الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 22 / نوفمبر 20:02

إعلام الناتو يتفوق على غوبلز الهتلري/ بقلم: د. شكري عواودة

د. شكري عواودة
نُشر: 02/03/22 10:38,  حُتلن: 14:08

من يتابع الحرب الاقليمية التي تدور رحاها على الاراضي الاوكرانية، بنظامها الفاشي المدعوم من الاطلسي بقيادة زعيمة الشر، يلاحظ امورا جديرة بالتوقف عندها. يردد البعض دون عمق المعرفة، معلومات وحقائق تاريخية وجغرافية منقوصة تماشيا مع نهج "الاعلام الاطلسي".


الامبراطورية الروسية قبل ثورة اكتوبر ضمت اقاليم ومقاطعات ذات حكم ذاتي لامم وديانات متشعبة، والغالبية الكبرى كانت الشعب الروسي متنوع الثقافات واللغات المتقاربة، وانتمائهما دينيا الى الكنيسة السلافية.
ومن الناحية الاخرى تمتع المسلمون في اوطانهم بتعامل يليق بهم حضاريا ودينيا، الامر الذي كان عاملا موجها للتجربة الاشتراكية السوفياتية، بتغييرات جيوسياسية، لتوظيف الفكرة الشيوعية بما يخص التداخل السكاني، بموازاة ترسيم حدود الجمهوريات السوفياتية.
تسنى لنا خريجو هذه الجمهوريات وبضمنها اوكرانيا السوفياتية، ان نزور تلك المناطق من ليننغراد شمالا الى القرم على البحر الاسود جنوبا، وصولا الى الاورال وبحيرة قزوين، والجمهوريات الاسلامية في اسيا الوسطى وارمينيا.
زرنا اقليم شمال شرق ا كرانيا- اقليم الدونباس والذي كان يتبع حتى العام 1924 روسيا الدولة، وتم ضمه بسكانه الروس الى اوكرانيا.
وكما يبدو فإن التاريخ يثبت اليوم خطأ التجربة، وضرورة اعادة التاريخ الى مساره الصحيح!
ضمن الحرب المعلنة حتى ٢٠١٤ والمستنزفة الى قُبيل الحرب الجارية،
راح ضحية تلك الحرب 14 ألف روسي، قتلتهم آلة الحرب الفاشية لقيادة موالية للغرب، انقلبت على شرعيتها واطاحت بالرئيس المنتخب آنذاك باسم الثورة البرتقالية.
ورويدا رويدا سيطرت على البلاد مجموعات فاشية موالية للغرب، لتنتخب رئيسا "كوميديا"، يهودي الاصل يحمل جوازا مزدوجا، وهو دمية بيد الغرب واذرعها الشرق اوسطية.
هذا "الصبي" يتطاول على جيرانه، ومن تربى في كنفهم تاريخيا، ليعلن رغبته للانضمام للناتو وتنصيب الصواريخ النووية على اراضيه.
هذا الرئيس ليس سوى دمية عند امريكا وترى ذلك بالتخبطات في تصريحاته بين العفوية احيانا والموجهة امريكيا في معظمها.
تعامل الاطلسي مع المباحثات لمدة سنين كخدعة، لم يعتاد الروس على التعامل معها، الى أن وصل بهم الامر الى "عسر هضم الواقع".
انطلقت الحرب وكان بالامكان تجنبها ودرء نشوبها اصلا، لو بقي الامر بين الجيران بدون التدخل الاجنبي فيه.
نحن خريجو الاتحاد السوفياتي سابقا، بكل جمهورياته نتابع التلفزة الروسية والاوكرانية وشبكاتهم الالكترونية، وهذا ما يميز روايتنا بفهمنا للواقع، واللغة والعادات والتقاليد والاداب هناك،

