نشاط المدرسة ، التي ركزت بالاهتمام على تعليم الزراعة لأجل تطويرها ولجعل منطقة النقب الشاسعة لتزخر بالزراعة ولا تبقى معتمدة على تربية المواشي فقط . فحتى نهاية الحقبة الانتدابية البريطانية كانت المدرسة تحتضن حوالي 300 طالب ، مما اضطر الجهات المختصة بنقل الطالبات للتعلم في مبنى اخر مجاورا .
غيرت ليلة العشرين من تشرين الاول سنة 1948 / كل شيئ في بئر السبع ، فقد ضاعت المدينة هجر اهلها عنها عنوة وسرقت مؤسساتها ومن بينها المدرسة التي حولها الاسرائيليين لتكون مقر الجندي الاسرائيلي ، حيث ان الطابق السفلي اتخذه الاسرائيليين ليكون كغرف تدريبات لياقة بدنية للجنود اما الطابق العلوي فقد حول كمسكن للجنود ، وفي سنة 2013 ، تقرر تحويل المينى ليصبح متحف للعلوم يحمل اسم كاراسو .
اجمالا ان هذا المبنى جاء ليكون خيرا شاهدا يروي تاريخ وحضارة شعب يزخر بالرقي وليس كما يدعي مزيفي التاريخ ان فلسطين ارضا بلا شعبا .

 * الأستاذ يوسف فوزي كنانه-ماجستير بالعلوم السياسية وتاريخ الشرق الاوسط، جامعة حيفا

مقالات متعلقة