الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 08:01

رجولة دائمة الخضرة


نُشر: 10/08/07 11:32

قوافلٌ من نياق السنين عبرت في صحراء حياتي..وفؤادي يتنقل بينهم كظبي ضال وحيد يبحث عن ظل شجرةٍ أو واحةٍ يشرب منها حلاً لهذا اللغز العجيب ، فكلما أنارت قناديل عيوني على عتبة رجل سألت نفسي ترى ما نوع هذا الكائن الواقف أمامي كبرج شامخ أو شجرةٍ صامدة ، وكم تهتُ في روابي وهضاب التجارب الحياتية محاولةً الحكم بنفسي على تلك الورود التي تتفتح في أنفاس كل رجل أهي وروداً طبيعية أم اصطناعية ؟ أهي محض مظهر لوني لا غير، أو أنها نوار لأشجار دائمة الخضرة من الإنسانية؟
أوكل من خلق ذكراً هو رجل؟ وكيف نستطيع تمييز الرجل عندما يكون شجرة متساقطة الأوراق إذا ما استطاع إخفاء أوراقه أو وردة مزيفة تجملت ووضعت فوق بشرتها أبهى الألوان؟
عندما تتوه الشوارع وتغرق في دمعها لأنها تفيض من قلب امرأة فلا تجد سيارة إسعاف تبشر بالإنقاذ سوى صدر يحترق الأحمر فيه من حرارة الحنان فلا تكون بيض الشراشف من قمصانه سوى حمامات من السلام تمسح كل دمعة بنبضها الرقيق فهذه عنوان للرجولة !!
فؤاد كالصخر المتحجر دهوراً إذ ما كسرته أمواج الدنيا العاتية لا يكسر ، ونبض يسيل حناناً كنهر يجري في واد مهجور ، ليثُ ينقض على غابات الظلم بنيران غضبه ويتعارك معها أياما ً حتى يهزمها ، وحتى لو هجمت عليه جبالُ من المصائب فهو رجل يدافع عن نفسه أمام قسوة أمنا الحياة ، يتقلد الشجاعة عنا قيداً من الإيمان بالمقدرة الذاتية ولا يهاب مواجهة جيش برمته .
شهمٌ ترفرف الشهامة كالصقر على عرض منكبيه،تتدفق في نخاعه العظمي شلالات من النخوة التي تفوق كل حروف اللغة، يكد ويعمل ليل نهار لا طمعاً بالأموال والنفوذ إنما يتخذ العمل وسيلةً للحياة وتحقيق الذات فهو طموح للغاية لدرجة أن نشاطه يكاد يملأ أكواب الأيام عصيراً من العرق ..
مثقفٌ ..تستهويه قراءة البشر في عيونهم  وربما لم يدرس في أي جامعة إنما يتعلم من بحر التجارب والمشاكل ويعرف كيف يتعلم السباحة وقت الغرق ..يتحدى ولا يخشى المجتمع بمبادئه وسخريته بتصرفاته من ظلم البشر ، يحارب النوم أياماً ويسكن قصور الأرق في أحيان إن احتاج الأمر ذلك.
لا يقف من خلف ستائر الكذب ويحمل بين أضلعه جيوشٌ من الغفران تدربت كيف تصفح عند المقدرة ، هو ذاك الرجل يعرف لغة البشر..لغة القمر ومحاكاة النجوم وغضب البحار والأعاصير، فهو ذاك الساحر الهادر الصامد الوديع الذي يقدر دوماً على الحب والعطاء ولا يخجل بالبكاء لانه إنسان وإن اعظم الرجال ذاك الذي ذرف دموعه لأجل عيني امرأة وأحبها وفاضت مشاعره من بين الصخور صافية نقية دون مآرب وأهداف سلبية ، ذاك الذي لا تدري يمينه ما تمنح يساره من حرارة السخاء والكرم ، فيكون الأب والأخ والحبيب والصديق والمعلم، الثائر فوق اراضي العشق.
ذاك هو الرجل وتلك هي بعض الرجولة ، العالم الآخر المتناقض بكل شيء ، إناء ينضح بكل أنواع المفاجآت وذاك هو الرجل الذي لا زال كوكبا اكتشفته ولم اكتشفه ، عرفت أراضيه ولم أذق طعم عناق شواطئه وبحاره، آمنت به  بخيالي وانصدمت بالواقع فكفرت..فمنكم المعذرة...منكم المعذرة !!!

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.75
USD
4.02
EUR
4.84
GBP
295460.25
BTC
0.52
CNY