الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 20 / سبتمبر 04:01

شكرًا غزة- بقلم: إياد رابي

كل العرب
نُشر: 18/06/10 14:06,  حُتلن: 08:50

- إياد رابي في مقاله:

* لولا صمود المستغيث لما أبحر المغيث. لولا الصمود في البر لما أصبح للبحر معنى أجمل وأبهى

* يا غزه انت البشرى لكل من تهمه حقا نصرة كل المظلومين في كل مكان وكل زمان. فالظلم لا لون له, والحرية والعدالة حق مطلق

صمدت غزه. وغزه هي الغزيون. والغزيون أغاثونا من التلاشي والوقوع في حبائل الإختزال. أختزال كل الإرث الأخلاقي لأحرار التاريخ وقمع الأراده الحرة بالتغني والمرثيات وسراب الترقب وغياب الإتكالية والقدرية.
أغاثتنا غزه وأنقذتنا. الأساطيل، على تضحياتها، ليست هي القصة. فك الحصار ليس هو القصه. الحصار ليس هو القصة. الصمود أمام إرهاب الحصار هو فاصلة من فواصل القصة التي نقشت آياتها على رخام المجد وفصول فلسطين. فلسطين هي القصة.

تاريخ القيم والأخلاق والعدالة
الصمود وعدم الرضوخ و الإذعان لإرهاب دولة الاحتلال ومن والاها، والرفض الأسطوري لمقايضة حرية الشعوب والكرامة الإنسانية بالضرورات و"المكرمات" الحياتية المادية، على بالغ أهميتها، وبالنسبية القيمية التي نظر لها دعاة ومدعو البراغماتية والخلط بين العدمية القومية والعولمة، وبين الأصالة والتخلف، وبين الحداثة ومحو الحدود الجغرافية والأخلاقية، وبين "ما بعد الحداثة" وما قبل الأباده المجازية والفعلية، ونزع المركزية والقدسية عن الإنسان وقيمه كما بشر بها رواد "العلمانية الشاملة" ( كما اصطلحها المفكر الراحل د. عبد الوهاب ألمسيري)، مرورا بشفا حفرة "نهاية التاريخ" تاريخ الإنسان ومركزيته في هذا الكون. تاريخ القيم والأخلاق والعدالة والحق والهيومانية والمطلق، بعد أن كاد يجرفنا إعصار النسبية والعبث ونزع القدسية عن كل شيء.

زحام المواقف
صمود الغزيين أعاد الاعتبار للفرق البنيوي والأبدي بين العزة والنذالة، التين تم تمييعهما في زحام المواقف "النسبية" و"الشخصية" و"البراغماتية" والشعبوية و"الحوار" والتفاوض على إنسانيتنا، أي علينا ومقايضة ظلال ذواتنا ب"رخاء" أمساخنا، "المباشرة" و"غير المباشرة".

تحويلنا الى سلع وأشياء
صمود الغزيين منعنا من قبول حوسلتنا كدرجات في سلم الوهم وتعرجاته, ومنع تحويلنا إلى سلع و"أشياء" تم استخراج الحس منها ومصلها ب"الواقعية" لتصبح وقودا للعبث والعدمية ونصب المشانق لما تبقى من ماهيتنا كبشر.
لولا صمود المستغيث لما أبحر المغيث. لولا الصمود في البر لما أصبح للبحر معنى أجمل وأبهى. ولولاه لما توهجت جذوة الأمل لتبقى منارة تهدي من أضل السبيل منا, "ومن اهتدى فلنفسه ومن أساء فعليها".

صمود غزة يلملم أشلاء الرفض في قلوب الأحرار
شكرا غزه. لقد لملم صمودك أشلاء الرفض في قلوب أحرار العالم وبث فيها الروح, وأعاد الأمور, كل الأمور, إلى نصابها, ولن يصح إلا الصحيح. شكرا لك لأن التضامن لن يطالك أنت فقط, بعد أن ألهم صمودك الملايين من البحارة الجدد لاكتشاف قارات الحق والعدل في ذواتهم, والإصرار على تذوق شرف ومجد شق عباب الأمواج الفكرية العاتية في بحار الامبريالية والظلم والاستعباد والاستعمار المتجدد والمستسلمين المدمنين على علقم "الواقعية" التي يكررون إرواءها بواقع أمر كلما ذوت .

شكرا غزه
يا غزه انت البشرى لكل من تهمه حقا نصرة كل المظلومين في كل مكان وكل زمان. فالظلم لا لون له, والحرية والعدالة حق مطلق طالما بقي الأنعتاق والتحرر رغبة مطلقة أيضا, وطالما لم تترك الشعوب مواقعها على الصلب من صخور العز والقمم الشامخة لتهبط وتلهو بالرمال المتحركة المزركشة بمعول الذل وهجرة الذات, بعد أن طفحت ب"غنائم أحد".
شكرا غزه.. صمودك يفك حصارنا. أنت اليوم للأخلاق كورق عباد الشمس الكاشف للحامض والقاعدة. هل قلنا "القاعدة" ؟! صدقوني أنها لم ولا تخيفهم مثلما ترعبهم اليوم لمعة عيون طفل غزي أصر على الحياة الكريمة ونالها, وسيظل يلهم أخاه اللاجئ ليتوق للعوده كما يتوق الحق لإحقاقه ... وسينالها .

مقالات متعلقة