الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 22 / نوفمبر 18:02

التعامل اليهودي مع غير اليهود/ بقلم: ساهر غزاوي

ساهر غزاوي
نُشر: 08/07/22 07:30,  حُتلن: 12:12

لم يحمل الخطاب الأول ليائير لبيد كرئيس للحكومة الإسرائيلية الانتقالية والذي ألقاه مساء الأحد الماضي، في جعبته الجديد أو الشيء المختلف عن سابقيه في المنصب ممن دأبوا على استخدام مصطلح "غير اليهود" تجنبًا لاستخدام كلمة مواطنين عرب واعتبارهم مواطنين "غير يهود"، واعتبارهم أفرادًا دون أي إشارة لهويتهم الوطنية والقومية.

بل أكّد أيضًا أن تعامل الدولة اليهودية مع مواطنيها "غير اليهود" هو تعامل يهودي، فقد قال: "نحن نؤمن بأن دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وأنه يجب أن تكون إسرائيل ديمقراطية ليبرالية، يوجد فيها لكل مواطن الحق بتغيير الحكم وتحديد مسار حياته. نحن نعتقد أن إسرائيل هي دولة يهودية، طابعها يهودي، هويتها يهودية، وتعاملها مع مواطنيها غير اليهود هو تعامل يهودي".
باستخدامه مصطلح "غير اليهود"، فإن لهجة خطاب لبيد "الوسطي" الاستعلائية التي لا تخلو من العنصرية، تتساوق مع قانون القومية ومع رغبات الإسرائيليين بالتشديد على يهودية إسرائيل، (وبالمناسبة فإن منصور عباس تساوق أيضًا مع هذا الخطاب وتبنّاه عندما صرّح قائلًا: "إسرائيل دولة يهودية وستبقى يهودية")، متجاهلا (لبيد) أن فلسطينيي الداخل "غير اليهود" مجموعة أصلانية تعيش في وطنها وعلى أرضها تشكل ما نسبته 20% من سكان الدولة، وتبلغ نسبتهم في الجهاز الصحي العام أعلى من 20%، ويشكلون ما نسبته 25% من الأطباء في الدولة، كما يشكلون نسبا متقاربة في مختلف القطاعات الاقتصادية والصناعية... الخ. وهذا التجاهل الرسمي كله، رغم أن أعضاء الكنيست العرب أوصوا على لبيد بتشكل حكومة في العام الفائت (القائمة المشتركة) ورغم مشاركة أعضاء الموحدة في الائتلاف الحاكم الذي يقوده لبيد نفسه!!
في الوقوف عند قول لبيد: إن تعامل إسرائيل (الدولة اليهودية) سيكون "تعاملها مع مواطنيها "غير اليهود" هو تعامل يهودي"، فهو يؤكد على حقيقة الإجماع الإسرائيلي وحقيقة نظرتهم الاستعلائية- كونهم أغلبية يهودية- تجاه المواطنين العرب الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، والذين ظلوا في أرضهم عام 1948 رغم ما ارتكب بحقهم من مجازر وحشية بشعة وعمليات تهجير قسري من أراضيهم على أيدي عصابات صهيونية مسلحة، نظرتهم الاستعلائية الفوقية العنصرية هذه لا ترى بأبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل إلا "قضية أمنية" و "طابور خامس" أو "حصان طروادة"، وعليهم أن يتواجدوا في "امتحان الإخلاص" هذا على الدوام. "التعامل اليهودي" يعني تمييز عنصري ممنهج ضد المواطنين العرب في الدولة المصممة على تعريف نفسها "دولة اليهود"، وتعامل سكانها الأصليين كغرباء.
بناء على ما تقدم، فإنه من المفترض أن شعبنا الفلسطيني في الداخل أصبح لديه الكثير من التجارب المختزنة والكثير من الدروس والعبر والعِظات المكتسبة التي من شأنها أن تترك الآثار الإيجابية للتغيير على واقع مسيرة شعبنا الفلسطيني في الداخل على كافة الأصعدة، وخاصة على صعيد العمل السياسي. فعلى مدار أكثر من سبعة عقود، خاض وما يزال، شعبنا الفلسطيني في الداخل من خلال مسيرته النضالية معارك البقاء والصمود في وطنه وعلى أرضه، وخاض وما يزال، معارك ضد العنصرية والتمييز والاضطهاد الإسرائيلي، إلى جانب خوضه معارك الانتصار لقضاياه العادلة ومقدساته وكرامته ونضاله من أجل حقوقه الجماعية والفردية باستخدامه كافة الآليات والأدوات المشروعة.
على الرغم من ذلك، فإنه لا يزال البعض من أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل يتعامل مع "العمل البرلماني"- المشاركة في لعبة الكنيست الإسرائيلي- كأولوية ضرورية في العمل السياسي من أجل تحصيل الحقوق الجماعية والفردية، رغم وضعية الكنيست الثابتة، ورغم تجربة أكثر من 70 عامًا، التي أحبطت جهود أي عضو كنيست عربي وجعلت من نتائج إسراف طاقاتهم في مسرح الكنيست معارك وهمية وانجازات تؤول إلى الصفر، ولا يتعامل هذا البعض مع "العمل البرلماني" كجانب مكمل للنضال السياسي والشعبي. هذا كله إلى جانب حجم الانشغال الكبير بانتخابات الكنيست وتفاصيلها بحيث يطغى حديثها أو يكاد على أي حديث وعلى حساب قضايا أخرى مهما بلغت درجة أهميتها!! فالحديث عن انتخابات الكنيست القادمة (كما التي سبقتها) بات حديث الساعة يشغل وسائل الإعلام العربية المحلية بمختلف مسمياتها، وبات يشغل حديث مواقع التواصل الاجتماعي وحديث الندوات الحوارية والفكرية، وكأننا لم نستوعب ونفهم حتى الآن أن النظام السياسي الإسرائيلي لا يقبل أن يحدد له أي حزب من "غير اليهود"، حتى لو تماهى معه، قرارات مصيرية للدولة اليهودية.. وكأننا لم نستوعب ولم نفهم حتى الآن أن تعامل الدولة معنا كمجموعة أصلانية سيبقى "تعامل يهودي" كما صرّح بذلك لبيد "الوسط" وستبقى النظرة الاستعلائية والوعود الكاذبة المتواصلة منذ عقود بمنح هذه المجموعة حقوق مواطنتها في مزاد الانتخابات الكنيست الإسرائيلي.
 

مقالات متعلقة