الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 22:02

حفيد الريس..شوقية عروق منصور


نُشر: 24/05/09 07:15

في حضرة الموت كلنا سواسية , البكاء , الحزن , الدموع , الألم , الفراق , الوجع ,  الصراخ , الفقدان  ,  لكن هناك حظاً في طريقة مقايضة الميت بالواقع والمنصب والأهمية والترف , وقد غرقت الفلسفة والأدبيات في جعل الموت كأساً يشربه البشر وطريقاً للجميع مهما وصل الأنسان بمنصبه  , ففي النهاية القبر واحد ولا فرق بين ملك وفقير , وتناول الشعراء والأدباء هذه المفارقة حتى اصبحت نافذة يطل منها الفقراء على فقرهم الذي يخفف من بؤسه ان نهاية الفقراء والأغنياء واحدة .
لست بصدد تناول فكرة الموت بقدر تناول الحظ الذي يرافق الميت \" حفيد الرئيس مبارك يموت بصورة مفاجئة بعد مرض دام عدة ايام  \" خبر مؤلم وصعب وقد وجد الحفيد \" محمد \" المسمى على اسم جده الرئيس الرعاية الكاملة  , فقد نقل بطائرة خاصة الى باريس  , لكن الموت كان اسرع من مهارة الأطباء الذين توفروا لكي ينقذوا حياة الحفيد ( كان الله في عون الأطفال الفقراء).
لم يظهر الرئيس في الجنازة بل ظهر والد الطفل علاء مبارك وعمه المرشح للتوريث جمال مبارك , وكانت الجنازة مهيبة اشترك فيها النواب والوزراء وقادة الأحزاب وكانت كلمات العزاء وحرارة القبلات تضفي على الأجواء حزناً يتسع لمساحات من النفاق السياسي الذي خطى مع كل خطوة وتربع فوق كل اكليل .
وقد انضمت الى قوافل الحزن جميع الفضائيات المصرية حيث حجبت برامجها وبثت القرآن الكريم , وهنا لابد ان نقف وقفة مع الفضائيات ورجال الحكومة والمسؤولين والوزراء وقادة الأحزاب الذين شهقوا حزناً على \" الحفيد \", لماذا لم تشهقوا حزناً والماً على المئات الذين غرقوا في حادثة \"العبارة \" الشهيرة كانت العائلات تصرخ لوحدها وتبكي لوحدها ولم نجد ربع الذين اشتركوا في جنازة \"الحفيد يسألون ويهتمون ويلاحقون مصير الضحايا وعائلاتهم  ؟ لماذا لم تشهقوا حزناً على ضحايا حي \"الدويقة \" اصحاب العشوائيات الذين قتلوا نتيجة انهيار الصخور الضخمة عليهم وحتى الآن لم يعرف عدد الضحايا ؟ ولا ننسى حادثة القطار التي احترق الركاب فيه نتيجة خطأ من قبل المسؤولين , وحادثة المسرح الذي احترق وراح ضحيته عدة ادباء ونقاد جاءوا لكي يشاهدوا العرض لكن اصبحوا هم العرض المتقن للموت العبثي , احداث مميتة نسمعها ونشاهدها يوميأ , لم يحقق فيها مع أي مسؤول ولم تحاول الحكومة المصرية معاقبة ومحاكمة أي طرف كأن الأموات لا ينتمون لفئة البشر .
خلال هذه الحوادث القاتلة , وخلال مداهمة الموت لمئات وعشرات العائلات من نساء واطفال وشباب لم تحجب القنوات الفضائية المصرية برامجها بل استمرت البرامج كالمعتاد , من مسلسلات واغان وافلام وبرامج بعيدة عن الواقع الدامي .
\" لاشماتة في الموت\" لكن هل موت\" الحفيد \"سيفتح الأبواب امام الرئيس لكي يسمع معاناة اطفال غزة الذين يحاصرهم الحصار حتى الموت ؟ هل سيسمع معاناة المرضى الذين ينتظرون امام المعابر المصرية المغلقة ؟ هل سيسمع صراخ الجوعى ؟
وسائل الأعلام تؤكد ان الرئيس مبارك حزين على موت حفيده , هذا حق واحساس طبيعي \" ما اعز من الولد الآ ولد الولد \" والسؤال هل سيتماهى هذا الأحساس المؤلم مع احزان الآخرين ؟ هل سيكون هناك استنتاجاً من هذا الحزن وحرصاً على توفير حياة افضل للأطفال آخرين ؟ هذا ما ستحمله الأيام , ولو ان الأيام تسخر من تفاؤلي في التغير .رحم الله \" الحفيد \" ورحم جميع الأطفال الذين ماتوا ويموتون يوميأ نتيجة فقدان العلاج والدواء والحصار . اما الذين يقولون لافرق في الموت اقول يوجد( فرق من يمت على فراش الرعاية والأهتمام وسرعة الطائرات والمستشفى الباريسي ومن يمت وهو ينتظر حبة دواء ) 

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.74
USD
3.94
EUR
4.74
GBP
329862.19
BTC
0.52
CNY