قال أبو حامد الغزالي رحمه الله : "والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه، وسَعِدَ في الدنيا والآخرة، وإن عُوِّد الشر، وأُهْمِل إهمالَ البهائم شقي وهلك.. وصيانته بأن يؤدِّبَه، ويهذبه، ويعلمه محاسن الأخلاق".
وقال ابن خلدون : "التعليم في الصغر أشد رسوخا، وهو أصل لما بعده".
اهلنا الكرام، يتطلب منكم توفير الجو والمناخ الملائم، وبذل كل الجهود لخلق البيئة المناسبة ليعيش بها أولادكم باطمئنان وهدوء وبدون توتر، وكذلك عليكم توفير الاجواء الدراسية الملائمة داخل بيوتكم لتمكين أولادكم من الدراسة بجو ايجابي، وعليكم التعاون مع المدرسة لمصلحة ابنكم الطالب، فالبيت والمدرسة والبيئة، هي التي تصنع وتبلور شخصية ابنكم في المجتمع.
على الاهل زرع قيم التسامح وتقبل الآخر في عقول اولادهم منذ الصغر، ونبذ العنف والتعصب، وكذلك توعيتهم وتحذيرهم من نتائج العنف الخطيرة، وتعليمهم بأن هناك طرق بديلة لحل الخلافات بالعقل والحكمة والتروي، وان الذي يسيطر على نفسه وتصرفاته هو الشجاع والذي يستعمل العنف في حل المشاكل هو الضعيف.
يجب حماية اطفالنا من تبعات العنف الذي يحدث بيننا وحولنا، لان أطفالنا أثمن ما نملك، وعلينا الانتباه لتأثيرات العنف على الأطفال وضرورة ترسيخ مفهوم التربية السليمة وإرساء ثقافة الحفاظ على قيمة الإنسان وكرامته، وفي اعتقادي أنه يجب تناول القضايا الشائكة، والعمل على حلها بأسلوب تربوي بعيدا عن التشنج والمبالغة.
بلا شك اطفالنا يستمعون ويشاهدون يوميا في التلفاز والانترنت الى كم هائل من أخبار العنف والكوارث والحروب والتطرف وكذلك أحيانا الشجارات التي تحدث بين العائلات والحمائل في قرانا وأعمال العنف والقتل التي تتناقلها محطات التلفاز والانترنت وغيرها من وسائل الاتصال، مما يؤثر فيهم سلبا , لذا علينا ان نبادر الى افهامهم وبأسلوب تربوي سليم الى كيفية مواجهة ذلك، وهذا الدور يجب ان تقوم به المدارس بشكل مدروس ومنظم بالاشتراك مع الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين لكل سلطه محليه، فالطفل مادة خام يمكن ان تساعده التجارب من حوله على تخطي كل العقبات او لا سمح الله ، الى السقوط والتراجع.
وعلينا أن نعرف أنه اذا تربى اطفالنا على العنف وكره الآخر سينشأ الطفل يبغض ويكره ليس الآخر فقط، بل سوف يكره نفسه والمقربين اليه!
ولعل ما يحدث من شجارات بين بعض طلاب المدارس بقيام بعض الطلبة بالاعتداء على بعضهم البعض هو خير دليل على مشاهدتهم للعنف وتوجيههم اتجاها محددا لكرة الآخرين، سينعكس بالضرورة فيما بينهم، وعلى انفسهم ايضا، وما التخلف الدراسي، وتخريب الممتلكات العامة والاعتداء على الناس ما هو إلا سبب لنشر العنف في المجتمع كله.
وبالتالي، علينا ان نضع أيدينا معا لدعم الجهود لتفهيم أولادنا لما يحدث حولنا من عنف في عالم تعصف فيه الكوارث و تنتابه الازمات والحروب والتطرف ، حيث يمثل الاطفال أولى ضحاياه الأكثر عرضة لآثارها الجسدية والنفسية على حد سواء.
هذه انعكاسات ضارة، نتمنى التعاون لما فيه صلاح اطفالنا وتجنبهم سلبيات الأوضاع الشائكة في عالم تكثر فيه اخبار العنف والتوتر.