تجد في دولة الكيان الصهيوني الكثير الكثير من الإغراق في العنصرية والتطرف الديني، وما يسمى أيضًا (القومي!) الأعمى، والذي يدعم الإرهاب الصهيوني عامة، ومن المستعمرين/المستوطنين خاصة، ويبرّره بصيغ لا تخيل أو تنطلي على أي طالب للحرية في العالم، بل وتعمد هذه الأوساط اليمينية (في الجيش ولدى الحاخامات المتطرفين، والسياسيين) الى استغلال خرافات توراتية لم تثبت قط حول الأرض، او باستغلال معالم عربية فلسطينية كنعانية بالبلاد لاستخدامها في آلية تجريف الذاكرة العربية الفلسطينية، وإحلال ذاكرة (ورواية) جديدة تغرف من خرافات وأساطير لم تجد لها في ذرة رمل واحدة أية مصداقية.
السعي العنصري واليميني الصهيوني لاستبدال الذاكرة والرواية الوطنية والعربية يترافق مع إحداث متغيرات داهمة على الأرض والشجر ونوع الحيوانات في البلاد، وبالطبع في تسييد الثقافة الصهيونية الاستعمارية المتماهية بأجزاء كبيرة منها مع الفكر الاستعماري الغربي القديم، وهي بذلك أي بعملية الاحلال والاستبدال بالقوة بمجالاتها المختلفة في الأرض والانسان والفعل والذاكرة تفترض الانتصار والديمومة للكيان، وهم واهمون
الفكر الصهيوني الاحتلالي الإحلالي والعنصرية الصهيونية (الابارتهايد) قطعاً الى زوال، كما الحال في زوال الاستعمارالغربي اللئيم، والاحتلال عن كاهل كل شعوب العالم مهما طال الزمن.
لن ينفع العنصري المدجج بالسلاح تكريسه اليومي لمعدلات القتل، أو الأسر أو هدم البيوت أوتغيير المعالم الترابية لفلسطين، اوالمعالم الثقافية فإحداثاته طارئة تمامًا مثل الأشجار الحرجية التي استوردوها منذ العام 1948 ليغيروا طبيعة الغطاء النباتي في فلسطين، فلم تصمد امام الحرائق في حيفا وغيرها، وتمامًا مثل الأماكن التي تم تغيير أسمائها في النقب الفلسطيني فلم تبق حفرة او عطفة جبل أو واد او تلة او مجرى او سفح الا وأعطوه إسمًا عبريًا غريبًا! لن يتكلم مهما تم ترداده لغة البلاد الأصلية التي ستمحوه كما تمحو رمال الصحراء آثاره أقدامهم.
القلة القليلة مما يسمى اليسار الإسرائيلي أو التقدمي تسير عكس التيار، وتجد احياناً في صحيفة هآرتس (الأرض) من هؤلاء مَن يطل برأسه ليقول قولته كما قالها قبلهم المفكر التقدمي إيلان بابيه، وشلومو ساند أوجدعون ليفي وعميرة هاس وأمثالهم من القِلة التي تنصف نفسها وتنصف فلسطين والشعب الفلسطيني.
ومؤخرا ومن على هآرتس صدح ابن شرتوك (موشى شاريت) أول وزير خارجية للكيان ليصرخ منذرًا سكان فلسطين من اليهود أن الظلم لا يدوم.
قال يعقوب (ياكوف) شاريت في لقائه مع (هآرتس) في 16/9/2021 ونقتبس:
"بمرور الأجيال يتبخر الالتزام الأيديولوجي الصهيوني.. يفهم الناس أن هناك أماكن أفضل ليربوا أطفالهم ويعيشوا فيها. في كل مكان هناك مشاكل، الحياة نفسها مشكلة، لكن إسرائيل لديها مشاكل وجودية".
"هل رأيت في أي مكان في العالم توافق فيها الأغلبية على الاستسلام لـغزو أجنبي؟".
"تحول الأغلبية العربية إلى أقلية والأقلية اليهودية إلى أغلبية يعد أمرا غير أخلاقي".
"أشعر بخيبة أمل من مصير الشعب اليهودي الذي قسمنا إلى قبائل. كما أنني أشعر بخيبة أمل من طبيعة الدولة. عندما أرى رئيس الوزراء في "إسرائيل" يعتمر القبعة الدينية (كيباه) على رأسه لا أشعر أنني بحالة جيدة. هذه ليست "إسرائيل" التي أريد أن أراها".
ويقول عن الكيان مستهزئا "إنها الدولة الوحيدة التي تعمل على زيادة عدد سكانها ويتساءل من سمع عن مثل هذا الشيء؟ أن يقنع المبعوثون الناس بالمجيء والعيش في "إسرائيل"؟ ألا يوجد ما يكفي من الناس والاختناقات المرورية هنا؟"
وجدير بالذكر أنه في عام 1988 أصدر شاريت كتابه "دولة إسرائيل زائلة" وعلى الغلاف يظهر إشعار وفاة بالعبرية. وتعلق الصحيفة (هآرتس) : "إن ابن الرجل الذي وقع "وثيقة استقلال إسرائيل" عام 1948 ينهي أيامه كـمناهض للصهيونية ويعارض الهجرة إلى "إسرائيل"، ويشجع على الهجرة منها، ويتنبأ بأيام مظلمة لها مؤكدا أن "إسرائيل" والمشروع الصهيوني ولدا في الخطيئة ويضيف "هذه الخطيئة الأصلية تلاحقنا وستلاحقنا وتعلق بنا. نحن نبررها وأصبحت تشكل خوفا وجوديا يعبر عن نفسه بشتى الطرق. هناك عاصفة تحت سطح الماء" والى ذلك فهو يرى بنفسه "متعاونا رغمًا عنه مع دولة إجرامية".
ورغم اليوم الأسود القادم للصهيونية، والعاصفة تحت سطح الماء فمازال من بين أبناء جلدتنا (أي العرب) من يفخرون بأن يجعلوا أنفسهم أحذية تدوسها أقدام أصحاب اليوم الأسود. وفي جميع الأحوال فلسطين باقية والأرض تعرف أبناءها، والنصر قادم.