التلفون النقال نسميه "بلفون" حسب التسمية العبرية ويسمى في العالم لعربي "الجوال" والبعض يستعمل السم "الموبايل" حسب التسمية الغربية. المعروف ان هذه الأجهزة التلفونية لا نسمع صوتها عندما يتم وضعها في حالة صامت، أي في حالة "شاكيت" بالعبرية وكما يحلو لـ"عرب إسرائيل" استخدامها. ويبدو ان حالة الرئيس السوري الدكتاتور بشار الأسد هو في وضع "صامت" فيما يتعلق بالحرب على غزة، أو بالأحرى تم وضعه في هذه الحالة. يعني "لا حس ولا نس".
منذ أحداث السابع من أكتوبر الماضي لم تبق دولة في العالم الا وتحدثت عما يجري في غزة والامم المتحدة نفسها أعرب امينها العام عن موقفه المعارض لما تتعرض له غزة. لكن بشار الأسد لم يرف له جفن ولم يحركه "احساسه" القومي والسياسي والإنساني لفعل أي شيء او حتى لقول أي شيء. ولو التزم بمبادئ حزبه المسمى " حزب البعث" لكان له موقف آخر، لكنه لم يلتزم لا بمبادئ "بعثه" ولا بمبادئ أمته ولا بمبادئ قوميته حتى ولا بمبادئ "علويته" هذا اذا كان لـ "العلوية" مبادئ.
منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر العام الماضي تشن إسرائيل حرباً متواصلة على قطاع غزة أطلقت عليها اسم "السيوف الحديدية". ومنذ ذلك الوقت أي طيلة فترة الحرب لم نسمع موقفا واضحا من الأسد حول هذه الحرب، حيث التزم الصمت كليا. وقد يقول قائل: كيف يمكن للأسد ان يقول او يفعل أي شيء لغزة وهو الذي لا يفعل أي شيء لبلده الذي يتعرض باستمرار لهجمات إسرائيلية قوية، دون أي رد سوري ولو من باب "الحفاظ على ماء الوجه. "
وحتى نكون صادقين في التحليل حول موقف النظام السوري فعلينا القول ان هذا النظام تعامل بكل برودة مع الحرب في غزة؛ حيث أصدر بيانا انشائياً خجولا ربط فيه بين عملية "طوفان الأقصى" وحرب تشرين عام 1973. وأكثر شيء يفعله، على المستوى الإعلامي، التركيز على بعض ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة، شأنه شان دولة ما في افريقيا أو أمريكا اللاتينية، وكأن أهل غزة ليسوا من بني جلدته وكأنه هو ليس بعربي.
النظام السوري الذي تقوده عائلة الأسد (العلوية) منذ 54 عاما لم يكتف بالصمت على ما يجري في غزة، بل قام باتخاذ إجراءات ضد المخيمات الفلسطينية في سوريا. فقد عمل النظام منذ بداية الحرب على فرض رقابة أمنية شديدة على المخيمات الفلسطينية لمنع خروج المظاهرات الرافضة للحرب.
صحيح ان نظام الأسد أجبن من أن يقوم بأي عمل عسكري تجاه إسرائيل، ولا حتى بالدفاع عن أراضيه ضد الهجمات المتكررة الاسرائيلية، لكن بإمكانه (لو أراد) استخدام اقل الإمكانيات المتسامَح فيها دولياً، والتي استخدمها كل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، من السماح بالمظاهرات، ورفع سقف التصريحات. الا انه لم يفعل حتى هذا.
وأخيراً... السؤال المطروح: لماذا اتخذ الأسد موقف المتفرج على الحرب في غزة؟ على هذا السؤال يقول المحلل في معهد واشنطن، أندرو تابلر، إن روسيا والإمارات، حثّتا الاسد على البقاء بمنأى عن الحرب على غزة.