تُزقّزق العصافيرُ تشدو للونِ عينيها وخضرة التفّاحِ،
ويصدحُ الكنارُ والكروانُ لها بعزف سيمفونيّة الصباحِ،
فجرُ يومي الجديدِ يبزغٌ من سحرِ جدايلها الملاحِ،
يمامةٌ ترنو تدنو تقتربُ منّي ومن سرّي المُباح،
تتوهّج شمسي في سمائي بساتين ورياحين وازهار المَرَاح،
من ألمي من أملي من حنيني ومن نسيمِ حلميّ المُتاح،
من شِعري من نثري من سلّة قرنفلي الفوّاح،
هي قصيدتي ولحني ونسمتي وبلسم قافية الجراحِ،
نسمة الجنوب تهبّ بنكهة الكرزِ تُطفِئ عطشَ الرياحِ،
روحها تقطف عسلَ الظمأ من شفاهِ الحسّونِ الصدّاحِ،
تَبان لي من خلفِ المدى الذهبيّ بلحنٍ شديّ،
يُناجي غنوة العندليبِ على أغصانِ الحفيفِ الورقيّ،
نهدُها "المدبوز" بنشوةِ اللقاءِ ينبهرُ من شغفي ولمسةِ يديّ،
بسمة ثغرها تحرسُ حميميّة التشابُكِ ورنّة صهيلِ الحصانِ الفتيّ،
برتقالاتُ جيدِها المُكتنزِ الممشوق تتلألأ من منابت فرعها القمحيّ،
غرامي يترقرق بهِ ماؤها فوق حُبيبات خريرهِ السرمديّ،
من ومضات الولهِ ينبتُ الوجلُ يتناهى بشعرها الكستنائي، على الجمرِ النديّ،
تفوحُ تقاسيم النبعِ برائحةِ الزعرور والزعتر تُدغدغ آهات وجهها القمريّ،
وينبُتُ الياسمينُ على قوسِ قزحٍ وعلى خطوطِ عنبرِ جسمها الطريّ،
حوريّةة ساحرة تلتفّ بشذرات عِطرها الورديّ،
تعومُ في عسلِ بحريّ الحنون،
زنبقة ساهمة سابحة في ذوبان ماء المطر ونشوة الجنون،
ولسعةِ خمرِ عشقِ أهدابِ خُضرة ما تحت الجفون،
تُلامس صهيل الفحولة يتفتّقُ عن منجنيقٍ في غزواتِ الليلِ، بطعمِ شهيقِ زهرةِ الليمونِ،
تُناجيها حوافُّ الأنهرِ تتعطّرُ بانوثتها المتورّدة،
وتصرخُ عناقيدُ العنب مُنتشيةً وتبتسم التفاحة خضراء لون العيونِ.