عن مكتبة الشّروق في رام الله وعمّان صدر قبل أيّام كتاب "حصاد السّنين بعد التّسعين-نصوص وخواطر" للكاتب المقدسيّ محمد عمر يوسف قراعين، ويقع الكتاب في 190 صفحة من الحجم المتوسّط. وهذا هو الإصدار الثّاني للكاتب بعد "شاهد على عصره" الذي صدر عام 2016 عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس.
ولنقف على ما جاء في الكتاب علينا أن نعرف شيئا عن كاتبه المولود عام 1929م في قرية سلوان الملاصقة للمسجد الأقصى من جهته الجنوبيّة، وكاتبنا ولد في بيت علم وأدب، فوالده شيخ أزهريّ حرص على تعليم أبنائه، درس كاتبنا في جامعتي لندن وهارفرد. وعمل مدرّسا وموجّها ومديرا للتّربية.
ومن يتعرّف على كاتبنا سيتأكّد من صحّة مقولة:" يبقى الإنسان شابّا ما دام يريد ذلك، ويشيخ عندما يريد ذلك." وكاتبنا رغم أنّه في التّسعينات من عمره ونتمنى له العمر المديد والصّحّة الجيّدة، إلا أنّه لا يزال يتحلّى بروح الشّباب، ويعتني بنفسه وبقيافته كما الشّباب تماما، ومع أنّه يتحلّى بثقافة واسعة، إلّا أنّه حريص على زيادة ثقافته باستمرار، وقد لمسنا ذلك عندما شارك في ندوة اليوم السّابع منذ العام 2014 ولا يزال، وأذكر كيف كان يأتي من بيته إلى الندوة في المسرح الوطني الفلسطيني "الحكواتي"ويعود إليه سيرا على الأقدام، في محاولة منه للحفاظ على نشاطه. ومن خلال مداخلاته في النّدوة لا يحتاج المرء لكثير من الذّكاء؛ ليجد نفسه أمام مثقّف شموليّ، قادر على الكتابة، ولا أعلم الأسباب التي تقف وراء عزوفه عن الكتابة في مراحل عمره السّابقة، فهو ينتقي كلماته ويحرص على سلامة اللغة، فيدهش من يقرأ له أو يستمع إليه.
والقارئ لكتابه هذا سيجد نفسه أمام إنسان واعٍ يفهم الحياة جيّدا، ويريد أن يستغلّها حتّى النّهاية:" من عادتي أن أحبّ الحياة، أقبلها بحلوها ومرّها". ص12. ولهذا فهو لا يزال في عنفوانه" على كلّ حال، فحتّى الآن لا أشعر أنّني متقاعد فقد وظيفته الرّسميّة، يعاني من فراغ مملّ.........................وهكذا فإنّني أحيانا أشكو من عدم توفّر الوقت لأتابع مهمّاتي."ص 12.
وبعد أن يستعرض بشكل سريع تاريخ قريته سلوان، اتي هي الآن حارة من حارات القدس، ويستعرض سريعا شيئا من التّاريخ العربيّ الإسلاميّ، نراه يفصح عن توجّهاته الفكريّة:" منذ بداية حياتي وأنا أسعى وأبحث عن العدالة الاجتماعيّة، فوجدتها في الاشتراكيّة."ص25. ويطرح وجهة نظره في "التّطوير والتّطوّر"، وفي التراث ويرى فيه:" أيديولوجيّة تحرّر وثورة ونهضة في مواجهة هيمنة الآخر الثّقافية والسّياسيّة"ص52.
ويستعرض في كتابه بعض أحداث القضيّة الفلسطينيّة من خلال العودة إلى التّاريخ أو من خلال معاصرته لبعض الأحداث.
وتضمّن الكتاب بعض الخواطر وبعض القصائد"المنظمومة".
وتنبع أهمّيّة هذا الكتاب من التّجربة التي عاشها الكاتب وسجّلها؛ لتستفيد منها الأجيال اللاحقة.