تمر علينا هذه الأيام أجواء رمضانية مباركة، وكنت قد قررت ان اتوقف عن كتابة المقالات، اجلالا للشهر الفضيل، وتكريسا لمزيد من الوقت للعبادات. ومع ذلك رأيت انه من الواجب علي عدم الوقوف مكتوف الايدي ازاء مشكلة يعاني منها عدد من أصدقائي ومعارفي على شبكات التواصل.
تتواجد منصات التواصل الاجتماعي تقريبا في حياة كل واحد وواحد فينا، واتس اب، فيسبوك، انستغرام او غيرها. ولا يخفى علينا كم من الوقت يقضي الناس على هذه المواقع، منهم من يقوم بعمله وتجارته وتعليمه مثل التجار والمعلمين والطلاب من خلال مجموعات محددة على الواتس اب، ومنهم الاشقاء والشقيقات الذين يتواصلون مع بعضهم طوال الوقت بشكل عادي، وغيرهم الكثير من الشرائح الاجتماعية التي باتت هذه المواقع جزء لا يتجزأ من حياتها.
ولكن من ناحية اخرى، هناك الكثير من الأشخاص الذين يستعملون هذه المواقع من اجل التسلية والترفيه، وهذا هو الموضوع الذي سأكتب عنه اليوم. كثيرون منا يتواصلون بهدف التسلية مع اشخاص افتراضيين على الشبكة لا يعرفوهم ولا يعرفون عنهم شيئا على ارض الواقع. على سبيل المثال، يمكن ان يكون لأحدهم "صديق" معين على الفيسبوك منذ شهور او سنوات الذي يشاركه بأشياء كثيرة من حياته رغم انه لا يعرفه فعلا وحتى انه لم يقابله مسبقا؟! فكيف ذلك؟ كيف تقول ان لك أصدقاء وانت لا تعرف عنهم أي شيء؟ هؤلاء مجرد معارف. وأنك حتى إذا دخلت الى صفحة أحدهم فإنها يمكن ان لا تحتوي على اسمه الحقيقي، او مكان اقامته، او مهنته او أي تفاصيل يمكن ان تكشف هويته الحقيقة امامك وامام غيرك. إضافة الى ذلك، فان اغلب هذه الفئة من الناس يخفون معتقداتهم وافكارهم الحقيقية، ونهج حياتهم الخاص بهم وبدلا من ذلك فانهم يشاركونكم أمورا كاذبة، وتجارب مقصودة، انهم ببساطة يتجملون امامكم، يكذبون لتقعوا في شراكهم!
امر طبيعي ان يكون لك أصدقاء ومعارف على احدى الشبكات الاجتماعية، ولكن المشكلة تكمن عندما تعتبرهم أصدقاء لك، وتضع ثقتك فيهم، ان تحدثهم عن حياتك الشخصية، اسرارك واسرار عائلتك، او ان تبعث لهم أموالا! وفي نهاية المطاف يحققون أهدافهم منك، والسبب في ذلك هو ان هؤلاء الأشخاص ليسوا كما انت تظن، أو كما تريد، انهم مجهولو الهوية، وحقيقتهم واحدة ليسوا الا أشرارا يستترون خلف اقنعة هم وضعوها لك ولغيرك لمآرب لا يعلمها الا الله. فلنتق الله في أنفسنا وفي أهلنا وفي اموالنا، وان لا نتواصل مع اشخاص مجهولي الهوية على شبكات التواصل او حتى أي مكان اخر.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com