اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان (حزب الله) والذي حصل بعد أكثر من عام من القصف المتبادل، دخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء الماضي. صحيح أن حزب الله ليس طرفا في الاتفاق من الناحية الفنية، ولكن الحكومة اللبنانية تفاوضت نيابة عنه ظاهريا من خلال رئيس مجلس النواب ورئيس حركة "أمل" الشيعية حليف حزب الله سياسياً، حيث يشكلان مع بعض "الثنائي الشيعي" أقوى الأحزاب في لبنان.
لم يمض يومان على توقيع الاتفاق، حتى عاد نتنياهو يزمجر ويهدد بـِ "حرب طاحنة" إذا تم خرق اتفاق وقف إطلاق النار. نتنياهو أدلى يوم أمس الخميس بتصريحات للقناة 14 الإسرائيلية جاء فيها:" لقد أصدرت تعليماتي للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لحرب طاحنة في حالة حدوث انتهاك جسيم للاتفاقية "، هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها نتنياهو لغة التهديد ضد حزب الله، حيث يعطي انطباعاً بأنه غير مقتنع بالاتفاق وأنه وافق عليه فقط لأسباب ذات مصلحة لإسرائيل وأيضاً وكمنا يبدو مت باب رفع العتب. وقد تكون مواصلة توريد الذخيرة لإسرائيل أحد هذه الأسباب. وكان نتنياهو قد صرح في كلمة سابقة له وجهها للإسرائيليين: "إذا انتهك حزب الله الاتفاق وحاول إعادة التسلح فسنهاجم"
واضح أن تصريحات نتنياهو "الحربية" وخلال يومين فقط من توقيع الاتفاق، لها أهداف معينة ولم تأت من فراغ. نتنياهو اعترف أيضا في كلمته بأن "الهدف المحدد رسميا للحرب عبر الحدود الشمالية، وهو تمكين العودة الآمنة لنحو 60 ألف إسرائيلي الذين أجبروا على ترك منازلهم بسبب هجمات حزب الله، لم يتحقق بعد" لكنه أفهم شعبه بأن المهجرين سيعودوا حتما. كيف؟ لأن نتنياهو تعهد بأن “الحرب لن تنتهي” حتى يتمكن هؤلاء من العودة بأمان. ليس هذا فقط ، فقد اعترف نتنياهو بوجود فرق كبير بين الحرب وإطلاق النار بقوله:" لم أقل إن ما يجري هو وقف للحرب بل وقف لإطلاق النار وقد يكون قصيرا". هذا يعني أن النية لدى نتنياهو موجودة لمواصلة الحرب، ومن أجل الاستمرار فيه فهو بحاجة لمبرر أي اتهام حزب الله بخرق الاتهام، ومن هنا جاء تهديده.
حتى أن نتنياهو قالها بصريح العبارة للذين يفكرون في إبرام صفقة لوقف إطلاق النار مع حماس لأجل إطلاق سراح الأسرى: "قد أوافق على وقف إطلاق نار بقطاع غزة وليس إنهاء الحرب".
وفي نفس يوم تصريحات نتنياهو خرج الينا رئيس الأركان، الجنرال هرتسي هاليفي يتوعد أيضاً حزب الله بالأسوأ فيما لو خرق الاتفاق. فقد قال في كلمة له أمام أعضاء منتدى هيئة الأركان العام:" أن أي انتهاك لهذا الاتفاق نتعامل مع ذلك بكل حزم وقوة في فرض تطبيق هذا الاتفاق".
الغريب في الأمر أن نتنياهو وهاليفي اللذان يحذران حزب الله من خرق الاتفاق، تجاهلا قصداً أن القوات الإسرائيلية، وحسب المعلومات المتوفرة، هي التي خرقت الخميس اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان في ثاني أيامه، حيث أصيب مواطنان لبنانيان بقصف إسرائيلي على ساحة بلدة مركبا بقضاء مرجعيون وتعرضت بلدة الوزاني في قضاء حاصبيا جنوب البلاد لقذيفة مدفعية.
وأخيرا...
إذا أخذنا بعين الاعتبار ما قالته صحيفة يديعوت أحرونوت من أن مسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يقدرون احتمال عودة القتال في لبنان بنسبة 50% فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ما فائدة توقيع الاتفاق ما دامت الحرب لن تنتهي؟ وهل الاتفاق عملياً في مهب الريح؟