الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 27 / نوفمبر 16:02

وعد الاخرة افاق وتأمل واستقراء/ بقلم: سميح خلف

سميح خلف
نُشر: 01/10/21 18:01,  حُتلن: 22:24

لا اجد امام حالة الجدل التي صاحبت انعقاد مؤتمر لحماس تحت عناوين "وعد الاخرة" الا ان اكتب ما يجول في افكاري ووجهة نظري تحت متجهات هذا العنوان التي قد استند فيها لوقائع تاريخية واستند ايضا لاقوال ابو جهاد "خليل الوزير" حول تصوره لمستقبل الارض الفلسطينية "التاريخية".

اولا: كانت وجهة نظر الشهيد الراحل خليل الوزير عندما سأله احد اعضاء وفود عربية كيف ستحررون فلسطين واسرائيل هزمت جيوش عربية وتمتلك في ذاك الوقت اكثر من 80 رأس نووي ؟!

ابتسم ابو جهاد بابتسامته المعهودة قائلا يا عزيزي مستقبل الارض الفلسطينية يحسم على أرض فلسطين وليس من خارجها اذا ما نظرنا للمكون الثقافي والاجتماعي لمحتويات هذا الكيان واريد ان اوضح هنا ان هذا السلاح والتكنولوجيا سيكون هو ملك الشعب الاكثر ارادة والاكثر تماسكا وهو ملك الذي يحسم الارض بالقوة ونحن نمتلك هذا الخيار التاريخي لطبيعة السيكولوجيا والديموغرافيا الفلسطينية التي لها عمق عربي و هنا لا استند الى انظمة ولكن استند الى قوى حيه تساند الشعب الفلسطيني بالفطرة وقوى اخرى ولو كانت قليلة من النخب.

هكذا كانت وجهة نظر ابو جهاد الذي عمل عليها على الارض، فبعد الخروج من مخيم البداوي ونهر البارد تفجر خلاف مع نهج التسوية ادى في بعض الحالات الى ان يكون تفجير عسكري واقتتال وهذا موضوع اخر يمكن سرده بالاسماء ايضا ولكن ما استنتجته من توجهات ابو جهاد حول قضيتين اساسيتين يتبعهما ثالثة حين اعطى توجه في عام 1985 للبحث في قضيتين:

1 – كيف نحقق وحدة الشعب الفلسطيني

2 – كيف نحقق الحُلم الفلسطيني و كيف يمكن ادارة المناطق المحررة في حين تحريرها؟

اعتمد ابو جهاد في عملية استقرائية واجرائية ايضا لحُلم ممكن ان يتحقق بالتفكير المسبق و هنا اعتقد ان التفكير المسبق في الازمة والمشكلة ووضع حلول لها يختلف عن التفكير في وسط و خلال الازمة او المشكلة.

بعد سنوات قليلة من انطلاقة الثورة شكك الجميع في امكانية تحرير فلسطين رغبة من ذوي النفس القصير و بالتالي اخذوا بالخيار السياسي والاطروحات الدولية قافزين عن قرارات الشرعية الدولية في توثيق لوجود هذا الكيان المارق العابث ولحقوا بشنطة فيليب حبيب والخيار الامريكي وهذا المشهد يحتاج لعشرات الاوراق البحثية لماذا؟ و كيف؟ و الى اين وصلوا بالشعب الفلسطيني وبالقضية الفلسطينية.

قطعا ان لا ادافع عن فصيل ولكل فصيل له ما له وعليه ما عليه ولكن في النتاج نحن بشكل وطني نبحث من هو الاقرب للمنطق الوطني التاريخي لفلسطين بصرف النظر عن هويته الايديولوجية.

