تشتكي غالبية الناس من ارتفاع اسعار المواد الغذائية خلال الاعياد والمناسبات بسبب طمع وجشع بعض التجار، وقد اصبحت الظاهرة معتادة بسبب سلوك البعض من أصحاب الحوانيت والأسواق ومحال بيع اللحوم، ما يستدعي وقفة جادة من قبل جمهور المستهلكين، لمواجهة هذه الظاهرة والحد من ارتفاع الأسعار الناجم عن استغلال التجار للظروف الاستثنائية والتحجج بها، مثل: انقطاع بعض السلع، وصعوبة وصول عدد من البضائع والسلع الى التجار في مثل هذه المناسبات.
فجأة وبين ليلة وضحاها، وعندما تقترب الأعياد والمناسبات يأتينا غلاء الأسعار دون مبرر أو سابق انذار فترتفع اسعار معظم السلع في أسواق الفواكه والخضار بنسب غير مبررة. البعض يربط ارتفاع الأسعار بما يشهده السوق العالمى من تقلبات وتوابع تأثير جائحة كورونا على الانتاج العالمى. قد تكون تقلبات المواسم واختلاف فصول العام أحد أسباب ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة، لكن بقدرة قادر ترتفع الأسعار قبيل الأعياد الإسلامية، كل عام، وللمقارنة تنخفض الكثير من الحاجيات في المدن اليهودية المجاورة، عشية الأعياد اليهودية.
قبيل كل عيد ترتفع أسعار اللحوم بصورة كبيرة رغم وفرة المعروض والسماح بالاستيراد، إلا أن حجج التجار لا تتناسب ونسبة الزيادة في سعر البيع للزبون. الغريب أن بعض التجار يرددون كلمة الأسعار غالية فى الخارج، على صعيد دولي والتحجج بارتفاع الأسعار العالمية. اعرف ان هذه المبررات قادرة على تحريك الأسعار، ولكن بنسب قد لا يشعر بها المواطن وخاصة بالسلع المستوردة. بخصوص اللحوم هنالك تفاوت كبير في الأسعار بين مناطق البلاد من النقب الى الجليل، ومن بلدة عربية لأخرى.
برأيي لجمهور المستهلكين دورًا مركزياً في جشع بعض التجار، وذلك من خلال زيادة الاستهلاك والإقبال على شراء السلع، وكأن الواحد منا يشتري للمرة الأخيرة في حياته. لا بد للمستهلك أن يلتزم أيضًا بالضوابط الشرعية للاستهلاك، ومنها: مقاطعة السلع عندما يقوم التجار برفع الأسعار، كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد جاء الناس إليه فقالوا: "غلا اللحم فسعره لنا، فقال: أرخصوه أنتم. فقالوا: نحن نشتكي غلاء السعر واللحم عند الجزارين ونحن أصحاب الحاجة فتقول: أرخصوه أنتم؟ وهل نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا؟ قال: اتركوه لهم"، وقيل لإبراهيم بن أدهم: إن اللحم غلا قال: "فأرخصوه، أي لا تشتروه". وعن رزين بن الأعرج قال: "غلا علينا الزبيب بمكة فكتبنا إلى علي بن أبي طالب بالكوفة أن الزبيب قد غلا علينا، فكتب أن أرخصوه بالتمر" فأفضل حلٍ لمعالجة ظاهرة غلاء الأسعار هو المقاطعة، أو استبدال السلع الغالية بسلعٍ أخرى أرخص ثمنًا.
يمكن القول ان الصدق والأمانة والنصيحة من أعظم أخلاق التاجر المسلم، فقد ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء" (رواه الترمذي وقال حـديـث حـسـن. سنن الترمذي 3/515. وفيه ضعف منجبر كما قال العلامة الألباني في غاية المرام ص 124). وعن رفاعة رضي الله عنه أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فرأى الناس يتبايعـون فقال: "يا معشر التجار فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: إن التجار يـبـعثون يوم القيامة فجارًا إلا من اتقى الله وبرَّ وصدق" (رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. سنن الترمذي 3/516)، وغير ذلك من الأحاديث.
وفي الملخص أقول لنفسي ولنا جميعاً: رحمة في العيد.