في الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006 في فلسطين واجهت الحركة قائمتين متنافستين كل منها تفترض أنها تمثل حركة فتح، ولا بد أن معادلة السلطة أو السيطرة والنفوذ وخلافات المواقع والقوى واختلاف التجارب والأدوار قد لعبت دورًا كبيرًا في مقابل عقلية النضالية الجامعة فكاد الافتراق أن يتحقق بانشقاق كبير لولا حكمة القيادة التي آثرت روح النظام، وتآلفت فيما بينها على حساب الكثير من الأقوال المحقّة، وقامت بتجميد من استحق التجميد وليس فصله بمعنى أنها أبقت الباب مفتوحًا.
فترة وجودي داخل المجلس الثوري لم أرى من الأخ محمود عباس (أبومازن) أن حنقَ أوفتكَ بأي عضو خالفه بالرأي المنضبط، حتى لوكان كلامه ضد الموقف السياسي قاسيًا، فلماذا كل الاتهام دومًا من البعض يتم توجيهه لأشخاص بعينهم باللجنة المركزية؟
وفي الحقيقة أن ذات النظام أقصد نظام العمل أو الإدارة ونظام الاجتماعات أو حل المشاكل أواتخاذ القرار في فتح وفي اللجنة قد عفا عليه الزمن، وهو الأولى بالحاجة الى المراجعة العميقة أو التغيير، فالمرحلة تستدعي اختلاف الوسائل كثيرًا.
عود على بدء، وربطًا للماضي بالحاضر فإن الحركة تحت ضغط الاحتلال الصهيوني داخل فلسطين وبين يديه لابد تخضع بعدد من كوادرها بالوطن بوعي، أو بدون وعي غالبًا، للدعاية الصهيونية التي سيطرت اليوم على الكثير من أجهزة الإعلام وعلى الشابكة (انترنت) حيث جنّدت الآلاف الذين لاهمّ لهم الا التزييف والفبركة والكذب والتشويه والتشهير المهدّف للحركة وقياداتها في أعين الناس، ولتسميم الأجواء بين التيار اليميني والتيار اليساري -إن جازت التسمية اليوم- أو بين التيار العام، والمعارضة القليلة الداخلية والمتزنة داخل الإطار، أو حتى تلك التي (تتحركش) خارجه.
كنا قد كتبنا في السياق التعبوي والتوصيفي لفكر حركة فتح، وقلنا: أن فتح هي حركة بلون التراب تجمع ولاتفرق، وتقبل التعددية فلا تقدس الأشخاص ولا تقصي المختلفين ..
لذا فإن واجب فهم الاختلافات داخل الإطار التنظيمي يستلزم تحقيق النظام الداخلي (القانون الحاكم وليس الاشخاص) والبرنامج السياسي مع تحكيم القيادة الإنسانية وتوفير المناخ الداعم للعمل الوثاب، الذي يوجب على المسؤول القيام بواجباته أولًا قبل أن يتخذ المسار الصعب. فلا محاسبة دون تخطيط ومتابعة دؤوبة ولا محاسبة والأطر لا تعرف ما المتوجب عليها فعله، وكيف لك أن تغلق الأبواب وتفترض أن التنظيم سيظل حيًا يتنفس؟
إن عدم القدرة على فتح الأبواب أو حتى النوافذ (الطاقات) داخل الإطار بقواعده سيجعل من الرأي المختلف لا يرى ذاته إلا خارج الباب فيتجلّى، فتخسر الحركة كما يخسر الخارجون معًا، ولا يكسب إلا الانتهازيون ذوي العقلية المصلحية، وبالتالي تخسر القضية الفلسطينية بخُسران العمود الفقري الذي عبر قناته مازلنا نعمل لله سبحانه وتعالى، ومن أجل فلسطين.
- سلسلة مقالات عن المعارضة في فتح وهذه 8 منها.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com