* قبول عضوية إسرائيل دون تغيير الوضع الاقتصادي السيئ للمواطنين العرب هو بمثابة جائزة لإسرائيل لتقصيرها وتهميشها لهم
* تصحيح الغبن يبدأ في اتخاذ القرارات ولكنه يجب أن يشمل تغيرًا في المفاهيم الديمقراطية تجاه المواطنين العرب في المستوى التنفيذي
اهتمت الصحف الإسرائيلية في الأيام القليلة الماضية بخبر عضوية إسرائيل في منظمة أل OECD، ويأتي هذا الاهتمام بعد التقرير الذي قدمته المنظمة قيّمت من خلاله الاقتصاد الإسرائيلي والذي سيتبعه حتمًا قرار المنظمة فيما إذا كانت ستقبل بعضوية إسرائيل أم لا.
يشار بداية الأمر إلى أن منظمة أل OECD هي منظمة دولية مكونة من مجموعه من البلدان المتقدمة والتي تقبل مبادئ الديمقراطية التمثيلية واقتصاد السوق الحر، غالبية أعضاء المنظمة هم من الدول ذات الدخل العالي التي تحتل مراتب عليا في مؤشر التنمية البشرية.
وفقًا لعمل منظمة أل OECD لا شك أن الانضمام لها في العضوية يشكل رافعة اقتصادية للبلد العضو، ولهذا السبب تعمل إسرائيل جاهدة على الانضمام إلى منظمة أل OECD ، بيد أن انضمام إسرائيل إلى منظمة أل OECD يحتاج إلى تغييرات جذرية في سياسة الاقتصاد الإسرائيلية وخصوصًا فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي للمجتمع الفلسطيني في إسرائيل. وهذا ما جاء في تصريح مدير عام المنظمة في الأيام السابقة.
وتحاول إسرائيل منذ العام 1996 الانضمام إلى المنظمة، وحتى هذه اللحظة باءت محاولتها بالفشل، بالرغم من أنها قد تبّنت بعض مواثيق المنظمة، حيث قام بنك إسرائيل في سنة 2006 بتغيير طريقة حساب إجمالي الناتج المحلى (GDP) حتى تتلاءم وطرق الحساب التي تتبعها المنظمة، الأمر الذي أدى إلى دعوة إسرائيل في 16 أيار من العام (أي عام) إلى تقديم طلب انضمام إلى المنظمة كعضو كامل وأعلن أن مناقشته ستتم خلال سنة من المفاوضات، وفي أيار من العام 2009 انضمت إسرائيل إلى ميثاق المنظمة لمنع الفساد أملاً للتقرب من قوانين المنظمة، لكن في شهر آب من العام نفسه طالبت المنظمة تقليل تدخل الحكومة الإسرائيلية في قطاع الزراعة. ومؤخرًا، في 19 كانون الثاني من العام 2010، نشرت المنظمة تقريرا يُعرف إسرائيل على أنها دولة فقيرة ومقطعة الأوصال اجتماعيًا، ذات فجوات اجتماعية عديدة. ويضيف التقرير، انه في حال انضمام إسرائيل للمنظمة فأنها ستكون الدولة الأكثر فقرًا في المنظمة.
لاقى التقرير الأخير الصادر عن منظمة أل OECD والذي يتهم إسرائيل بالتقصير اقتصاديا بحق شرائح المجتمع، أهمها التقصير بحق المواطن العربي الفلسطيني، نقاشًا حادًا، حيث أنكر قسم من أصحاب القرار الإسرائيليين وجود تقصير من قبل الحكومة فيما يتعلق بوضع العرب الاقتصادي وألقى باللوم على العرب نفسهم كمسئول عن هذا الفجوة. والبعض الآخر يعترف بوجود تقصير من قبل الحكومة ولكنه يدعي في نفس الوقت أن الفجوات طبيعية في المجتمع وليست نتاج لسياسية تقصير وتهميش مقصود من قبل الحكومة.
بيّن التقرير أن معدل الفقر في إسرائيل في العام 2008 19.9% وهي نسبة أعلى من كل الدول الأعضاء في المنظمة وتساوي ضعفي معدل الفقر للدول الأعضاء في المنظمة، ووصلت نسبة الذين يتقاضون أجرا منخفضا في إسرائيل 24.3% في العام 2007 مقارنة ب 15.9% في الدولة التابعة للمنظمة في نفس العام.
لا يقتصر التقرير على مقارنة إسرائيل بدول المنظمة فيما يتعلق بالأجور والفقر وإنما يتعدى ذلك إلى مقارنتها من حيث مجهودها في محاربة الفقر.حيث ان كل مراقب مسؤول عن 61.7 ألف عامل في المعدل (المراقب هو الشخص الملقاه على عاتقه مهمة تطبيق قوانين العمل مثل قانون الأجر الأدنى والحقوق الاجتماعية للعامل)، وهذا مؤشر على أن إسرائيل لا تجتهد بما فيه الكفاية في محاربة ظاهرة الفقر. اضف الى ذلك نسبة إنفاق الحكومة على الخدمات الاجتماعية من إجمالي الناتج المحلي إذ بلغت 15.8% في العام 2008 مقارنة ب 21% في دول المنظمة، حيث تعتبر هذه النسبة منخفضة، ناهيك عن النجاعة في توزيع هذه الخدمات، ففي دول المنظمة يؤدي توزيعها إلى تقليص معدل الفقر ب 60% بينما في إسرائيل لم تتعدى هذه النسبة أل 25%.
بالرغم من هذه المؤشرات السلبية والتي ليست في صالح إسرائيل نحن في مشروع استحقاقات الأقلية والمرأة العربية في الموازنة الحكومية الإسرائيلية، والذي يدار من قبل جمعية الجليل، مركز إعلام ومركز مدى-الكرمل، نعتقد أنه بالرغم مما جاء في التقرير فان التوجه العام في المنظمة هو قبول انضمام إسرائيل للمنظمة.
من المهم الإشارة إلى أن اتخاذ قرارات حكومية من اجل تحسين الأوضاع الاقتصادية في المجتمع العربي غير كافية من اجل إحداث تغيير، فهناك عشرات القرارات والتوصيات الحكومية التي وعدت بتحسين وضع الأقلية الفلسطينية لكن بقيت دون أن تطبيق كتوصيات لجنة أور على سبيل المثال لا الحصر، ان ما ينبغي على الحكومة الإسرائيلية تغيره هو منظومة المفاهيم على المستوى ألقيمي بحيث يتم التعامل مع المواطنين العرب كمواطنين متساوين ومن ثم إجراء تغييرات في المستوى التنفيذي والبيروقراطي.
نعتبر ضم إسرائيل إلى المنظمة دون إحداث تغيير ملموس بمثابة جائزة لتقصيرها وتهميشها الممنهج والمقصود للمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل وتسديد ضربة قاضية لكل الجهود المبذولة لتحسين وضع الأقلية الفلسطينية اقتصاديًا واجتماعيًا. نطالب ان يكون دخول إسرائيل للمنظمة مشروطا بإزالة عوائق تنمية الاقتصاد العربي وتحسين الوضع الاقتصادي للمجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل.