إسرائيل التي يحلو لها تسمية نفسها بأنها "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط" عالقة الأن بين فكي أهم محكمتين على الصعيد العالمي تتخذان من مدينة لاهاي الهولندية مقرا لهما: الأولى اسمها محكمة العدل الدولية والثانية تحمل اسم المحكمة الجنائية الدولية. الأولى أصدرت مؤخرًا قرارا بموافقة 13 من أعضائها مقابل عضوين، بالوقف الفوري للاجتياح العسكري لرفح "لأن الوضع الحالي ينطوي على مخاطر جديدة بإلحاق أضرار لا يمكن إصلاحها بحقوق الناس في غزة". والثانية أصدرت مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
القراران اللذان أصدرتهما المحكمتين الدولتين ملزمان. قرار العدل الدولية ملزم لإسرائيل وقرار الجنائية الدولية ملزم للدول الموقعة على اتفاقية منع الإبادة الجماعية. ولكن هل تلتزم اسرائيل بتنفيذ فرار العدل الدولية وهي التي لم تلتزم لغاية الآن باي قرار أصدرته الأمم المتحدة"
مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز، ردت على هذا التساؤل في بيان لها، نشرته على منصة "إكس"، جاء فيه "أن إسرائيل لن توقف جنونها في قطاع غزة، حتى يقوم المجتمع الدولي بوقفه". ولم تتوقف المسؤولة الأممية عند هذا الحد فقط بل قالت أيضًا "أن إسرائيل كثفت هجماتها على مدينة رفح، بعد أن أمرتها محكمة العدل الدولية بوقف عمليتها العسكرية." وهذا يعني ان إسرائيل ضربت بعرض الحائط قرار العدل الدولية واستمرت في عمليتها العسكرية "واللي بدكو إياه اعملوا".
إذًا، ماذا تريد المسؤولة الدولية فعله أمام تعنت اسرائيل؟ فرانشيسكا ألبانيز قالتها صراحة انها تريد من العالم "فرض عقوبات على إسرائيل، وحظر تزويدها بالأسلحة، وتعليق العلاقات الدبلوماسية معها، حتى تنصاع لقرار العدل الدولية".
في ظل هذت الوضع كيف تصرفت "إسرائيل" بمعنى كيف كان رد فعلها؟ بدون شك تصرفت بشكل هوجائي ينم عن غضب كبير لأن المحكمتين حشراها في الزاوية. وقد وصل الامر بقادتها الى وصف قرار العدل الدولية بأنه معاد للسامية. تصوروا العنجهية الإسرائيلية: ان يوافق العالم على ممارسات القتل والتهجير في قطاع غزة فهو عالم غير معاد للسامية، لكن ان يدين هذه الممارسات فهو معادٍ لها؟
وكانت جنوب أفريقيا قد قدّمت في 10 مايو/ أيار الحالي، طلبًا جديدًا إلى محكمة العدل الدولية لإصدار أمر عاجل يقضي باتخاذ تدابير إضافية لحماية الفلسطينيين في غزة، في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي لمدينة رفح جنوبي القطاع المحاصر. فهل تتعلم الدول العربية من موقف جنوب افريقيا؟
المدعي العام المحكمة الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت. وبسبب ذلك حاولت بعض الدول ترهيب وتهديد قضاة المحكمة الجنائية الدولية، الامر الذي دفع بوزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الى المطالبة بعدم ترهيب أو تهديد قضاة المحكمة. ففي مقابلة مع التلفزيون الإسباني العام (تي في إي) قال بوريل "أطلب من الجميع بدءا من حكومة إسرائيل وأيضا بعض الحكومات الأوروبية عدم ترهيب القضاة وعدم تهديدهم"، داعيا إلى احترام المحكمة الجنائية الدولية.
وأخيرًا... فضائيتان عربيتان اتصلتا بي لإبداء رأيي في الوضع السياسي الإسرائيلي ولا سيما فيما يتعلق باجتياح رفح. فاعتذرت عن المشاركة. فمن المستحيل ان يتحدث المحلل بأريحية وسيف قانون الطوارئ مسلط على رقبته، علما بأنهم قالوا لنا ان " إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".