الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 00:02

نحو حكم محلي عربي رشيد- بقلم: غيداء ريناوي- زعبي

كل العرب
نُشر: 13/02/10 10:37,  حُتلن: 10:39

* السلطات المحلية العربية تعتبر الباب الرئيسي (لكنه الأصعب) للتغيير المجتمعي، السياسي والاقتصادي المستدام

* موضوع المشاركة الجماهيرية في العمل المحلي هو من أهم المفاصل للوصول إلى حكم محلي عربي مبني على أسس الإدارة الرشيدة

يعزو العرب في إسرائيل السلطات المحلية العربية أهمية قصوى في الحياة العامة. تنبع أهمية هذه المؤسسات إلى ما بإمكانها أن تحمله من معاني "الإدارة الذاتية الجماهيرية" والتطوير عند سكان البلدة أو القرية. يتميز المجتمع العربي في إسرائيل بمستواه الاقتصادي- الاجتماعي المتدني نسبيا والذي تظهر انعكاساته في مظاهر الفقر، البطالة وبالمقدرة المحدودة على الدفع مقابل الخدمات والبنى التحتية البلدية. حالة ومميزات المجتمع العربي هذه تشكل عبئا على السلطة المحلية، من ناحية المقدرة المحدودة للسكان على "الدفع" مقابل الخدمات البلدية. كما أن تقليص الموارد والدعم الحكومي للحكم المحلي بشكل عام والتوجه العام حول خصخصة الخدمات وإلغاء المسؤولية في إدارة رشيدة وفي تجنيد موارد إضافية نحو السلطة المحلية من دون منحها كامل الصلاحيات لتحقيق فعلي لهذه المسؤوليات وتقليص الموارد والدعم الخاص بالفئات السكانية المُستضعفة، والتطوير المحدود جدا لمصادر الدخل المستقلة في السلطات المحلية العربية تُفاقم بل وتكرس الفجوات الاجتماعية والاقتصادية القائمة بين المواطنين العرب والمواطنين اليهود. تعاني السلطات المحلية العربية من مشاكل جوهرية على ثلاث مستويات أساسية مرتبطة ببعض ارتباطا وثيقا تؤدي إلى تأخير تحسين مستوى الخدمات فيها- الأول، طرق إدارة السلطات المحلية: تفاوت في مستوى الأداء لدى الأعضاء المُنتخبين، الطاقم الإداري والعمال في السلطة المحلية، إدارة غير مهنية وغير ناجعة عند البعض وغياب التخطيط والرقابة ومشاكل في إدارة القوى البشرية وغياب السياسات الواضحة فيما يتعلق بتقديم الخدمات وانعدام برامج الإرشاد والتأهيل الملائمة والتي تجيب على الاحتياجات المهنية الحقيقية للأعضاء المنتخبين والموظفين والمستوى المتدني لجباية الضرائب وغياب مبادرات التطوير الاقتصادي ومشاركة المستثمرين المحليين. الثاني، علاقات السلطة مع السكان: عوائق في تفعيل اللعبة الديمقراطية المحلية وفي إشراك الجمهور في نشاط الحكم المحلي والتزام متدن من جهة السكان تجاه قضايا البلدة وتحقيق منقوص للواجبات الملقاة على عاتقهم وتدني مستوى الخدمات الخاصة التي توفرها السلطة المحلية للسكان. الثالث، السلطات المحلية العربية مقابل السلطة المركزية: المقدرة المحدودة عند السلطة المحلية على تجنيد الموارد المناسبة للتطوير اللازم للبلدة والتأثير شبه المعدوم لرؤساء السلطة المحلية العربية وكبار الموظفين فيها على صنّاع القرار وواضعي السياسات في الوزارات والمؤسسات الحكومية القطرية واللوائية.

 على القيادات المنتخبة والمؤسسات الجماهيرية والمهنية أن تأخذ على عاتقها المسؤولية في السعي نحو تحويل السلطات المحلية العربية من مجرد مجموعة من الأجسام أو المنظمات تقدم خدمات أولية أساسية للمواطن العربي الى قيادة جماعية مأطرة في حكم محلي عربي مبادر لمسارات تغيير مجتمعي تقدم الإمكانيات الأمثل للعيش الكريم، والنمو المجتمعي والإحساس بالانتماء والذي يسمح للفرد والجماعة بالاستقرار.

على هذه القيادات الإسهام في تطوير حكم محلي عربي ذو مقومات الإدارة المهنية السليمة مكون من مجالس وبلديات ذات الجودة العالية. حكم محلي يرى بالسلطة المحلية رافعة تنموية اجتماعية – اقتصادية ويرتكز على أسس الديمقراطية والشفافية في كل ما يتعلق باتخاذ القرارات وتطبيقها على المستوى البلدي ومشاركة الجمهور في تحديد السياسات المتعلقة بالتطوير والتنمية البلدية. ومن على هذا المنبر ندعو رؤساء السلطات المحلية العرب إلى المشاركة في بلورة مجموعة قيادية تضع رؤيا مستقبلية لمواصفات الحكم المحلي العربي المنشود للبحث في مواضيع تتعلق بجودة الحياة في البلدات العربية وفي دور السلطات المحلية العربية بقيادة عمليات تطوير اجتماعي جماهيري اقتصادي وبيئي شامل.

موضوع المشاركة الجماهيرية في العمل المحلي هو من أهم المفاصل للوصول إلى حكم محلي عربي مبني على أسس الإدارة الرشيدة. فالديمقراطية المحلية تزيد من إحساس المواطن بانتمائه لسلطته المحلية ولبلده ولمجتمعه وتزيد من إحساس أعضاء السلطة المحلية من منتخبين أو موظفين الرسالة الخدماتية التي عليهم أن يؤدوها. والديمقراطية المحلية بمعناها الأشمل تلائم حتما جميع المجتمعات الغربية منها والشرقية فهي تتحدث عن مشاركة في اتخاذ القرارات التي تكفل رفاه جميع المواطنين في البلد وتضمن بالضرورة قيم هامة كالتكافل الاجتماعي.
ومع هذا، فان المشاركة الجماهيرية كموضوع لم يأخذ حقه في العمل الأهلي لأنه يحمل في طياته تخوف المنتخب أو الموظف من "فقدان القوة" على المعلومة أو السيرورة أو المورد، ولأنه يحمل المبادرين إليه على العمل التدريجي المتوازن والمدروس لمسارات توعية لدى المواطنين للمعاني الحقيقية لمشاركتهم في اتخاذ القرارات. المشاركة الجماهيرية لا تعني دعوة المواطنين لإبداء آرائهم أو تحفظاتهم مثلا في موضوع التخطيط والبناء فحسب، إنما بالأساس تعني خلق إمكانيات جديدة لعمل مشترك لمجموعات داخل البلدة حول مصلحة مشتركة واحدة.

السلطات المحلية العربية تعتبر الباب الرئيسي (لكنه الأصعب) للتغيير المجتمعي، السياسي والاقتصادي المستدام، هي بالتحديد حلقة الوصل ما بين السلطة المركزية والجمهور. وعليه يتوجب علينا جميعاً قيادة سياسية، قيادة محلية ومؤسسات المجتمع المحلي توحيد القوى والطاقات والمبادرة لتخطي العقبات للوصول إلى بناء استراتيجيات عمل متكاملة وشاملة لما فيها من خدمة للمصلحة العامة. 

مقالات متعلقة