الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 22 / نوفمبر 21:02

أمين محمد علي،أبو عرب، العائد حتمًا إلى صفورية...وداعًا-بقلم: فيصل طه

فيصل طه
نُشر: 18/04/22 04:47

أبو عرب ما زال يسكن صفورية التي تسكنه ابدا، سكنها وعاشها طفلا، عشق هواءَها، ماءَها، ترابها، بنيانَها، ناسَها، وكلَّ ما عليها، سكنته، ولم تبرحه عنها برهةٌ شاردة، ولا غفوةٌ ناعمة، هو يَقِظٌ كالغزال، يقظته دومًا حاضرة لا تغيب، تحاصر النسيان، وتحرسُ الذاكرة. ما زال ابو عرب هناك، يأتينا بصفورية الى هنا، ويأتيها ببسمات أطفالها الآملة بفرحة العيد، يأتي حاراتها، رحاب الدار، يراوحها جيئةً وعودة، قافزًا بين الأزمان، وحدودِ المكان، وقاهرًا النكبةً وجراح المرحلة. أمين محمد علي يُخفي بريقَ دمعته، ويُبدي بسمته الساخرة الواعدة بغدٍ أفضل، تجده دوما متوقدا، لا يعرف السكينةَ والهدوء، حاضرا لا ينام، وتخالُه غافيا على وسادة غائرة في حضن صفورية، ينهضُ من هذا الغياب الآني ليخترقَ حضوره الرابض على بيادر البلد، وليعودَ شَغِفًا إلى رحاب الصِّبا، ثم يعودُ الى حاضره يلامس أكوازَ الصبرِ والرمان، ويمازحُ صورتَه المنعكسة عن صفاء القسطل، ثُمَّ يعلو اطلالَ القلعةِ، يجمعُ الترابَ الزكيّ من البساتين، يُعلبُّه مِسكًا هديةً لأهلها الناطرين خلف الوطن.

كهولةُ أمين تجاورها طفولة أبي عرب، تتداخل دقائقُ الحالتين لترسمه، لترسمَ الوطنَ الذي عاشه فعلا، ولم يغادره ابدا، بل بقي حاصرًا حراكََهُ في حدود الناصرة وصفورية، الجليلتين، حدودِِ الوطن، فلسطين، بقي شامخا في مدينته الباقية، مدينتِه الحبيبة، في الناصرة، فهي الحضنُ والحصنُ والحفظُ والعيشُ الكريم، عشق سوقَها الذي لم يفارقه، وخدم أهلها الطيِّبين، وأعطى جُلَّ جُهدِه لصونِ وحدتِِها، ونهجِها الكفاحي بقيادة رفيق دربه القائد الوطني الراحل، الخالد توفيق زياد، رئيس بلدية الناصرة، ومنها رسم حُلمَهُ عامرا بالعودة الواعدة، ومن أُفقها نسج أملا صابرا، صامدا بلهفة العودة... رحيل خاص.. لا يُشبه الرحيل .. رحيل صعب .. وداعا يا أبا عرب .. ستعود حتما إلى صفورية .. سنعود .. لك الرحمة..لتبقى ذكراك طيِّبة ، خالدة.

بقلم
فيصل طه
صفورية- الناصرة

مقالات متعلقة