الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 00:02

الازمة الاوكرانية وحافة الهاوية/ بقلم: ادهم ابراهيم

ادهم ابراهيم
نُشر: 25/02/22 11:12,  حُتلن: 11:15

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته بالتحرك لحفظ السلام في منطقتي دونيتسك ولوهانسك الشرقيتين اللتين يسيطر عليهما الانفصاليون الروس ، واللتين اعترف بوصفهما كيانين مستقلين رغم كونهما جزء من الاراضي الأوكرانية .

وهكذا يتصاعد النزاع الروسي الامريكي حول اوكرانيا مما يثير مخاوف أوروبا والعالم من نشوب حرب تنتج عنها كوارث إنسانية.
وهذا الصراع بالاساس يدور حول المصالح والنفوذ .

ان الأزمة الحالية بين أوكرانيا وروسيا تشير إلى إشكاليات متعددة، فالبُعدان الأمني والقومي يعتبران حاسمان من وجهة النظر الروسية .

يخطئ من يظن ان روسيا الحالية هي امتداد للاتحاد السوفيتي ، فبوتين يتبنى الفكر الرأسمالي النيوليبرالي ، ويلجأ إلى فكرة القومية الروسية العظمى ليحشد قطاعات الشعب الروسي خلفه . وهو يسعى الى إعادة بناء قوة روسيا العسكرية ليضمن سيطرةِ موسكو على محيطها الخارجي ، ونظرته تجاه اوكرانيا لاتخرج عن هذا السياق .

يعرب الرئيس بوتين علنا وفي عدة مناسبات ​​عن أسفه لانهيار الاتحاد السوفيتي ووصفه بأنها مأساة ضخمة . ولذلك كانت سياسته الخارجية تتمثل في محاولة إعادة تجميع أكبر قدر ممكن من هذا الكيان .
وهنا يبدو ان الإطار الأبعد للمصالح الروسية يتمثل في إعادة ربط دول الاتحاد السوفيتي قبل انهياره ، بهدف منافسة الاتحاد الأوروبي بل والولايات المتحدة والصين أيضاً، وهو يهدف إلى إبقاء أوكرانيا في الدائرة الاستراتيجية الروسية .
وقد اكد الرئيس بوتين ذلك في خطابه الاخير مذكرا بان لدى روسيا روابط اجتماعية وثقافية واقتصادية قوية مع أوكرانيا.
وهو بذلك يحاول إعادة تأسيس نفوذ روسيا في أوروبا ، حيث سبق وان غزت جزءًا من أوكرانيا وضمتها ، وغزت جورجيا واعترفت بمقاطعتين من مقاطعاتها الانفصالية كدولتين مستقلتين . الآن تبدو روسيا عازمة على ضم أوكرانيا اليها نهائيا .

وبالمقابل فإن واشنطن قد صعدت الأزمة الحالية في اوكرانيا، حيث رفضت الادارة الامريكية مطالب بوتين الرئيسة في ابعاد اوكرانيا عن حلف شمال الاطلسي ضمانا لامنها .

تهدف الولايات المتحدة الأمريكية الى عزل أوكرانيا نهائيا عن روسيا ، واستنزاف الدولة الروسية كليا .
وفي ذات الوقت يجري تقليص النفوذ الاوربي من خلال تقويض الإمكانات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي وتقليل نفوذه في العالم وزجه في نزاعات جانبية .

إن الحرب في وسط أوروبا، وفرض العقوبات على روسيا، وتراجع النشاط الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي سيزيد من المزايا التنافسية للولايات المتحدة . وتسعى واشنطن "التي أصبحت أضعف في منافستها العالمية مع الصين الاشتراكية" إلى حل مشاكلها من خلال تدمير اقتصادات حلفائها في الناتو .

وهي في هذه الازمة تخضع روسيا باستمرار لوابل من الاتهامات دون النظر الى الإجراءات الاستفزازية التي تتخذها حكومة كييف .

من وجهة النظر الاستراتيجية ، لم تتغير الأسباب الجذرية للتوترات بين واشنطن وموسكو كثيرًا منذ الحرب الباردة ، فامريكا والغرب عموما يتجاهلون رغبة موسكو في النظر إليها كدولة رئيسة ، والقبول بها كقوة عظمى لها سياساتها ومصالحها الخاصة .

إن التصعيد الغربي للأزمة الأوكرانية يتعلق من جانب اخر بالنزاع العالمي بين الولايات المتحدةِ والصين حيث يريد بايدن اعطاء إشارة إلى الرئيس الصيني بان واشنطن لن تقبل محاولةٍ بكين لدمج تايوان قسرًا مع الصين .

وسواء غزت روسيا أوكرانيا بالفعل ام توقفت عند حدودها الجديدة ، فإن الأزمة ستمتد وتنتشر عبر البلدان الأخرى ، كما فعلت الحرب الباردة التي استمرت قرابة نصف قرن .

وهنا لابد من الاشارة الى ان موسكو وبكين تتقاسمان حلم استعادة الإمبراطوريات القديمة وتنسق الدولتان إجراءاتهما لإعادة صياغة النظام العالمي مع الولايات المتحدة بشكل يضمن مصالحهما .

ان المنافسة بين الدول العظمى اصبحت تهدد السلام والنظام الدولي ، وتزيد من خطر حربٍ عالمية ثالثة قد تقضي على الجنس البشري برمته، وان اوكرانيا مجرد بيدق بيد اللاعبين الكبار .
ادهم ابراهيم
 

مقالات متعلقة