نظمت اليوم الثلاثاء ثلاثة ائتلافات نسوية من كافة مناطق فلسطين التاريخية مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا أقيم بالتوازي من مدن الناصرة ورام الله وغزة، لإطلاق حملة 16 يومًا عشيّة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء. وشارك في المؤتمر ائتلاف فضا- فلسطينيات ضد العنف، ومنتدى الجمعيات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة في الضفة الغربية، وتحالف أمل في قطاع غزة. وتطرق المؤتمر إلى العنف ضد النساء في الحيزين العام والخاص، وسلّط الضوء على العنف السياسي عبر التركيز على تجربة الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية.
وافتتَحت المؤتمر السيدة ساما عويضة متحدثة عن أهمية العمل المشترك ما بين الائتلافات النسوية الفلسطينية من كافة مناطق فلسطين التاريخية، وتطرقت في كلمتها إلى التشريعات الفلسطينية التي من الواجب أن تدفع قدمًا بقانون حماية الأسرة من العنف وأكّدت أن هذا القانون لا يتعارض مع الأديان والشرائع، وأضافت بأن تشريع القوانين بحد ذاته ليس ضمانًا لأمن النساء، وأن تعامل السلطات الإسرائيلية مع جرائم قتل المواطنات الفلسطينيات هو خير دليل على تقاعس مؤسسات تنفيذ القانون رقم وجود قوانين تجرّم القتل.
وتحدثت عضوة المجلس التشريعيّ والأسيرة المحرّرة خالدة جرار عن العنف السياسيّ ضد النساء متحدثة عن تجربتها الشخصية في الأسر وعن تجربة الأسيرت الفلسطينيات في شهادة موجعة عن الانتهاكات بحق الأسيرات، والتي تبدأ كما قالت منذ لحظة الاعتقال، إذ يتم ترهيب الفلسطينيات عبر مداهمة البيوت وإحداث الصدمة المعنوية الأولى لدى المعتقلات. كما تطرقت جرار إلى الإهمال الطبي الذي تتعرض له الأسيرات والنقص المتعمد بالخدمات الطبية اللازمة للأسيرات اللواتي يعانين من أوضاع صحيّة متدهورة. إضافة إلى الظروف غير الإنسانية السائدة داخل زنازين السجون من رطوبة وبرد واتساخ المكان.
وألقت إيمان جبور، مركّزة العمل الإعلامي في جمعية كيان – تنظيم نسوي، كلمة الائتلافات النسوية المشاركة، موضّحة بأنها أقيمت ابتغاء توحيد الجهود الرامية لمحاربة العنف المسلّط على رقاب النساء الفلسطينيات. وأضافت أن الائتلافات والفعاليات المشتركة تشكّل مقولة سياسية ونسويّة واضحة، مفادها أن الفلسطينيات والفلسطينيين يرفضون التقسيمات السياسية والجغرافية الاستعمارية، وأن التحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية مشابهة رغم اختلاف السياقات السياسية، إذ تتشابك عناصر العنف الاستعماري والعنف الذكوري المجتمعي الذي يوجه نحو النساء الفلسطينيات في كافة المناطق الفلسطينية.
أما الأسيرة المحررة دارين طاطور، فقد سلطت الضوء في كلمتها على الأسيرات الفلسطينيات داخل الخط الأخضر وواقعهن بعد التحرر، وعن صعوبة العودة إلى الحياة الاعتيادية بسبب محاولة وصمهنّ بالإرهاب من قبل السلطات الإسرائيلية، وليصبح إيجاد العمل والتوجه للتعليم قضايا تواجه صعوبات بالغة، لأن التضييق على الأسيرات المحررات يتم التضييق عليهن بعد التحرر.
ومن قطاع غزة تحدّثت الأسيرة نسرين أبو كميل عما شهدته من عنف خلال فترة الأسر التي استمرت ست سنوات، ومن ثم معاناتها على الحواجز العسكرية على تخوم قطاع غزة وإبعادها إلى القطاع كجزء من العنف السياسي. كما أكدت أبو كميل على ما تعانيه الأسيرات من سياسات الإهمال الطبي وانتهاك الحقوق الأساسية للأسيرات كنقلهن الى المستشفيات مكبّلات بالأيدي والأرجل.
وألقت السيدة بثينة صبح كلمة تحالف أمل من قطاع غزة، وتحدثت فيها عن ظروف حياة النساء في القطاع المحاصر مطالبة بالضغط على سلطات الاحتلال من أجل الالتزام بالقوانين والاتفاقيات الدولية التي تلزمها بحماية المدنيين وصون حياة الأسرى والأسيرات. كما طالبت السلطة الوطنية بذراعيها التشريعية والتنفيذية بحماية الفتيات والنساء وتحقيق العدالة والمساواة من خلال تشريع قوانين الحماية خاصة على ضوء تصاعد معدلات قتل النساء، لا سيّما قانون حماية الأسرة من العنف.
وتطرقت المحامية ديالا عايش في كلمتها إلى العنف السياسيّ ضد النساء في الحيّز العام، والاعتداء على المتظاهرات والتحرش بهن واعتقالهن من قبل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، بسبب ممارستهن حرية التعبير السياسيّ والتظاهر في الشوارع اعتراضًا على السياسات العامة. وتساءلت عايش، كيف سيكون بإمكان النساء التوجه للشرطة وطلب الحماية إن كانت الشرطة تعتدي على النساء لتقيّد حرية التعبير السياسي.
وستستمر حملة 16 يومًا لمناهضة العنف ضد النساء بعشرات النشاطات والفعاليات المتنوعة في كل المناطق الفلسطينية. وفي الثلاثين من نوفمبر، وضمن النشاطات المشتركة على امتداد فلسطين التاريخية، تنظّم الائتلافات النسوية الفلسطينية وقفات احتجاجية، دعمًا للأسيرات الفلسطينيات، أمام سجن الدامون في منطقة حيفا، وأمام مقري الصليب الأحمر في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبالتوازي مع هذه النشاطات، تطلق الائتلافات نشاطات وفعاليات محلية لإحياء الحملة. ويمكن متابعة النشاطات على صفحات الائتلافات في مواقع التواصل الاجتماعي.