قرأت أول أمس خبرين لفتا انتباهي لغرابتهما. الخبر يقول أن حديقة الحيوانات في مدينة "إنتويرب" ثاني أكبر مدينة في بلجيكا بعد العاصمة بروكسل، لها قصة تدعو للدهشة. فقد قامت إدارة الحديقة بمنع زائرة كانت تتردد أسبوعياً على الحديقة لرؤية شمبانزي مقضل لديها. إدارة حديقة الحيوانات أخبرت الزائرة بأن قراراً صدر بمنعها من رؤية الشمبانزي "تشيتا" الذي يبلغ من العمر 38 عاماً. الزائرة لم تتقبل القرار وذهبت تشتكي للصحافة أولاً لعل الحديقة تتراجع عن قرارها. وقالت للصحافة:" أحب هذا الحيوان، وهو يحبني وأنا أزوره مرة كل أسبوع منذ أربع سنوات، وأن ما يجمعنا هو علاقة حقيقية أشبه بعلاقةغرامية".
الخبيرة في علم الحيوان، ساره لافوت، المشرفة على مجموعة الثدييات في حديقة الحيوانات المذكورة، قالت رداً على ما ذكرته "عاشقة الشمبانزي" إن الزوار عندما يحيطون بـالشمبانزي (تشيتا) طوال الوقت، تتجاهله الحيوانات الأخرى ولا تعتبره جزءاً من المجموعة. ونتيجة لتفاعلات "تشيتا" مع (صديقته) وزوار آخرين، يمضى كل وقته منعزلاً ومنبوذاً تماماً من أفراد فصيلته.
المتحدثة باسم حديقة الحيوانات في أنتويرب كانت أكثر صراحة، عندما قالت إن العاشقة مسموح لها بزيارة المكان، لكن بشرط تغيير سلوكها عندما تتفاعل مع "تشيتا". المنحدثة أوضحت أيضاً انها شخصياً طلبت من "المغرومة" بٍ "تشيتا" أن لا تبقى معه فترة طويلة. ولكن لماذا هذا الطلب؟ والجواب مقنع تماماً. لكي لا تأسر العشيقة انتباه الشمبانزي من أجل أن يبقى جزءاً من مجموعة الشمبانزي قدر الإمكان.
الغريب والمستهجن في نفس الوقت أن الزائرة هي شاعرة، فقد أخبرني صديق لي مقيم في بروكسل وكنا قد قمنا في السابق مع بعض بأكثر من زيارة لمدينة إنتويرب التي يسمونها مدينة الألماش... أخبرني خلال مكالمة هاتفية بأن هذه العاشقة نظمت فصائد في علاقتها مع تشيتا. تصوروا أن هذه الشاعرة البلجيكية وظّفت مشاعرها وأحاسيسها ل،(قرد) من نوع شمبانزي. والسؤال المطروح هلى حدث ذلك بسبب عدم وفاء الرجل؟ أم انطلاقاً من تجربة غرامية بعيداً عن الجنس الخشن؟
لكن ذا كان السبب هو لفت الانتباه إلى اسمها كمحاولة للإقبال على شراء دواوينها الشعرية، فأنا لا أنصح شاعرات آخر زمان أن يسرن على نهجها، لأنه حتى الشمبانزي سيرفض الكثيرات منهن.
الخبر الثاني مثير للدهشة أيضاً، لكنه يظل أحسن من خبر قتل. فقد ورد في الخبر أن لافتة تم وضعها على ضفّة نهر ياكوبسيلفا، الذي يفصل بين حدود النرويج وروسيا (في الجانب النرويجي) تحمل جملة تدعو للإستغراب في مفهومنا كعرب. هذه اللافتة مكتوب عليها باللغتين الانكليزية والنرويجية:" يحظر على السائحين التبوّل في اتجاه روسيا". علماً بأن هناك لا فتة أخرى تلفت نظر السائحين إلى وجود كاميرات مراقبة في الحدود وحماية من حرس الحدود النرويجي.
المفوّض النرويجي المسؤول عن حراسة الحدود ينس-آرنيه هويلوند، ذكر أن "اللافتة وضعت لتحذير العابرين في المنطقة من ارتكاب سلوك مسيء"، ولكن ماذا سيحدث لو أن سائحاً تجاهل التحذير "وعملها" وضرب بالحائط وجود اللافتة. المخالفون يواجهون غرامة قد تصل إلى ثلاثة آلاف كرونة (قرابة 350 دولاراً أميركياً).
المسؤول هويلوند أوضح أن "التبول في الطبيعة ليس بحدّ ذاته أمراً مسيئاً، لكن المسألة هنا تقوم على وجهة نظر، وتندرج في إطار القانون الذي يحظر أنماط السلوك المسيئة عند الحدود، ويمنع القانون النرويجي أي سلوك مسيء عند الحدود إزاء الدولة المجاورة المعنية أو سلطاتها". يعني "إعملها" في أي اتجاه ولكن ليس باتجاه بلاد لينين. حتى أن المسؤول النرويجي ذكّر بوجود اتفاقات راعية لعلاقات الجوار بين روسيا والنرويج. ويبدو أن "عدم التبوّل باتجاه منبع الشيوعية من ضمن الاتفاقات، علماً بأن روسيا، وحسب المسؤول لم تشتك يوماً من كثرة المبولين باتجاهها.
الأمر المضحك، وحسب موقع "بارنتس أوبزرفر" فإن أربعة أشخاص قد أوقفوا قبل فترة على يد حرس الحدود النرويجي، ليس لأنهم "عملوها" بل لأنهم قاموا برمي حجارة باتجاه روسيا، وما يدعو إلى السخرية والضحك في نفس الوقت، أن الجانب الروسي خال من أي لافتة أو لوحة تتعلق بنفس الموضوع، كما في الجانب النرويجي، مما يعني أنه بإمكان رفاق بوتين التبول حتى باتجاه "الكرملين".
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com