أبو وهيب في مقاله:
المؤمن المتصدّق الحق يجب أن يتصدّق في الخفاء دون العلن
بقدر ما تكون الصلة بالحسنى بقدر ما تكثر السعادة , وبقدر ما تكون الصلة بالإساءة بقدر ما تكثر الشقاوة
أيها المسلمون الصائمون أيّها الناس جميعا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
ها هو شهر رمضان , وشهر الصدقات , وشهر الخيرات , يهل علينا وكل عام والجميع بخير , ونسأل الله أن يعيده علينا ونحن آمنين مطمئنين بالنصر والتمكين بأذن رب العالمين .
المؤمن المتصدّق الحق يجب أن يتصدّق في الخفاء دون العلن , ودون المراءاة , كي تكون الصدقة مقبولة عند الله تعالى , فلا تعلم شماله ما تنفق يمينه, والله تعالى حذّر من أولئك الناس في كتابه العزيز الذين لا يحلوا لهم التصدّق إلاّ في العلن وعلى الملأ حتى يراؤون الناس بصدقاتهم وأعمالهم .
تجارة خاسرة
لتصبح تجارتهم مع الله خاسرة ونافقة والعياذ بالله بقوله تعالى: (يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا) , ومن الناس تراهم يراؤون الناس بعبادتهم وحركاتهم في صلاتهم فتراهم يسرحون وهم ساهون عن الصلاة من خلال المراءاة والعياذ بالله تراه يلتفت يمينا وشمالا متبسّما وقد يكون ضاحكا ليشدّ أعين الناس أليه والعياذ بالله , (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون والذين هم يراؤون ويمنعون الماعون).
لذلك لا تصح الصلاة وهي مقرونة بالمراءاة أيضا , بل كل العبادات وكذلك العمل والصدقات, واخص بالذكر الصدقات لأنّها تجب أن تكون بالخفاء وبالستر حتى يتحقّق الإيمان ويصلح العمل دون الخداع بالله وبالأنفس بقوله تعالى :
(ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون).
الفلاح لا يأتي إلا بفعل الخير
لذلك الفلاح لا يأتي إلا بفعل الخير الخالص لوجه الله ( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) , ما أحوجنا لفعل الخير وبالذات قضاء حوائج الناس والصدقات بالخفاء وخصوصا في شهر رمضان الفضيل , يقول عليه الصلاة والسلام "استعينوا على قضاء حوائجكم بالستر والكتمان" ومنها الصدقات, وفرج الكر بات وستر المسلمين والمسلمات".
حتى نكون من أولئك الذين يسترهم الله يوم القيامة بقوله صلى الله عليه وسلم "المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه, من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته, ومن فرّج عن مسلم كربه فرج الله عنه بها كربه من كرب يوم القيامة , ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. صدقت يا رسول الله.
الدين نظام الدنيا يرسم خطوطها
فلا نرائي في صدقاتنا ولا في عبادتنا ولا في صلاتنا لأن المراءون هم الذين وصفهم الله تعالى بأشنع وصف , وابلغ نعي , وكشف عن سوئاهم أوضح كشف : (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا اخلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحن مستهزئون * الله يستهزئ بهم ويمدّهم في طغيانهم يعمهون) , اللهم لا تجعلنا منهم يا أرحم الراحمين .
اعلم أيّها المتصدّق الدين نظام الدنيا يرسم خطوطها, ويبيّن معالمها, ويهدي فيها إلى التي هي أقوم , لأن الدين يتحكّم في علاقة الإنسان بأخيه الإنسان , وصلة الفرد بالجماعة, والعامل بالمصنع والرجل بالمرأة, والآدمي بالبهيمة. والغني بالفقير. والأهم من هذا كله علاقة المخلوق بالخالق.
الكلمة الطيبة صدقة
لذلك بقدر ما تكون الصلة بالحسنى بقدر ما تكثر السعادة , وبقدر ما تكون الصلة بالإساءة بقدر ما تكثر الشقاوة إنّ تعاملنا مع بعضنا البعض تنكشف من خلالها علاقات النجاح والفلاح , والثواب والعقاب, لذلك يجب أن تكون الصلة بالحسنى حتى يتحقق الثواب, ويتحقق الشفاء في مرضانا أيضا كما اخبرنا صلى الله عليه وسلم ".
بحديثين صحيحين الحديث الأوّل : "الكلمة الطيبة صدقة, وقول المعروف صدقة, والابتسامة في وجه أخيك صدقة, وعيادة المريض صدقة" أمّا الحديث الثاني : " داووا مرضاكم بالصدقات " لذلك يجب أن نتصدق وان نسارع بالخيرات, من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة .
الفوز بجنّة عرضها كعرض الأرض
يجب أن تكون الصدقة أي صدقة الأموال أو المئونة أو الطعام والشراب واللباس وغيرها في الخفاء كي تكون شفاء, نتصدّق دون المن والأذى حتى يجعلنا الله من الذين قال سبحانه فيهم : (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منّا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون* قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم) .
نسال الله أن يجعلنا جميعا من أهل الصدقات ومن أهل الخيرات حتّى نفوز بجنّة عرضها كعرض الأرض والسماوات بأذنه تعالى آمين ..آمين.