تزداد التوترات في أوكرانيا حدة، بينما الساحة الدولية تواجه أزمة هي الأعمق والأخطر منذ الحرب الباردة، وتسعى موسكو على زعزعة أركان النظام العالمي المتبلور بزعامة أمريكا، ورسم وصياغة هندسة أمنية تتوافق مع مصالحها الاستراتيجية في أوروبا، ومنع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وهذا التحدي الاستراتيجي للولايات المتحدة يجري بالتنسيق مع الصين، ولذلك اسقاطات وتداعيات بعيدة المدى على إسرائيل.
روسيا لا ترغب بالحرب لان لها أثمان كبيرة، ولكنها لن تتراجع عن مطالبها ومن دون تحقيق انجاز كبير يخدم استراتيجيتها ويقود إلى انسحاب الغرب من الحدود الاستراتيجية في شرق أوروبا، ويحصّن مكانتها في الداخل والخارج.
فالهدف الروسي هو إنهاء النقاش والخلاف بشأن انضمام أوكرانيا لحلف الناتو ومنع تمركز قوات غربية في مناطق تعتبرها تهديدًا لأمنها.
إن الموقف الأمريكي تجاه الأزمة الأوكرانية – الروسية مبني على حسم النتائج لصالحه سواء اندلعت الحرب أم لا، ويكفي أن نعرف وندرك جيدًا أن المستفيد الأكبر من حالة عدم الاستقرار هو الولايات المتحدة الأمريكية، ويبدو مفهومًا أن التصريحات بشأن الأزمة في أوكرانيا تميل إلى التهويل والتضخيم الإعلامي، وتوتير الأجواء والأوضاع من خلال التأكيد بإمكانية حرب في أي لحظة.
وفي الحقيقة أن بوتين أمام خيارات صعبة، وتبدو تفضيلاته واضحة، والسيناريو الأقل خسائر هو أن يطرح الغرب حلًا وسطًا يقوم على رفض أوكرانيا الانضمام إلى حلف الأطلسي ليس الآن ولا في المستقبل البعيد، وإعلان كييف التزامها مبدأ الحياد، وفقًا للنموذج الفنلندي في الحرب الباردة.
وأمام الظروف الراهنة والخيارات المطروحة لا يجد بوتين بديلًا عن تصعيد مطالبه الأمنية الاستراتيجية أمام الغرب لضمان عدم تلقيه ضربات جديدة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com