بالتأكيد ان عقود كرست نهج الخط السياسي السلمي للقضية مستثنيين ارادة الشعوب التي تبحث عن حريتها بالثورة الشعبية والكفاح المسلح واعداد الشعب في مواجهة طويلة المدى لتحقيق النصر على الاحتلال والاستعمار وبالتالي ارست ثقافة نراها اليوم في التشكيك في كل من يتحدث عن تحقيق الحُلم التاريخي على ارض فلسطين التاريخية ويتحججون ويبررون بما ذكرته سالفا عن قوة اسرائيل و الدعم الذي تناله من قوى دولية وبعضها اقليمية وتغاضوا عن اساسيات الصراع وحتميته و التي اجاب عليها ابو جهاد والتي كانت سببا اكيدا في اغتياله وقد اضيف هنا ان الانتفاضة الاولى كادت ان تحقق اهداف التحرير ولو بشكل جزئي ومرحلي الا ان المشككين والمتخاذلين قضوا على تلك الانتفاضة بمطلب وحيد الاعتراف بهم ممثل شرعي ووحيد واعطائهم نوع من المسؤوليات عن هذا الشعب ناقصة منقوصة مذلة "في اوسلو".

ولكي نجيب ونرد على هؤلاء الذين يشككون في فكرة انهيار الكيان الصهيوني او الدولة اليهودية التي لها غلاف ديني ولكن بالتأكيد انها كيانيو تتبع للعقلية الامبريالية الرأسمالية والتي كان لها دواعي الوجود في مناخات قد تختلف كليا عن مناخات القرن العشرين وظهور توازنات اخرى لدول و تراجع دول اخرى على رأسها امريكا التي تذكرني بانهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينات بانسحابها من افغانستان والعراق و عدم قدرتها على التدخل في ليبيا ودول اخرى والمرونة المذلة التي تتعامل فيها مع الملف الايراني وهو ملف نووي و تقسيم جيوسياسي للمنطقة وقد ابرهن على ذلك بالتصريح الاخير لقائد فيلق القدس الايراني عندما قال ان ايران تمتلك 4 جيوش في المنطقة ، ربما هذا التصريح احرج كثير من القوى على الاقل في الساحة الفلسطينية ولكن الحقيقة ان امريكا والغرب يتعاملون مع ايران الان كدولة نووية لها مصالحها في المنطقة ويجب الاعتراف بها والتعامل معها وهذا يبرهن على الخطاب اللين لبايدن بخصوص اليمن وليبيا وسوريا والعراق ايضا.

ربما متغير اخر ايضا في عملية تحول لبعض الاحزاب التاريخية في اوروبا بخصوص وجود اسرائيل وسلوكياتها وهو موقف حزب العمال البريطاني الاخير هذا الحزب الذي قاد بريطانيا في فترات مختلفة وكذلك التحول في الرأي العام الامريكي وفي داخل الحزب الديموقراطي.

ولي هنا ان اضع بعض الشواهد لحركة التاريخ و المتغيرات التي حدثت في العالم وفي انظمته السياسية.

1 – عندما انهار الاتحاد السوفيتي وتم توزيع القوى النووية والتكنولوجية على دول الاتحاد سحبت الحكومة المركزية كل تلك الاسلحة من دول الاتحاد واوروبا الشرقية وتركزت فقط في روسيا.

2 – عندما حلم القذافي بأسلحة نووية لم يستطع مواجهة المتغير الدولي و بالتالي قامت امريكا بتفريغ هذا السلاح الى مخازنها ونقله من ليبيا.

3 – عندما فكر العراق في السلاح النووي ايضا قامت امريكا بنفس الاجراء في ليبيا و قصفت امريكا بأداتها اسرائيل المفاعل النووي العراقي.

4 – عندما فكرت السودان بامتلاك اسلحة بيولوجية من خلال مصنع ادوية قامت امريكا ايضا من خلال اسرائيل بقصف هذا المنشئ.

