الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 09:02

أوبرا صابونية مُعلنة / رجا زعاترة


نُشر: 13/06/09 15:55

* من المسؤول عن \"ثقافة الريتينغ\" وتقديم القرابين على مذبح الإثارة التلفزيونية؟ 
* ما الفرق من الناحية الأخلاقية بين دودو توباز وإيهود باراك أو دونالد رمسفيلد؟
* توباز هو الابن الشرعي والنتيجة الحتمية للثقافة الإسرائيلية، ثقافة الاحتلال والاستغلال


ليس بنيّتي الدفاع عن الكوميديان الإسرائيلي الذي لم أستلطفه يومًا، والمشتبه بتدبير اعتداءات على عدد من المتنفذين في صناعة الترفيه والتلفزيون الإسرائيلية. ولكني أسأل:
1. من ينتج \"ثقافة الريتينغ\" المنفلتة العقال التي تدوس الأخضر واليابس في إسرائيل وفي غيرها من الدول \"المتطوّرة\"، التي أصبح التلفزيون وكيل الجَتمَعة الأساسي فيها والسلعة الثقافية الوحيدة في متناول العامّة؟
2. من المسؤول عن تحويل أفراد محدودي الموهبة الفنية مثل توباز إلى \"أبطال ثقافة\"؟ ألم يكن من الأجدر تحويله إلى بلطجي منذ زمن بعيد لحصد كل هذا \"الريتينغ\" وتوفير تكاليف الإنتاج الباهظة؟
3. من الذي رفع \"التنافس\" التلفزيوني إلى مصاف القداسة، وموْضَع الواقع (التلفزيوني طبعًا) خارج الحقيقة والأخلاق والمنطق؟ من الذي قدّم كل القرابين على مذبح الإثارة التلفزيونية الرخيصة؟
4. ألم تعتصر الآلة الإعلامية التجارية توباز وسواه حتى الرمق الأخير؟ حتى أبيخ نكتة و\"سكتش\" وحيلة تلفزيونية، وآخر نهاية أسبوع في إيلات؟ ألم يتغاض معظم \"مزبهلـّي\" اليوم عن زلات توباز الاستعلائية وممارساته الشوفينية العنيفة (كالتحرّش الجنسي بضيفاته) منذ سنين طويلة خلت؟
5. لو لم يكن ضحايا توباز من الشخصيات النافذة في التلفزيون الإسرائيلية، لو كانوا أناسًا عاديين، وكان صاحب الإرسالية العنيفة أحد جُباة الإتاوة (الخاوة) أو إحدى عصابات ما يسمى بـ\"السوق الرمادي\"؛ هل كانت القضية ستثير نفس الضجة وتحظى بنفس التغطية الاستحواذية في برامج الأخبار و\"التوك شو\" وكل هذا الهُراء الذي يحاصرنا من كل جانب؟
6. ما الفرق، أخلاقيًا على الأقل، بين توباز وإيهود باراك أو دونالد رمسفيلد؟ توباز لم يقتل أحدًا بيديه وهو يحملق في بياض عينيه ولم يدمّر بلدًا بأكمله، لقد دبّر اعتداءات على أشخاص كان على نزاع عمل وتضارب مصالح معهم، وليس على نساء وأطفال كل ذنبهم أنهم فلسطينيون أو عراقيون أو لبنانيون. لقد كان توباز يرسل جنوده على نحو غير قانوني، أما باراك ورمسفيلد فكانا يبعثان بجحافلهم بمقتضى القانون المنمّق بالصياغات العنصرية الباردة. هل يصبح الإرهاب شرعيًا إذا ما أنتجته \"الجهات المخوّلة\" في سفر القوانين الإسرائيلي أو الأمريكي؟
7. ما الفرق بين ما فعله توباز وبين ما يحدث في أبو سنان مثلا، من إلقاء قنابل (200 حتى الآن) على البيوت الآمنة ودور العبادة؟ أو ما يحدث في غزة من إطلاق النار عمدًا على رُكب \"الكفّار والعملاء\" كي يظلوا مقعدين مدى الحياة؟
إنّ دودو توباز هو الابن الشرعي والنتيجة الحتمية للثقافة السائدة في إسرائيل، ثقافة الاحتلال والاستغلال ومجروراتها وارتداداتها، والتي من طبيعتها، كما علمنا الرفيق أنطونيو غرامشي، إعادة إنتاج تناقضاتها والتغطية عليها والمُضيّ قدمًا.
وتظل إدانة توباز أو رميه بأقصى عقوبة، كسائر التطوّرات الدراماتيكية المرتقبة، تفصيلا هامشيًا صغيرًا في أوبرا صابونية معلنة، ومملـّة.

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.71
USD
3.86
EUR
4.65
GBP
363784.52
BTC
0.51
CNY