ستجري إنتخابات الهيئات المحلية المرحلة الثانية اليوم السبت الموافق 26 أذار الجاري. ووفقاً للجنة الإنتخابات المركزية، قبل ترشيح 259 قائمة إنتخابية، وستجري الانتخابات في 50 هيئة محلية فقط، فيما لن تعقد الانتخابات في 23 هيئة محلية أخرى حيث ترشحت قائمة واحدة فقط وستفوز تلقائياً بالتزكية. وقد أشار تقرير اللجنة الى أن 81 قائمة إنتخابية سُجلت كقوائم حزبية، فيما سُجلت 178 قائمة مستقلة، أي أن القوائم المستقلة تمثل 69% من مجموع القوائم التي قُبلت، فيما تمثل القوائم الحزبية 31% منها فقط. وفي الواقع، فان الجزء الأكبر من القوائم المستقلة لا يعتبر قوائم مستقلة تماماً، حيث أن تحالفات حركة حماس مع القوى اليسارية والعشائرية إعتبر السمة الاكبر لهذه القوائم.
من الواضح، أن لا أحد يستطيع أن يتنبأ بشكل دقيق بمن سيفوز في صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية. وصعوبة التنبأ هذه تكمن أساساً في طبيعة السؤال نفسه، حيث أن إختباء حركة حماس وتحالفاتها المختلفة وراء قوائم مستقلة سيصعب من عملية إحتساب المقاعد التي ستحصل عليها. من جانب آخر، فإن طبيعة النظام الانتخابي النسبي المستخدم في هذه الانتخابات سيعقد قدرة أي من القوائم المتنافسة على الحصول على أغلبية المقاعد في إنتخابات أي هيئة محلية، وبالضرورة، فإن قدرة القوائم المتنافسة على عقد التحالفات بعد إجراء الانتخابات هو الذي سيحدد من سيفوز بأغلبية المقاعد، وفي النتيجة من سيفوز برئاسة البلدية. على هذا، فان تحديد الفائز في هذه الانتخابات لن يكون متاحا قبل تشكيل التحالفات الانتخابية.
وبرغم صعوبة تحديد الفائز في هذه الانتخابات هنالك عدة مؤشرات يمكن الاعتماد عليها في التنبؤ بالفائزين، وهي:
1- السياق التاريخي للسلوك الانتخابي، حيث أن حركة فتح قد فازت بالمطلق في الانتخابات البلدية في المرحلة الاولى كما أنه في غالبية إنتخابات الهيئات المحلية منذ 2004 وحتى هذه الانتخابات نجحت فتح في تحقيق تقدم كبير على كل القوائم المتنافسة.
2- الإرتفاع المتصاعد في شعبية حركة فتح. ووفقاً لنتائج الاستطلاع رقم 83 الذي نشر قبل يومين من قبل المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية فإن شعبية حركة فتح إرتفعت بشكل غير مسبوق الى 42% وهي النسبة الاعلي مقارنة بكل القوى الحزبية على الساحة الفلسطينية.
3- متانة التكتيك الإنتخابي الذي تستخدمه حركة فتح لأول مرة في تاريخها، حيث إعتمدت حركة فتح على تكتيك المنافسة من خلال نوعين من القوائم؛ قائمة البناء والتحرير في المناطق التي تحسم فيها الانتخابات، وقوائم الظل التي تستطيع جذب أكبر قدر من المناصرين المستقلين والفتحاويين ضمن تحالفات حزبية وكفاءات وقوى عشائرية تمكنها من جمع أكبر قدر من المقاعد في المناطق التي تزداد فيها المنافسة بين القوائم.
4- تخوف الناخبين من فوز حركة حماس في بعض البلديات، حيث أن العديد من البلديات التي كانت تسيطر عليها حركة حماس في الضفة الغربية لم تستطع أن تقدم خدمات جيدة للمواطنين وواجهت مشاكل مالية وفنية كثيرة أدى في مرحلة من مراحل عمرها الى شلل عمل البلدية نفسها.
5- حسب تقارير لجنة الانتخابات المركزية فإنه في الهيئات المحلية التي ترشحت فيها قائمة واحدة، والبالغ عددها 23 هيئة محلية، فان غالبية هذه القوائم هي فتح.
بالمحصلة، يبدو أن حركة فتح هي الأقرب في حسم نتيجة الانتخابات، ولكن حسم النتيجة يعتمد على عاملين مهمين: الأول هو عدم إرتكان مناصري الحركة على نظرية الراكب المجاني، بمعنى آخر، فإن شعور الفتحاويين بأن حركتهم ستفوز لا محالة سيؤدي الى تقاعس العديد منهم من الذهاب الى صناديق الاقتراع. وبالضرورة فإن على الحركة أن تشحذ الهمم وتقوي الشعور بالمسؤولية من شدة المنافسة. أما العامل الثاني، فهو قدرة الحركة على نسج علاقات تحالفية مع القوائم الصغيرة التي ستفوز بمقاعد محدودة في الانتخابات تبعاً لكل بلدية. وأعتقد أنه في ظل عدم وجود انقسامات أساسية فتحاوية في هذه الانتخابات فإن حركة فتح هي الأقدر من أي منافس آخر على تشكيل مثل هذه التحالفات وتشكيل الأغلبية في المجالس البلدية.
وفي النتيجة، يمكنني القول بأن التكتيكات التي إتبعتها حركة حماس في التحالف السري مع بعض القوى لن يمكنها من الإعلان عن فوزها في أي من البلديات اذا ما فازت بأي منها، ولكنها في الوقت نفسه، وفي حال خسرت هذه الانتخابات لن تستطيع تحمل الضغط الداخلي داخل قواعدها التنظيمية والتي ستحمل قيادتها في غزة مسؤولية هذه الخسارة، لاسيما أن حركة حماس منعت عقد انتخابات محلية في غزة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com