الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 14:01

الرئيس الأوكراني واكتشاف خداع الغرب.. هل يستوعب عرب التطبيع درس أوكرانيا؟/ أحمد حازم

الإعلامي أحمد حازم
نُشر: 11/03/22 10:54,  حُتلن: 14:55

في شارع (الكومودور) الذي كنت أسكن فيه في العاصمة اللبنانية بيروت ,والكائن في منطقة "الحمراء" المعروفة لبنانياً وعربياً برفاهيتها، كان يمر في الشارع في كثير من الأوقات شاب بسيط جداً يدعى (سالم) كان يعاني من عدم النضوج العقلي، وكان يتجول في الشوارع لكسب عطف الناس عليه ومساعدته في قوت يومه. وذات مرة سألت سالم مازحاً:"كيف الوضع يا سالم؟ فأجابني وكأنه في كامل قواه العقلية:" ما في فائدة...كلوّ عالفاضي". وفي كل مرة يردد نفس الجملة.


كان ذلك في سبعينات القرن الماضي. واليوم ونحن نعيش الحرب الروسية الأوكرانية، أتذكر ما قاله " بسيط العقل" سالم لينطبق على قول " كبير العقل" الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الذي عاد أخيراً إلى رشده، وعرف أن لا فائدة من حلف "الناتو" ولم يعد مهتماً بالانضمام إلى الحلف، لأنه خيب آماله حسب تصريحاته لقناة إيه.بي.سي. الأمريكية.
القاسم المشترك بين الرئيس الروسي والرئيس الأوكراني هو الإسم الأول للإثنين (فلاديمير) واللغة الروسية. والفارق الكبير بين الإثنين، هو أن فلاديمير الأوكراني، عمل طيلة حياته في التمثيل الفكاهي، ثم انتقل للسياسة صدفة، بينما فلاديمير الروسي عمل طيلة فترة شبابه ضابطاً في المخابرات الروسية (كي جي بي) كعميل ماهر، وانتقل بعدها إلى السياسة كمحترف متمرس. الأول لا علاقة له بالسياسة والثاني ثعلب ماكر مخادع بها.
قبل عمله في التمثيل، حصل زيلينسكي على شهادة في القانون من جامعة كييف الوطنية للاقتصاد. ثم تابع الكوميديا وأنشأ شركة الإنتاج Kvartal 95، التي تنتج الأفلام والرسوم المتحركة والبرامج التلفزيونية بما في ذلك مسلسل (خادم الشعب) الذي لعب فيه زيلينسكي دور رئيس أوكرانيا. وقد تم بث المسلسل من عام 2015 إلى عام 2019 وكان يحظى بشعبية كبيرة.
يعني هذا الرئيس حقق حلمه من رئيس بالتمثيل إلى رئيس فعلي، أي تطور من إنسان لا علاقة له بالسياسة العملية إلى إنسان شاء القدر أن يجعل منه سياسياً ويرأس البلاد الأوكرانية. وبما أن الرئيس الأوكراني، لا يفهم بالسياسة ولا كيف "يسيّسون" فقد كان من السهل على ثعالب حلف الناتو استمالته وإقناعه بمخططاتهم وألاعيبيهم. وقد اعتقد زيالينسكي، الرئيس الممثل، بأن الغرب "سينشل الزير من البير" وصدق أقوالهم. وها هو اليوم يجد نفسه وبتحريض من الغرب في "ورطة" مع الدب الروسي: حرب شرسة شنها بوتين على أوكرانيا، حرب ستكون أوكرانيا الخاسرة فيها لا محالة، والغرب ينظر إليها من بعيد.
ويبدو أن الرئيس الأوكراني عاد إلى صوابه، ولم يعد يقكر بوعود الغرب له، لأنه (عرف ولو متأخراً) أن الغرب لن يتدخل لمساعدته وأن حلف الناتو لن يكون طرفاً في هذه الحرب التي اعتقد الرئيس الأكراني بأن الناتو سيهب لمساعدته بالرجال والعتاد. لكن ما حصل هو العكس تماماً، وهذا ما يظهر في تصريحات زيلينسكي. التاي اعلن فيها مؤخراً ان بلاده لم تعد مهتمة بالإنضمام الى حلف الناتو.
تصريح زيلنسكي واضح كل الوضوح: إنه يحمل لهجة يأس وخيبة أمل من اميركا لأنها لم توافق على مطلبه بتشكيل غطاء جوي فوق بلاده. ويعتقد محللون سياسيون بأن زيلينسكي يريد تحميل الغرب ولا سيما الولايات المتحدة مسؤولية ما سيحدث لأوكرانيا. ورداً على سؤال عن موقفه بخصوص الانضمام إلى الناتو، قال الرئيس الأوكراني إن حلف الناتو لا يفضل الأمور الجدلية ويتجنب المواجهة مع روسيا ولفت إلى أن بلاده فقدت الاهتمام بمسألة انضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي، بعد أن أدرك أن الناتو غير مستعد لقبول أوكرانيا، لأن الحلف يخشى التناقضات والمواجهة مع روسيا، حسب تصريحاته.
هذا جزاء من يصدق الأمريكيين، فهل يستوعب عرب اتفاقات أبراهام وعرب التطبيع مع إسرائيل درس أوكرانيا، وأن "ليس كل شيء يلمع ذهباً؟ أشك في ذلك.

مقالات متعلقة