الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 20 / سبتمبر 03:02

التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة والمواجهة الإسرائيلية الإيرانية

خالد خليفة
نُشر: 14/08/24 08:17,  حُتلن: 12:29

ما زالت إسرائيل تنتظر الضربة العسكرية المتوقعة من حزب الله وإيران. ولا يزال العديد من المحللين والخبراء العسكريين الإسرائيليين غير واثقين من الأهداف الحقيقية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما قرر تنفيذ عمليتي اغتيال استهدفتا فؤاد شكر وإسماعيل هنية في بيروت وطهران. يبدو أن نتنياهو كان يسعى لتصعيد عسكري مع حركتي حماس وحزب الله، بالإضافة إلى تصعيد التوترات مع إيران.

في البداية، بدا أن نتنياهو غير مكترث بأي رد عسكري إيراني أو لبناني. ومع تصاعد التهديدات الإيرانية وتهديدات حزب الله بضرب مواقع وأهداف إسرائيلية كردا على عمليات الاغتيال التي طالت بيروت وطهران، بدا أنه لم يدرك حجم العواقب المحتملة. قام بالاتصال بالرئيس الأمريكي جو بايدن، معربًا عن قلقه من أن العمليتين قد تؤديان إلى ضربات قاسية على إسرائيل. ومن هنا، بدأت إسرائيل في التوسل للحصول على دعم الولايات المتحدة، التي تُعتبر الملجأ الوحيد لها في هذه الظروف.

رغم الخلافات الشديدة بين نتنياهو وبايدن، إلا أن نتنياهو تواصل معه وطلب دعمه في مواجهة أي ضربات إيرانية محتملة. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لم تقدم دعماً عسكرياً مباشراً لأوكرانيا عند الغزو الروسي في عام 2022، إلا أنها سارعت إلى دعم إسرائيل بإرسال حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن"، التي تحمل على متنها طائرات مقاتلة من طراز F-35 إلى خليج عمان. بالإضافة إلى حاملة الطائرات "روزفلت" التي تحمل طائرات F-22 وغواصة "جورجيا" النووية التي تطلق صواريخ باليستية. وقد تمركزت الطائرات المقاتلة من طراز "هارير" أمام سواحل قبرص للتصدي لأي هجوم إيراني او لبناني محتمل بالصواريخ على إسرائيل.

من المتوقع أن تستعين الولايات المتحدة، بقيادة الجنرال مايك كوريلا، بدعم العديد من دول الخليج والدول العربية، خاصة قطر ومصر والأردن والسعودية، حيث تتواجد القوات الأمريكية هناك. يقود الجنرال كوريلا قوة أمريكية يصل تعدادها إلى 40 ألف جندي، وتهدف هذه القوة إلى الدفاع عن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة، بما في ذلك حماية إسرائيل والأنظمة العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، مثل مصر والأردن والسعودية ودول الخليج.

اما ايران وحزب الله فمن المتوقع ان ياخذا بالحسبان هذا التواجد الأمريكي الذي انطلق سريعا في حال نفذوا هجومهم على إسرائيل بحيث ان هذه القواعد الامريكية السريعة تهدف بالأساس وبالتعاون مع دول عربية بصد هجوم الصواريخ الإيرانية ومن هنا فان ايران تنتظر في الهجوم كي تعرف ررأي المحللين تواجد المواقع  العسكرية الامريكية في المنطقة إضافة الى ان ايران تنتظرتوقيع صفقة لوقف اطلاق النار وانسحاب إسرائيلي من غزة وهذا ما يقترحه الامريكين ولكن شكوك كبيرة تحيط به نظرا لرفض نتانياهو التوقيع على مثل هذه الصفقة. 

وكانت القوات الأمريكية قد واجهت مؤخراً في المنطقة مقاومة شرسة، خاصة في العراق وسوريا. زعمت الولايات المتحدة وقبل عدة اشهر أنها تقوم بتقييم سياستها في المناطق التي تتواجد فيها قواتها في العراق وسوريا والأردن، حيث توجد هناك قواعد عسكرية أمريكية منذ انتهاء الغزو الأمريكي للعراق عام 2008. وفقًا لاتفاق بين إدارة أوباما وجمهورية العراق، تم الاتفاق على بقاء عدة قواعد أمريكية لمدة عشر سنوات، وتم تجديد هذا الاتفاق لاحقاً مقابل تعهد الحكومة الأمريكية بإرجاع عشرات المليارات من الدولارات التي نُهبت من البنوك العراقية خلال الغزو.

أثارت هذه القواعد الأمريكية، خاصة في عين الأسد بالقرب من بغداد وقواعد أخرى، جدلاً واسعاً داخل العراق وبين الأجهزة الحكومية والأمنية العراقية. زادت هذه القواعد من تأثير الحركات الشيعية الجهادية داخل العراق المعارضة للتواجد الأمريكي، والتي تحظى بدعم قوي داخل وخارج العراق.

في سوريا، استغل الجيش الأمريكي الأحداث التي نشبت بعد عام 2011 للتمركز ووضع قواعد على الحدود العراقية السورية لمنع استغلال ثروات النفط في سوريا والعراق، خاصة في منطقة التنف. وفي الأردن، توجد قواعد أمريكية منذ فترة طويلة في إطار العلاقات الوطيدة بين الولايات المتحدة والأردن، والتي تعود إلى أوائل السبعينيات بعد أحداث أيلول الأسود.

تتلقى الأردن دعماً مالياً سنوياً من الولايات المتحدة يقدر بأقل من مليار دولار. في الآونة الأخيرة، زادت الهجمات العراقية والسورية، خاصة بعد الحرب على غزة، وبدأت تستهدف أهدافاً أمريكية وإسرائيلية. كما انضمت اليمن إلى هذه الهجمات في البحر الأحمر، حيث بدأت أيضاً تستهدف أهدافاً أمريكية.

رداً على هذه الهجمات، أعلنت الإدارة الأمريكية عن سياسة جديدة لضرب الأهداف العراقية والسورية واليمنية. يسعى الآن القادة الأمريكيون لبلورة صيغة جديدة للتعامل مع المقاومة في العراق وسوريا، في ظل تصاعد التوتر والهجمات في المنطقة.

تحاول الإدارة الأمريكية، التفكير جدياً في الرد على هذه الهجمات. لكن هناك مخاوف من أن يؤدي مثل هذا الرد إلى ردود فعل أقوى، خاصة في العراق وسوريا. أما في البحر الأحمر، فالأمر أكثر تعقيداً حيث لا تملك الولايات المتحدة القوة البشرية الكافية لمواجهة المد الشعبي والعسكري لليمن في المنطقة. تحتاج إدارة بايدن إلى قرار من الكونغرس لإعلان حرب في هذه المناطق، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد الأوضاع وتزامنها مع الحرب الإسرائيلية على غزة.

يمكن القول إن إدارة بايدن قد تعتمد على حث إسرائيل على توقيع صفقة تبادل مع حماس وإقناع نتنياهو بالانسحاب من غزة لتجنب تصاعد الأمور هناك. وهناك أنباء تفيد بأن الإدارة الأمريكية تتفاوض مع الحكومة العراقية للانسحاب من العراق خلال الأشهر العشرة المقبلة، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق وألف جندي في سوريا. في ظل هذه الظروف، أصبح من الصعب على القوات الأمريكية إرسال دعم عسكري يصل إلى عشرات الآلاف من الجنود لمواجهة المقاومة العراقية والسورية واليمنية. بل تكتفي بارسال حاملات الطائرات والصواريخ لمواجهة ايران والحفاظ على مصالح اسرلئيل 

يمكن القول إن الإدارة الأمريكية تواجه صعوبة في الرد الفعّال على هذه الهجمات. إذا خاضت الولايات المتحدة هجوماً واسعاً ضد المقاومة في العراق وسوريا ايران ولبنان ، فقد تواجه رد فعل قوي وواسع النطاق يؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات. في نهاية الأمر، قد يؤدي ذلك إلى انسحاب كامل للقواعد الأمريكية من المنطقة. أما المعركة الحالية للدفاع عن إسرائيل، فهي تهدف في الواقع إلى كسب المزيد من الوقت في مواجهة إيران وضمان استمرار التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة.

مقالات متعلقة