الضربتان الاخيرتان اللتان أمر نتنياهو بتنفيذهما في طهران وبيروت في الثلاثين من الشهر الماضي باغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وفؤاد شكر القائد العسكري لحزب الله استهدف نتنياهو من خلالهما امرين أساسيين فيهما قمة الدهاء والمكر : أولهما، اجبار ايران وحزب الله على الرد على عمليتي الاغتيال بعد المس الكبير بهيبتهما، ولذلك لا بد من الرد عاجلا ام آجلا، وثانيهما مواصلة نتنياهو ابتزاز الرئيس الأمريكي بايدن بشكل اكبر خصوصا بعد الاستقبال الكبير الذي لاقاه في الكونغرس عند القاء خطابه والذي يعتبر ارفع واكبر استقبال يحظى به رئيس حكومة او مسؤول اجنبي خلال زيارة للكونغرس واراد نتنياهو من ذلك افهام بايدن ان عليه دعم كل قرار يتخذه بشان الحرب على غزة او ضد حزب الله وليس ممارسة ضغط عليه لإيقاف الحرب.
الملالي في ايران ومشايخ حزب الله في بيروت لن يلتزما الصمت طويلا وسيردان على الضربتين ان كان ذلك في وقت واحد من خلال تنسيق مزدوج كما فعل نتنياهو او بتوقيت منفصل لكن المهم ان الرد سيحصل وهذا امر يفهمه نتنياهو وتفهمه امريكا.
نصر الله قالها بكل وضوح في خطابه الأول بعد عملية اغتيال شكر خطابًا "أنّ الرد لن يكون شكليًا بل ردّ حقيقي ومدروس جدًا”، ووصف اغتيال هنية في إيران بأنه ليس مسًا بسيادتها فقط، “بل بأمنها القومي، وهيبتها، وبشرفها”. المرشد الأعلى للثورة في إيران علي خامنئي اصدر تعليماته إلى الحرس الثوري الإيراني والقوات المسلّحة من أجل رفع جاهزيتها، والاستعداد لعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، إذ اعتبر أن “الثأر لاغتيال هنية واجب على إيران”، وتوعّد إسرائيل بـ”عقاب قاسٍ” حسب تعبيره.
مجلس الأمن القومي الإيراني وبحسب ما نشرته وسائل إعلام مقرّبة من طهران اجتمع “لتحديد المكان والهدف والزمان والحجم جيدًا،" لكن اللافت للنظر استخدام صياغة إضافية وهي "حتى لا تندلع حرب إقليمية". إذا إيران تأخذ أمرين في منتهى الجدية: الحرص على منع امتداد الحرب إلى أراضيها، وفي نفس الوقت الرد الحتمي للحفاظ على ماء وجهها، ومكانتها في المنطقة.
وبالرغم من ان نتنياهو كما هو معروف عنه، يتصرف أحيانا بشكل غير متوقع. فإذا ما تأخر الرد من طهران ومن حزب الله، فمن الممكن ان يفقد نتنياهو اعصابه وبذلك ليس من المستبعد ان يبادر هو مرة أخرى بتوجيه ضربة ثالثة لإيران او لحزب الله او للجهتين لإجبارهما على الرد وهذا ما يريده نتنياهو لجر أمريكا الى حرب مع إيران لأنه لا يستطيع الاستمرار الا من خلال الحرب.
وأخيراً... على ذمة صحيفة هآرتس، إيران تطلب وقف كامل للحرب على غزة، مقابل عدم الردّ على عملية اغتيال هنية، الأمر الذي يمنح قمّة الدوحة وزنًا كبيرًا جدًا. فهل تفعلها إيران؟