الأهل يرفضون الإعتراف المنقوص بالبلدة وبناء مستوطنة ستستولي على أراضيهم :
"لماذا سيتم ترحيلي إلى شرق شارع 80، وإحضار سكان جدد إلى هنا؟!"
تقرير خاص بـ"كل العرب" - بعد عقود من المعاناة، وعقد من أوامر التهجير الجماعية بحق المئات من أهلها بذريعة أن المنطقة عسكرية، أعلنت حكومة إسرائيل أخيرا أنها تعترف بقرية تل عراد مسلوبة الاعتراف في النقب - والتي تسمى قرية مهجري الداخل في الجنوب - حيث يأمل الأهل بأن لا يكون الاعتراف على الورق فقط، بل يتم تشييد البيوت المرخصة والمؤسسات العامة ومد القرية بالمياه وشبكة الكهرباء التي ينتظرها الأهل منذ عشرات السنين.
ويقول إسماعيل العمور، عضو اللجنة المحلية تل عراد، في حديث لمراسل "كل العرب" إنّ "الأهل ينتظرون الاعتراف على أرض الواقع وليس على الورق فحسب، حيث ننتظر هذا الاعتراف منذ أكثر من سبعين عاما".
أما زميله في اللجنة موسى الصانع فيؤكد هو الآخر أنّ الاعتراف مهم، ولكنه يضيف قائلا: "نأمل من السلطات أن تحوّل الاعتراف إلى مخطط. لقد تم ترحيل آباؤنا إلى هذه المنطقة ونحن وُلدنا هنا، وآن للدولة أن تعترف بنا".
إسماعيل العمور
الشارع الوحيد المعبد وسط المساحات الشاسعة أقيم لخدمة مستوطنات جنوب جبل الخليل، ويستخدم أهالي تل عراد الشارع لكي يصلوا إلى بيوتهم في المناطق الوعرة، حيث من المتوقع أن يشمل الاعتراف بناء مستوطنة لليهود على آلاف الدونمات التي سيتم مصادرتها وتجميع أكبر عدد من العرب-البدو داخل مخطط القرية، الأمر الذي فشل في كافة قرى القيصوم وواحة الصحراء التي اعترفت بها إسرائيل قبل أكثر من عقدين.
ملاذ للاجئين من الداخل
أكثر من 2500 مواطن يعيشون في قرية تل عراد، كان أجدادهم وآباؤهم قد رحلوا من أراضيهم وطردوا باتجاه الحدود الأردنية، لكن المملكة الأردنية رفضت استقبالهم، وقدمت شكوى إلى الأمم المتحدة في حينه، ما اضطر السلطات الإسرائيلية في خمسينيات القرن الماضي إلى إعادة توطينهم، لكن ليس على أراضيهم الأصلية بل على أراضي عرب الجهالين المهجرين.
فقد كانت قرية تل عراد ملاذا للاجئين في الداخل؛ ففي مطلع سنوات الخمسينيات رُحّل إليها أبناء عشيرة الصانع من منطقة اللقية ووادي الخليل، ثمّ في أواخر السبعينيات تم تهجير أبناء عشيرة الكشخر من منطقة عبدة في النقب، وعام 2006، وعند تنفيذ خطة الانفصال عن قطاع غزة، تم نقل عائلة الرميلات إليها.
والعائلات التي تعيش حاليا في القرية هي: النباري، العمور، الكشخر، النصاصرة، الصانع، أبو جودة، المجنون، أبو رياش، أبو نطيلة، أبو عايش والرميلات.
موسى الصانع
المواطن فرحان النباري، أحد قياديي القرية، يؤكد أن "رغبة السلطة هي أن ترحلني من مكان سكناي وأن تنقلني إلى شرقي الشارع رقم 80، على أن تحضر سكان من خارج المنطقة وتضعهم مكاني في المنطقة الواقعة غربي الشارع.. ما الفائدة من هذا الترحيل؟ المنطق والعقل يقولان إنّ من يأتي من الخارج هو الذي يسكن في المكان الجديد، وليس من يعيش هنا في هذه القرية منذ عشرات السنوات. هذا القرار له سلبيات على السكان الموجودين هنا". والحديث هنا عن إقامة ثلاث مستوطنات يهودية في منطقة تل عراد، إحداها في نفس المكان الذي سيتم ترحيل السكان منه، والغريب في الأمر أن هذه المستوطنة ستُبنى وفق التخطيط الذي كان قدمه الأهل للسلطات!
نعارض تهجير 70% من السكان إلى شرق شارع 80
علي النباري، عضو اللجنة المحلية لقرية تل عراد، يؤكد في حديث لمراسل "كل العرب" أنّ الناس هنا استبشروا خيرا بالاعتراف، ولكن اتضح أنّ الاعتراف منقوص. ويضرب مثلا قائلا: "سيتم إخلاء السكان وتجميعهم في مساحة لا تتعدى 600 دونم. اللجنة المحلية قدمت اقتراحا لسلطة توطين البدو، بأن يكون المخطط للقرية على 3000 دونم، على أن يتم تخصيص جزء منها للمشاريع الاقتصادية في القسم الغربي من شارع رقم 80 – الشارع الذي يصل إلى مستوطنات جنوب جبل الخليل".
وتابع قائلا: "لقد اتفقنا في اللجنة المحلية أن ينتقل السكان شرقي الشارع، والذين يشكلون 30% من عدد سكان القرية، إلى المنطقة الغربية بمحاذاة المدرسة، لكن فوجئنا بأن سلطة أراضي إسرائيل ستنقل الـ70% المتواجدين في الجهة الغربية إلى القسم الشرقي، في المثلث بين الشارعين ومنطقة عسكرية، حيث لا يمكن أن تتطور هذه القرية فيما بعد، وعلى أساس هذا الأمر نحن نعارض بشدة الانتقال وقرار الحكومة الذي صدر مؤخرا".
وختم قائلا: "كل ما نُشر في وسائل الإعلام بأن هناك عائلات ستُنقل من مناطق مختلفة إلى تل عراد مرفوض علينا، لأننا مع الاعتراف بكل قرية في مكانها، علما أن اللجنة المحلية اتفقت بصورة جماعية بأن كل عائلة يتم استقطابها إلى تل عراد يجب أن نوافق جميعا على دخول هذه العائلة، خاصة ونحن نريد الحفاظ على النسيج الاجتماعي".
النائب السابق جمعة الزبارقة، رئيس لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، أشار إلى أنّ اللجنة تبارك على كل اعتراف، ولكن بشرط أن لا يكون هذا الاعتراف للسكن والنوم فقط وبدون بنى تحتية. وأضاف قائلا: "كل اعتراف بدون الاعتراف بالملكية هو منقوص بالنسبة لنا".