هنا اؤكد وجهة نظر ابو جهاد و التي تؤكدها عدم اهمية اسرائيل في التقسيم الجيوسياسي الان في المنطقة بأن السلاح النووي الاسرائيلي ليس قوة حسم في اي صراع على الارض الفلسطينية بل يمكن تفريغه اذا ما شعرت القوى الدولية بخطورته في ارض الصراع فلن يسمح العالم بانهيار المكون البشري بوجود هذا السلاح في يد قوة مارقة مغامرة قد تهدد وجود الغرب ومصالحه ايضا التي كانت دوافعها انشاء هذا الكيان.

الشواهد على انهيار تلك الدولة المارقة:-

1 - الذي يحكم هذا الكيان الان هو الجيل الخامس وهو اكثر تفتتا ً وتماسكا وخبرة بالاضافة لعوامل المتغير الدولي الذي يحدث الان.

2 – بلا شك ان الحروب السابقة على غزة قد انهكت غزة واهلها وهنا اعترف ان هناك اخطاء كبرى لحماس في الحكم ، فلم تتحول بعد الى ادارة تشارك الكل الوطني فيها على الاقل في غزة، ولكن حماس كرست مجهودها لبناء القوة العسكرية والامنية وهنا كما قلت لا انجذب الى موقف مؤيد لفصيل بل اعتبر ان مكون حماس ايضا هم من ابناء الشعب الفلسطيني واهل غزة بالعقلية والارادة الانجاز، ولكن بالمقابل ايضا امام انهاك غزة بالحصار فان مستوطنات غلاف غزة عبر عدة حروب قد انهكت ايضا وكان لها مواقف من تمرد على قيادتها السياسية والعسكرية، فهذا الكيان بني على نظرية الامن والعيش في الجنة وهذا لم يتحقق للمستوطن الاسرائيلي والاكثر تضررا  في مستوطنات غلاف غزة وابعادها الجغرافية، ولذلك اذا ما فكرنا بفكرة التحرير فان الاقرب والمناخات تؤكد ان غزة قادرة على تحرير مستوطنات ومدن هذا الغلاف في اي مواجهة اخرى تدعمها متغيرات اقليمية، فالجيش الاسرائيلي لم يعد هو الجيش القاهر وهكذا اثبتت الحروب واسرائيل فضحت نفسها وجيشها في مواجهاتها مع غزة ولا تقاس الامور بالقوة التدميرية لسلاح الطيران الاسرائيلي الذي دمر احياء وابراج، لكن تقدر الامور عسكريا بمدى تماسك هذا الجيش وقوة تاثيره في المواجهة، هكذا فضح الجيش الاسرائيلي وفضح امنيا.

اعتقد ان المواجهة القادمة ان حدثت لن يكون هناك تاثير لسلاح الطيران الاسرائيلي والقوة الصاروخية الاسرائيلية فالانفاق ستلعب دورا مهما والالتحام من نقطة الصفر وهذا ما تخشاه اسرائيل برا وبحرا ، فغزة قادرة على حشد اكثر من 150 الف مقاتل وداعم لوجستي ولذلك هذا ما تخشاه اسرائيل في المواجهة القادمة.

ربما البعض يستهتر من هذا التحرير المنطقي والتاريخي ولكنني اؤكد هنا على الاقل اذا كان هناك مجالا لان نحلم بالحُلم الفلسطيني لماذا لا نحلم؟ وماهو المانع! واي فكرة للتحرش على هذا الحلم هو يخدم الفئة المتواطئة لتبقى ما يسمى اسرائيل في العقلية الثقافية والفلسطينية هي المنتصرة وهذا من الخطورة على وجود الشعب الفلسطيني وكيانيته الثقافية والتاريخية، فاتركوا الشعب الفلسطيني يحلم ولا تمنعوا هذا الحلم الذي يمكن ان يتحقق ونحن مؤمنين بذلك بدوافع تاريخية ودينية وقومية ولذلك لا ارى استغرابا مما طرحه كنعان عبيد في حديثه عن الاستعداد لادارة المناطق المحررة، فان لم يتحقق هذا الايام اتركونا نحلم فربما يتحقق ونحن نثق بذلك ونستعد لتحقيق هذا الحلم.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة