الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 19 / سبتمبر 16:01

من علمني حرفًا كنت له عبدًا

صالح نجيدات
نُشر: 10/09/24 11:17,  حُتلن: 15:04

المثل الذي يقول: "من علمني حرفا كنت له عبدا " دلالة واحترام للمعلم لما يقوم به من جهد في تعليم طلابه, في هذه السنة من افتتاح السنة الدراسية, نتمنى لجميع طلابنا الاعزاء سنة دراسية موفقة وناجحة وكلها فائدة وامن وأمان, وتذكرت نفسي عندما كنت تلميذا صغيرا وتذكرت كل المعلمين الذين علموني, وأريد ان أستغل هذه المناسبة لأشكرهم جميعا فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله, فمنهم من توفاه الله ومنهم ما زال منبع للعطاء.

فكلما دار حوارٌ حول حقوق المعلم  ومكانته تذكرتُ أن هذا المعلم الذي يتحدثون عنه هو الذي كنتُ بالأمس عالة عليه في طلبي للعلم، وكنتُ أستهدي بنوره، وأقتبس من أخلاقه، وانظر اليه كقدوة حسنة  وأتكوّن وأُصنعُ بين يديه. كثيرون جداً هم المعلمون الفضلاء، والأساتذة النبلاء، ذوي الأخلاق الراقية، الذين أثّروا في حياتي وافادوني جدا وكلما خطر على البال بعضُهم واستعادت الذكرى شيئاً من فضائلهم ومنهم عليّ، أجدني أقف عاجزاً عن معرفة السبيل إلى القيام بحقهم، والوفاء بشيء من فضلهم.

صار عليّ لزاماً أن أرسل رسالة وفاء إلى المعلمين عامة في هذا اليوم وأساتذتي الذين علموني خاصة بدون ذكر اسمائهم. وأؤكد لهم أنه مهما شعروا من تلاميذهم بشيء ٍ من الجفاء ، أو ظنوا بهم قلة الوفاء ، إلا أنه لا يمكن أن تخلو ساحة التلاميذ من أوفياء يحتفظون لهم بالفضل، ويدينون لهم بالحق. كما أنه لا يمكن أن تخلو ذاكرة ُ تلميذ أبداً - مهما قلّ وفاؤه - من صورة أو صور لمواقف كريمة أسبغها عليه بعضُ أساتذته ومعلميه. فلا يذهب العرفُ عند الله والناس. أما أنا فأزعم وأكاد وأجزم ، أني كنتُ سعيدا وصاحب حظً بما وفقني الله إليه من اجتماع عدد كبير من ذوي الفضل والعلم ، ومن رجال التربية الأكفاء ، الذين منّ الله عليّ بالتعلم على يديهم. فلهم مني الف تحيه وتقدير ومحبه , فرحم الله الذين قضوا نحبهم وأطال الله عمر الأحياء منهم.

واليوم أوجه رسالة إلى المعلمين كافه أن يضعوا نصب أعينهم غرس ذكراه الطيبة في نفوس وذاكرة تلاميذه، فسيأتي اليوم الذي يذكرونه بكل فضل ، وقبل ذلك فما عند الله خيرٌ وأبقى. كنتُ بفضل الله ومنذ المراحل المبكرة لطفولتي، أشعر بالكثير من الامتنان لبعض أساتذتي خاصة، وأحاول جاهداً أن أبدي لهم ولو قليلاً من العرفان والشكر على ما أراهم يبذلونه لتلاميذهم من حبّ ونصح وتأديب. والمعلم هو الأساس الذي يصنع مكانته بيده، ويضع نفسه أو يرفعها في نفوس تلاميذه. بل لا يقف الأمر عند حدّ حب التلاميذ لشخص المعلم الذي يعاملهم بالحب والنصح؛ إنما يتجاوز حبهم له إلى حبهم للمادة والتخصص الذي يتولى تدريسه لهم، وقبول ما يصدر عنه من نصائح وإرشادات خارج حدود المادة الدراسية. وإذا بلغ المعلمُ من تلميذه مبلغ الثقة والحب والاحترام، فإنك ترى ذلك التلميذ يتجاوز بعلاقته مع أستاذه حدود المدرسة، ليعرض عليه همومه، ويشتكي إليه ما يحزنه، وشاوره في كلّ ما ألمّ به، حتى يكون أقرب إليه في كثير من الأحيان من والديه اللذين أنجباه.

كم هو مقدار السعادة حين يلتقي الطالبُ معلمَّه على كِبر، ويرى أحدهما الآخر بعد دهر، فيُقبِل الطالب على معلمه يُقبّل رأسه ، ويجدد شكره لفضله، ويُبشّره أنه أصبح كذا وكذا في درجات العلم أو مواقع المسؤولية والعمل، ليرى المعلمُ حينها أن غرسه أثمر، وأن إحسانه إلى تلميذه لم يندثر. أروني عملاً شريفاً سامياً أسمى من مهنة المعلم! وهل القاضي أو الطبيب أو المهندس أو حتى زعماء القوم إلا نتاجاً للمعلم وحسنة من حسناته!!! أسأل الله أن يجزي الأحياء منكم والأموات خير الجزاء، وأن يبارك للأحياء في ذرياتهم وأعمارهم وأعمالهم آمين.
 

مقالات متعلقة