مرض فقدان الشهية العصبي (Anorexia): يعني السير على نظام غذائي أو عدم تناول الطعام إلى الحد الذي يفقد عنده الشخص وزنه فيصبح أقل من وزنه المثالي بنسبة 15% ، وهو يتصف بالخوف المرضي من الزيادة في الوزن، أو اعتقاد الشخص على نحو غير دقيق بأن وزنه زائد، واستعمال طقوس قهرية لانقاص الوزن، و هو يصيب النساء والرجال، خلافا للاعتقاد السائد انه يصيب النساء فقط.
تشترك العوامل البيولوجية والاجتماعية والنفسية في حدوث هذا المرض. كما أن هذه المسببات تتداخل فيما بينها وتختلف في درجة التأثير في مسار المرض ودرجة التحسن عند علاج الحالة:
1- العوامل البيولوجية: تساعد المهدئات الطبيعية التي يفرزها الجسم على تقليل الشعور بإحساس الجوع في المرضى المصابين بفقد الشهية العصبي.
فقد أظهرت بعض الدراسات اختلال وظائف النواقل العصبية وبالذات السيروتونين وكذلك الأدرينالين والدوبامين والتي تشكل أهمية بالغة في تنظيم الشهية للطعام من خلال الهيبوثلاموس. وكذلك اختلال وظائف الغدة الدرقية والهرمونات بشكل عام. كما أظهرت الكثير من الدراسات الإشعاعية بالأشعة المقطعية وجود توسع في الفراغات التي تحوي السائل الدماغي والتي قد تعود لطبيعتها بمجرد زيادة الوزن.
2- العوامل الاجتماعية: يجد المصابون بفقد الشهية العصبي ما يشجع سلوكهم اجتماعياً حيث تكون مقاييس الجمال تتخذ النحافة والتمارين الرياضية كنمط ممتاز للحياة.
كما دلت البحوث أن الجو الأسري لهؤلاء المرضى يتميز بأجواء عدوانية وعاصفة وتعاني من درجة كبيرة من الانعزالية وقلة الشعور بالتعاطف بين أفرادها.
3- العوامل النفسية: يجمع الكثير من المعالجين النفسيين لهذه الحالات على أن المرضى يعانون من عدم القدرة على الاستقلال عن الأم بالذات ويميل البعض الآخر إلى تفسير سلوكهم على أنه عبارة عن محاولة غير واعية لتدمير أجسادهم المسكونة بآثار الأم المتسلطة.
ويقترن انعدام الشهية بضعف العظام التي تصبح هشة ونحيفة بشكل خطير. ويعود السبب في ذلك الى فقدان الوزن ونقص المواد المغذية مثل الكاليسيوم ،وقد يقود انخفاض الكثافة المعدنية في العظام الى زيادة مخاطر الكسر والتهشم .
يعاني المصابون بهذا المرض من مشاكل طبية عديدة مثل:
انخفاض درجة الحرارة( تتدنى لأقل من 35 درجة)، تورم القدمين و بطء ضربات القلب، انخفاض ضغط الدم، وتغير الشعر، كما يلجأ بعض المرضى لاستخدام المسهلات بكثرة مما يؤدي لتغير في درجة حموضة الدم.
كذلك تظهر لدى المرضى اضطرابات في ضربات القلب وصغر حجمه وبالذات في المراحل المتأخرة من المرض وقد يكون السبب في هذه الاضطرابات انخفاض البوتاسيوم في الدم والذي قد يكون مميتا للمريض.
من مضاعفات هذا المرض أيضا تقلص حجم العضلات، انخفاض نشاط الغدة الدرقية، اضطراب في وظائف المعدة كتأخر إفراغها من الطعام, الإمساك والألم المتكرر في البطن، تورم والتهاب الغدد اللعابية والبنكرياس.
ومن المضاعفات أيضا انقطاع الدورة الشهرية واختلال نسب الهرمونات في الدم، انخفاض المغنيسيوم وقد يصاب المريض بتشنجات صرعية أيضا وانخفاض في قدراته الذهنية.
علاج فقدان الشهية العصبي أمر صعب، خاصة إذا كان شديداً. ولكن في الحالات البسيطة والمتوسطة فإن العلاج النفسي بشقيه الدوائي والسلوكي المعرفي، يؤدي إلى نتائج مقبولة، وإن كانت ليست بالمستوى المطلوب، ولكن يجب تدارك الأمر من البداية، فكلما بدأ العلاج مبكراً كان أفضل.
ويؤدي العلاج الأسري والاجتماعي دوراً مهماً في تحسن نتائج العلاج. ولكن هذه النتائج تتفاوت من مريض الى أخرى، فالبعض يتعافى بعد نوبة واحدة فقط، و البعض يتعرض لانتكاسات وتستمر حياتهم بين نوبات من الاضطراب وفترات من الشفاء والتحسن، ولكن بعضهن يستمر الاضطراب معهن ليصبح مزمناً، وتتدهور حالتهم بشكل مريع.وتحتاج حالة الفئة الاخيرة إلى الدخول إلى المستشفيات لتغذيتهم وعلاجهن بأدوية نفسية وبرنامج علاج نفسي مكثف لفترة زمنية محددة، قد تطول أو تقصر حسب شدة المرض.
أما أهم طرائق العلاج النفسي، فهي: العلاج بالايحاء والعطف والتشجيع والارشاد والحث على تناول الطعام.وكل ذلك ينبغي أن يحدث بالتنسيق بين الطبيب البدني والاختصاصي النفسي وذوي المريض، وصولاً الى حل الأسباب الرئيسة للمرض، وتلافياً للانتكاسات.