أتساءل في بعض الأحيان: ألهذه الدرجة من الرخص وصل الدم في المجتمع العربي المسمى "عرب إسرائيل"؟ ألهذه الدرجة يتم قتل الانسان العربي من قبل ابن جلدته العربي دون رجفة جفن وبكل دم بارد؟ وأتساءل أيضاً: هل ننتمي نحن "عرب إسرائيل" الى "شعب الجبارين" ؟ أم من المفترض ان يكون لنا صفة أخرى؟
أكتب ذلك من حرقة قلبي على ضحايا العنف والجريمة في مجتمعنا العربي. التقارير الرسمية تقول ان العام 2023انتهى حاملا معه 244 اسما من المجتمع العربي قتلوا بسبب العنف والجريمة. ضحايا رعب وإرهاب اجتماعي. العام الماضي شهد جريمة قتل كل 36 ساعة. فأي نوع من الشعوب نحن؟ فهل نحن من طينة مختلفة تماما؟. وهل نحن مرشحون لدخول موسوعة غينيتس في القتل؟"
عام 2023 لم يكن عاماً دموياً فقط بل كان العام الأكثر دموية في تاريخ هذه الدولة. كل جريمة لها عقاب، الا في مجتمعنا العربي. وهنا من الضروري طرح سؤال على من يهمهم الأمر والمقصود على الشرطة المسؤولة أيضاً عن أمن وأمان المواطن العربي وليس اليهودي فقط: كيف يمكن لجهاز شرطة إسرائيلي متطور ان يعجز عن إيجاد من يقتل العربي؟ فهل هذا تقصير ام عدم رغبة في الكشف عن القتلة "لحاجة في نفس يعقوب" كما يقول المثل؟
في العام المنصرم وقعت 244 حالة قتل في المجتمع العربي أي أكثر من ضعف عدد ضحايا العام 2022. الشرطة الإسرائيلية قامت "مشكورة؟" بحل 23 لغز جريمة أي حوالي 10.5% فقط من حالات القتل هذه، مما يعني أن معدل فك الرموز هو ضئيل للغاية. الأمر الذي يبرهن بصورة واضحة على "أن العديد من القتلة يتجولون بحريّة ويشكلون خطراً على المجتمع".
عام 2023 هو العام الأسود للداخل الفلسطيني على صعيد الجريمة لدرجة ان هذا العام لم تشهد شهوره حالة قتل يومية فقط، بل أربع وخمس حالات في يوم واحد. ما جرى في بلدة يافة الناصرة خير مثال على ذلك: فقد شهدت هذه البلدة في الثامن من شهر يونيو/حزيران الماضي عملية قتل جماعي راح ضحيتها خمسة اشخاص. وفي بلدة بسمة طبعون حدثت أيضا نفس عملية القتل السابقة. ففي السابع والعشرين من شهر سبتمبر/أيلول الماضي ارتكب القتلة مجزرة في هذه البلدة سقط فيها خمسة اشخاص. أما بلدة أبو سنان، فقد شهدت في الثاني والعشرين من شهر أغسطس/آب الماضي مقتل أربعة أشخاص بالرصاص في عملية واحدة.
المعلومات المتوفرة تقول ان العام الماضي شهد ارتفاعا غير مسبوق في الجريمة بنسبة 122% في عدد قتلى العنف والإجرام في المجتمع العربي وأن منطقة الشمال تتصدر المعطيات اذ بلغ ارتفاع عدد القتلى فيها 3 أضعاف العدد في العام 2022 أي من 38 حالة إلى 114 حالة عام 2023 لتصبح المنطقة الأكثر دموية بواقع 46% من مجمل حالات القتل في مجتمعنا العربي. فما أرخص الدم في مجتمعنا.
وأخيراً...
الحكومة أصدرت قرارين بشأن معالجة العنف في المجتمع العربي الأول يحمل الرقم 549 والثاني 550 والنتيجة لم تتغير وظلت حالات القتل في تصاعد وتعهد نتنياهو بمكافحة الجريمة في المجتمع العربي هو مجرد حبر على ورق لأن الجريمة لا تزال تفتك بمجتمعنا.