مملكة السويد إحدى الدول الأسكندينافية (النرويج، السويد، الدنمارك، أيسلندا، فنلندا)، وتُعتبر هذه الدول من أكثر دول العالم ديمقراطيّةً، واحتراماً لحقوق الإنسان. لكن ما تقوم به السلطات السويدية تجاه عئلات عربية طالبة حق اللجوء في السويد لا يمت أبداً إلى احترام حقوق الإنسان.
وقد سمعنا قبل أيام في مواقع التواصل الاجتماعي عن عائلة عربية (سورية) لاجئة في السويد تناشد الحكومات العربية والإسلامية باسترجاع أطفالها، الذين فصلتهم السلطات السويدية عنها، بحجة أن العائلة غير مؤهلة لتربية الأطفال. رب العائلة دياب طلال السوري الجنسية وزوجته أمل شيخو تحدثا عبر مواقع التواصل الإجتماعي، حول قيام السلطات السويدية بفصل أطفالهم الخمسة عنهم بالقوة، منذ قدومهم إلى السويد عام 2011 ومن بينهم طفلة انتزعتها السلطات بعد ميلادها بدقائق.
ام حسين العراقية تقول عبر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، ان السلطات السويدية بدأت تضايق ابنتها وهي في التاسعة من عمرها، عندما ارتدت الحجاب. ومن هنا بدأت الحكاية، حكاية المضايقات في المدرسة، التي قامت بدورها بإبلاغ دائرة الخدمات الإجتماعية التي ظلت تضايق على ام حسين وعائلتها حتى انتزعوا طفلتها منها مختلقين عدة أسباب واهية.
الموضوع لا يتعلق بهاتين العائلتين فقط، فهناك الكثير من العائلات العربية الإسلامية بالتحديد المهاجرة طالبة اللجوء في أكثر الدول ديمقراطية وحرية في العالم، يختطف أولادها (على عينك يا تاجر) بحجة أن العائلات غير مؤهلة لتربية أطفالها.
السلطات السويدية تستند في عملية فصل الأطفال عن عائلاتهم إلى قانون سويدي، يسمح لدائرة لخدمات الاجتماعية بانتزاع الأطفال من آبائهم، في حال تبين للدائرة أن الأهل غير مؤهلين لتربيتهم، وبعد ذلك يتم نقلهم مؤسسة للرعاية الاجتماعية التي تقوم بدورها في نقلهم إلى عائلات جديدة، بدلاً من الحديث مع أهلهم في اتباع أسلوب تربوي جديد.
المركز السويدي للمعلومات، أشار إلى أن "السوسيال السويدي" أي (دائرة الخدمات الاجتماعية) تسحب 20 ألف طفل كل عام في إطار الرعاية الجزئية أو الكلية وفقا لقانون lvu و lvm حيث يتم سحب الطفل أو المراهق من عائلته لأسباب عديدة، ووضعه بمنزل آخر مع عائلة أخرى أو في دار لرعاية الأطفال، أو مركز للرعاية القسرية للمراهقين، والاحصائيات الرسمية تقول، ان 34 ألف حالة تتعلق بالسوسيال والطفل سجلها عام 2020 بهذا الخصوص.
العائلات المهاجرة التي تعرض أولادها (للخطف) لم تسكت على هذا التصرف اللاإنساني من قبل دولة تفتخر بديمقراطيتها. فقد أقدم مئات اللاجئين العرب إلى التظاهر أمام البرلمان السويدي في العاصمة ستوكهولم .
صحيح أن التربية العربية للأطفال وخصوصا لدى اللاجئين تختلف عن التربية السويدية، ومن الطبيعي أن يكون هناك اختلاف في التعامل مع الأطفال، خصوصا وأن ما يسمى تعنيف للفظي" لدى الغرب، يعتبر أمراً عاديا في التربية العربية، لكن القانون السويدي يعتبر ذلك مبرراً لفصل الأطفال عن عائلاتهم.
المجتمعات الغربية بشكل عام ـــ والمجتمع السويدي هو جزء من هذه المجتمعات ـــ لا تعرف معني القيم الأسرية المتعارف عليها لدى العرب، وأن التفكك الأسري هو من الأمور البديهية في هذه المجتمعات. بمعنى أن الأبوين عندما يقومان بردع أطفالهم عن سلوكيات ممنوعة أو غير مقبولة أو بالأحرى خاطئة، تعتبر في المجتمعات الغربية نوعاً من التعنيف، الذي يكون مبرراً للسلطات بفصل الأطفال عن ذويهم ومواصلة الرعاية بهم خارج الإطار الأسري.
القيم الإجتماعية في الغرب ولا سيما كيفية التعامل مع الأولاد يتم النظر إليها باعتبارها حضارة وحرية وهي محمية بالقانون ولكنها في المجتمع العربي أو الشرقي بشكل عام ينظر إليها على أنها انفلات. القوانين الغربية لا تعمل أصلا على حماية هوية العرب و ثقافتهم أو خصوصياتهم في القيم الأسرية، بل يتم تعريضهم للعقاب قانوناً، إذا لم تتم تربية أطفالهم وفق المفهوم المتبع في المجتمعات الغربية عموما والسويد هو جزء منها.
المشكلة التي هي في الحقيقة غير انسانية بكل معنى الكلمة، لأن الأطفال المبعدين لا يعودون لأهاليهم الذين لا يعرفون شيئاً عنهم. والمطلوب من الجهات العربية الرسمية وجمعيات حقوق الإنسان معالجة هذا الأمر.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com