الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 06 / أكتوبر 17:01

 الرّحيل المزيف

معين أبو عبيد
نُشر: 03/09/24 10:08

 خناجر التلوُّن والتصنُّع، شوّشت افكاري، وجعلت في داخلي بكاء مرًّا يُرهقني، لا يراه أحد، وصراخ لا يسمعه أحد. فانتابني شعور غريب كزهرة ذابلة تستجدي السقيا، تسارعت نبضات قلبي الموجوع غدا كلّ شيء شريكًا لي في السّفر. جلَبَة المطار المزعجة، وصفير القطارات المتواصل يهدر في شراييني وأنفاسي المنقطعة، أفكر مجدّدا في محطات الضّياع، لتنسيني مواقف وذكريات اليمة، بينما الحزن يقطف مواسم غربتي المؤقّتة يومًا بعد يوم، فأقسمت بكلّ الدّيانات السّماويّة كذبًا متعمدًا على الفراق الأبديّ المزيّف، كما يحدث في شجار المحبّين والأفلام الهنديّة واكاذيب ابريل المبتدعة.

 حين يهبط اللّيل، أُضيء نور مكتبي الضّئيل لأدوّن المزيد ممّا يجول في خاطري، اغوص عميقًا فوق مياه الذاّكرة الحائرة المتمردة الغامضة. أنفرد لأحدّق في غربتي، أنادي وأناجي الماضي والحاضر، أصدقاء الطفولة، الأحياء والأموات، ورئتان تتنهّدان شوقًا وحنينًا.

اشعر أنّي ضائع، بلا عنوان، بلا هوية، متشرّد في وطن لم اشعر يوماً انّي قمح في ترابه. 

 أحاول مجدَّدا عبثًا اختراق الخطوط الحمراء والأسلاك الشّائكة، الممنوع والمحرّم تجاوزها بأيّ شكل من الأشكال. لا أنخدع بسكينة الليل وضوء القمر وبصمت الياسمين، ولا بضحكة مختلقة وتلك المظاهر الزّائفة. أتوق حنينًا وأحزم أمتعتي، اعد دقائق الانتظار الأخيرة وأستعدّ للعودة ليلغي لقائي كل المسافات، ويلتقي الفراق المزيف على ناصية الاوجاع في عالم كله جنون.

مقالات متعلقة