تعاطفنا مع امة انشأت كوادر اكاديمية مهنية للشعوب المظلومة ليس بسبب "نوستالجيا" اعادة بناء الاتحاد السوفياتي، وانما وفاء لقيم تربينا عليها ولن نحيد عنها.
ما العمل:
لا احد عاقل، يحمل قدرا كافيا من الانسانية يريد لهذه الحرب ان تستمر.
ومع ذلك الا يراود احدا مشاعر من الظلم والاجحاف بحق الشعوب المظلومة وشعبنا في طليعتها.
المسألة الحارقة ليست فقط الحرب الروسية الاوكرانية، وانما احتلال وتدمير اكثر من عشرين دولة "من العالم الادنى" على يد شرطي العالم الامريكي وزعرانه، الذين يعيثون دمارا في الارض باسم الديمقراطية، من العراق الى سوريا الى ليبيا الى اليمن الذي بات غير سعيد!
ناهيك على غزو فوكلاند ودول امريكا اللاتينية وحصار كوبا... واهم من كل شيء، ألم يحن انهاء اطول احتلال في التاريخ ههنا في الارض المقدسة، والتعامل مع شعبنا كأشلاء يجب تقطيعها؟
أليست هذه اسئلة بحاجة الى تعامل موضوعي عميق معها.
منذ تحول العالم الى احادي القطب بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، لم تعد في الدنيا لا توازنات ولا سلًم ولا سلام.
في طبيعة الانظمة الرأسمالية السعي للسيطرة على موارد الشعوب، وفرض سلطة المنظومة الامنية وحيتان المال، وهذا ما نراه جليا في عصرنا.
اوروبا تحولت الى دمية امريكية وتنجر ورائها كما يفعل العازفون وراء المايسترو.
صدق ساندرز الامريكي عندما قارن بين امكانية فرضية لنشر صواريخ باليستية في المكسيك.
ماذا كانت ستفعل امريكا؟
الاجابة لدينا واضحة..
ما العمل:
اعادة بناء الكتلة الشرقية، وفي مركزها روسيا والصين وحلفائهم، بتحالف امين اقتصادي عسكري ليشكل رادعا امل جبروت الغرب مصاص دماء الشعوب.
نحن نعلم بعمق ان روسيا اليوم رأسمالية بامتياز لكنها ليست امبريالية كونها وان ارادت لا تستطيع ان تكون.
بينما امريكا هي الامبريالية المنتشرة في كل مكان لاجل مصالحها الاقتصادية، مستعملة بعض الدول ككلاب صيد مدربة على اذلال الضحية وقتلها.
الشعب الروسي يستحق ان يكون احد الشعوب القائدة في عالمنا، وكذلك الاوكراني،
ولكل مجموعة او اقليم قومي، اينما كان الحق في تقرير مصيره نحو الاستقلال وهو حق اساس.
صدق تشرتشل حينما قال، في القليل مما اوافق معه:
اذا مات الروس مات السلام.
هذا الشعب الذي دحر النازية ودفع الثمن الاكبر لبزوغ فجر الحرية في العالم، بادر ليترجم تفوقه العسكري الى ماكنة لصنع سلام واستقرار هناك. علنا ننتفع كشعب في طور التحرير من تغيير التوازنات العالمية.
ملاحظ ان من بيننا المهتمين في السياسة داخل الاحزاب وخارجها، واليسارية بالذات، تباينات وهي مشروعة على ان لا نفقد البوصلة في تحديد من هو العدو الاكبر.
وممنوع قطعا ان تصل هذه التباينات بين كوادر الاحزاب المختلفة وفي داخلها، ونحن من بينهم، الى حد التراشق والتهم، لننسى الصراع المحلي والمنطقي تحت غطاء ماكنة الاعلام الغربية المزيّتة جيدا، والمبنية على قلب الحقائق وتحويرها.
تبا لنا اذا فقدنا البوصلة الفكرية المبنية على الفهم المادي لتطور التاريخ الحديث.
نعم روسيا ليست الاتحاد السوفياتي،
وبوتين ليس جوكوف،
ولكن امريكا وحلفاؤها هم هم رأس الافعى الرقطاء
ولن نكون مع امريكا ما حيينا
كم صدق محمود الدرويش فيما قال:
ستنتهي الحرب ويتصافح القادة وتبقى تلك العجوز، تنتظر ولدها الشهيد وتلك الفتاة، تنتظر زوجها الحبيب وأولئك الأطفال، ينتظرون والدهم البطل، لا أعلم من باع الوطن، ولكنني رأيتُ من دفع الثمن..."

يحيا السلام العادل والدائم في كل مكان" 

مقالات متعلقة