الشعب الفلسطيني هو اول شعب في العالم يتعرض للتهجير والطرد من بلاده، من أجل تقديم فلسطين إلى مهاجرين يهود لتكون وطنا لهم أطلقوا عليه اسم إسرائيل. وهؤلاء المهاجرون وتنظيماتهم مثل (الهاجاناه) و (شتيرن) و(الأرجون) ارتكبوا المجازر وهجروا ودمروا، واستولوا على الوطن، وعيون الامم المتحدة والعالم تنظر إليهم بعطف، على اعتبار أنهم (ضحايا النازية). ولم يأبه العالم ولم يكترث بالضحايا الجدد، ولم يهتم بما سيحصل للفلسطينيين من مآسي وآلام وتشريد، وكأن العالم لم يعد له عيون.
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كان محقاً وصائبا في قوله المشهور " نحن شعب الجبارين". نعم نحن كذلك. فالنكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948، كان الهدف منها أيضا تفتيت الشعب الفلسطيني وتذويبه في المجتمعات العربية في أماكن اللجوء، ونسيان اسم فلسطين كليا على اعتبار " ان الكبار يموتون والصغار ينسون".
صحيح أن المسنين من الفلسطينيين قد رحلوا، لكنهم قبل رحيلهم زرعوا اسم فلسطين وتاريخها وجغرافيتها في عقول الأبناء، والامهات الفلسطينيات أرضعن أطفالهن حليب عدم نسيان فلسطين والتمسك بالارض وحليب العودة، فكبر الطفل الفلسطيني وفي عقله وقلبه فلسطين، وترعرع وهو يحفظ عن ظهر قلب تاريخ فلسطين، تاريخ القدس والأقصى وكنيسة القيامة والحرم الابراهيمي، وتاريخ يافا وبحرها وبيارات البرتقال فيها وتاريخ حيفا وكرملها وشواطئها، وتاريخ الناصرة وكنائسها، ومساجدها وتاريخ القسطل والمناضل الراحل عبد القادر الحسيني، وتاريخ عكا وأبطالها الثلاثة محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير، وتاريخ كل التراب الفلسطيني.
صدق الراحل أبو عمار، فنحن شعب الجبارين الذين صمدوا في وجه كل محاولات التصفية سابقا ولاحقا دفاعا عن الكرامة الفلسطينية في كافة أماكن تواجدهم. فقد صمدوا في مخيم تل الزعتر بالقرب من بيروت عام 1976، رغم إبادة بيوت المخيم على أيدي القتلة المتآمرين، وصمدوا في مخيم صبرا وشاتيلا الملاصق للعاصمة اللبنانية، وبقوا فيه رغم المجزرة الفظيعة التي تعرض لها سكان المخيم في العام 1982، على أيدي عناصر يمينية فاشية وبدعم جنود إسرائيليين، حتى أن المؤرخين ذكروا أن مجزرة صبرا وشاتيلا هي إحدى أفظع المجازر التي تم ارتكابها بحق الشعوب.
وفي العراق الذي تتحكم به الميليشيات الشيعية بعد سقوط نظام صدام حسين، صمد الفلسطينيون رغم طردهم من بيوتهم في بغداد، ورميهم في الشوارع من قبل ميليشيات شيعية طائفية. وصمد الفلسطينيون في مخيم نهر البارد شمالي لبنان في العام 2007 رغم تدمير بيوت المخيم من قبل الجيش اللبناني. ولم يسلم مخيم اليرموك بالقرب من دمشق من عمليات القتل والتدمير من عناصر إرهابية، فقتلوا وعذبوا وشردوا ونهبوا. ولا يزال هذا المخيم يشهد يوميا حالات قتل لسكانه وذنبهم انهم فلسطينيون.
والحديث يطول ويطول عن فلسطينيي غزة ونضالهم وصمودهم في الحروب التي تعرضت لها غزة، التي لم تستسلم ولم تخضع حتى هذا الوقت. ورغم كل هذه المآسي التي مر بها الفلسطيني، فإنه يحاول قدر الامكان ان يعيش حياة طبيعية، وهذا يذكرني دائما، بقول الراحل أبو عمار:" اننا شعب الجبارين".
وأخيرا…
لا تتصوروا مدى اشمئزازي وغضبي عندما أرى البعض يدعي بانه "الإعلامي فلان" وفي حقيقة الامر لا علاقة له حتى بالقراءة والكتابة. أقول ذلك وللأسف عن تجارب كثيرة لانتحال صفة "اعلامي" عينك عينك بدون حياء او خجل.