في اليومين الأخيرين لفت نظري خبر في غاية الأهمية (حسب رأيي). خبر لا يتعلق بميزانية الحكومة التي تأخر إقرارها ثلاث سنوات، ولا يتعلق بتبرير عيساوي فريج دعمه للمثليين، ولا يتعلق بفضيحة جديدة للإىتلاف الحاكم ولا بحكومته. الخبر يتعلق بموضوع إنساني رغم جوهره السياسي. النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة بعث الأحد الماضي برسالة مستعجلة إلى وزير الأمن الداخلي ومصلحة السجون، طالبهما فيها "بإخراج فضيلة الشيخ رائد صلاح من العزل الانفرادي في سجنه، ووقف سياسة التضييق عليه من خلال منعه من أبسط حقوقه كسجين سياسي في سجن رامون الصحراوي المعروف بقسوة ظروفه".
وكان المحامي خالد زبارقة أحد أفراد طاقم المحامين المدافعين عن الشيخ رائد، قد صرح في شهر يونيو/حزيران الماضي بعد لقائه شيخ الأقصى في سجنه، "بأن الشيخ رائد صلاح معزول في ظروف قاسية في سجن رامون بصحراء النقب، وأن الاحتلال يمارس تضييقاً أكبر عليه في العزل الانفرادي في الآونة الأخيرة".
فضيلة الشيخ ، واستناداً إلى المحامي زبارقة، كان قد تقدّم بطلب لنقله إلى سجن في منطقة الشمال، نظراً لظروف سجن رامون القاسية والتعسف الممنهج الذي يمارس على الشيخ وخاصة في الآونة الأخيرة بالإضافة الى الأجواء الحارة في النهار والباردة في ساعات الليل.
ولذلك طالب النائب أيمن عودة في رسالته بنقل الشيخ رائد الى سجن اقرب لمكان سكناه حتى تتمكن عائلته من زيارته دون مشقة، وإن كان الأصل أن السجن برمُته ظالم بحق الشيخ رائد صلاح. إدارة سجن رامون تمنع الكتب والصحف عن سجين سياسي وهذا أسلوب قمعي عنصري لا تمارسه سوى الأنظمة الدكتاتورية. والمشكلة أن إسرائيل تدعي بأنها ديمقراطية. فهل منع الكتب والصحف عن سجين يندرج في إطار الديمقراطية؟ والجواب نعم في ديمقراطية إسرائيل.
من ناحية مبدئية وأخلاقية، فمن الحق توجيه كلمة شكر لرئيس القائمة المشتركة أيمن عودة على اهتمامه بفضيلة شيخ الأقصى. لكن السؤال الذي يراودني يتكون من شقين: لماذا لم يتم تقديم الطلب باسم القائمة المشتركة ككتلة برلمانية؟ هل هناك مثلاً جهة غير معنية بتقديم الطلب؟ والشق الثاني لماذا لا يتم الإهتمام بموضوع الشيخ رائد من كافة النواب العرب على الأقل نواب المشتركة والموحدة، خصوصاً أن الموضوع لا يتعلق بمشروع قرار للتصويت عليه؟
هذا لا يعني أني أبرر ابتعاد عرب "ميرتس" و "العمل" لأنهم في حزبين صهيونيين، لأن الواجب (الأخلاقي) عليهم كممثلين عن المجتمع العربي الإهتمام بموضوع سجن الشيخ رائد كونه حالة في غاية الأهمية للمجتمع العربي. لكني أوجه اللوم والعتاب بالدرجة الأولى للأقربين ومن ثم لعرب الإئتلاف الجيدين.
الشيخ رائد تعرض في حياته للكثير من الإعتقالات التعسفية. وكانت أولى محطات اعتقاله في العام 1981عندما كان شاباً في الثالثة والعشرين من العمر، حيث فرضت عليه الجهات الإسرائيلية المعنية الإقامة الجبرية لعدة أشهر وذلك بتهمة زعمت فيها الجهات المذكورة أن الشيخ ينتمي إلى منظمة محظورة اسمها"أسرة الجهاد". ومن وقتها ظل الشيخ تحت مجهر السلطات الإسرائيلية التي تستمر في ملاحقته بين فترة وأخرى، وكأنها لا هم لها في المجتمع العربي سوى فضيلة الشيخ.
لكن هذه الملاحقة لم تثن الشيخ عن عزمه على مواصلة النضال، خصوصاً بعد انتشار اسمه كقائد إسلامي وأعني كقائد لمشروع إسلامي لفلسطينيي ألـ 48 ولا سيما بعد تفرغه بشكل كامل للقدس والأقصى. ولا ننسى أن الذي أزعج السلطات الإسرائيلية إطلاق فضيلة الشيخ مشروع ""الأفصى في خطر"، حيث تضمن هذا المشروع تسيير حافلات "البيارق" إلى القدس، وإقامة جمعيات لدعم الأقصى وتعزيز صمود أهل القدس.وأيضاً إقامة مهرجان نصرة الأقصى.
موقف آخر في غاية الأهمية أفقد السلطات الإسرائيلية عقلها، بعد الاعلان عن انشقاق الحركة الإسلامية، وتولى الشيخ رائد رئاسة "الجناح الشمالي" حيث أعلن القائد الجديد للحركة الإسلامية رفضه رفضاً قاطعاً المشاركة في انتخابات الكنيست. واستمرت نشاطات الشيخ بشكل مكثف في السنوات التالية من أجل القدس والأقصى معلياً وعربياً ودولياً، الأمر الذي دفع بالسلطات الإسرائيلية إلى حظر احركة الإسلامية الشمالية ومواصلة ملاحقة الشيخ رائد الذي يقضي الآن محكومية بعزل انفرادي في سجن رامون الصحراوي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com