الاندبندنت البريطانية :
نظرة اوباما الى العالم تبدي انه استوعب الدرس من مغامرة سابقه جورج بوش في احتلال العراق
الولايات المتحدة قد علمت التكلفة الحقيقة والباهظة للحرب وللاحتلال وتعلمت ان تحد من طموحاتها في الخارج!
نشرت الاندبندنت البريطانية مقالة تحليلية في زاوية الرأي على موقعها على الانترنت للكاتب, ادريان هاملتون, غسل من خلالها رئيس الحكومة البريطاني الاسبق ومبعوث الرباعية الدولية الى الشرق الاوسط, طوني بلير بحمام من الانتقادات اللاذعة على نهجه الخطر ازاء القضايا الدولية. هذا من خلال مقارنة اجراءها ما بينه وبين الرئيس الامريكي باراك اوباما.
فيقول هاملتون في مستهل مقالته ان خطاب الرئيس الامريكي اوباما, في ترحيب جنود بلاده العائدين من العراق الثلاثاء الماضية تتناقض وتتضارب مع اقوال طوني بلير في دفاعه عن مصداقية الحرب مساء امس في مقابلة تلفزيونية هنا في بريطانيا. ان التضارب بين نظرة اوباما وبلير الى العالم لامر مذهل حقا. فان نظرة اوباما الى العالم تبدي انه استوعب الدرس من مغامرة سابقه جورج بوش في احتلال العراق فقد لخص حرب العراق بانها كانت للوقوف دون تسلح صدام حسين باسلحة دمار شامل. والتي تحولت الى حرب ضد عصابات ومتسلحين. والحيلولة دون تهديد الارهاب بتمزيق العراق اربا اربا. فالحرب على العراق ضعضعت علاقة امريكا بالخارج وامتحنت وحدتنا في الداخل. الولايات المتحدة قد علمت التكلفة الحقيقة والباهظة للحرب وللاحتلال وتعلمت ان تحد من طموحاتها في الخارج!
الدين الاسلامي يهدد
هذا التواضع والتفكر الذي ابداه اوباما لا يظهر البتة في تصريحات طوني بلير التي جاء بالامس. والتي تمخضت عن نظرته الغريبة التي ينظر بها الى العالم والتي يلخصها الكاتب بانها تعتبر مذهب الدين الاسلامي كشر يهدد العالم وعلى الغرب المتحضر محاربته. فهي اذن حرب بين شر (اسلام) وخير (الغرب). وان هذه النظرة على حد تعبير الكاتب تهدد العالم اجمع.
ففي مقابلة أجراها معه اندرو مار قال انه ما من مكان في الشرق الاوسط الا ويعاني من نفس المشكلة التي يواجهها الغرب في العراق وأفغانستان. وان على الغرب ان يفهم ويستوعب انه يواجه صراعا قد يدوم اجيال. لكن عليه ان يخوضه في النهاية لا محال.
ان اول ردة فعل لمثل هذه الخرافات على حد تعبير هاملتون هو استدعاء الممرضين في المصحات النفسية ليلبسوا عليه قميص المجانين. ان هذا الغرور والضلال الذي يعانيه بلير يفوق كل حد للدفاع عما اقترفه في العراق وغيرها.
كيف لنا ان ننسى العراق في الوقت الذي يقوم الرجل الذي خاض الحرب عليه بنشر نظرته المجنونة والسيئة والخطرة في ارجاء العالم. فبعيدا عن تعلم الدرس من العراق ها هو الان يقوم بتشجيع غزو ايران. وان الادهى من ذلك ان ثمة اذان في الولايات المتحدة واسرائيل لتلقي السمع وتذعن الى خرافات طوني بلير.
الحكم والسلطة
ان الخطر لا يتمثل برفض طوني بلير تقديم كلمات الاعتذار والندم ولكن رفضه تعلم الدروس استخلاص العبر. وان اهمها ذلك الذي فهمه اوباما استوعبه جيدا بان الايام التي كان في الغرب ينظم العالم بالشكل الذي يريحه ويتماشى مع امنه وسلامه قد ولت وانقضت, وان لم تكن العراق قد برهنت ذلك فافغانستان كفيلة بذلك.
لقد انساق بلير وراء مغامرات بوش في حرب العراق دونما ان يفهم ما ستتكبده الحرب من ارواح, وتشويش للمجتمع والنزاع والصراع العنيف الذي ستخلفه بين القبائل والفئات المختلفة على الحكم والسلطة.
وان حال بير كحال بوش لم يفكروا في الامر حتى النهاية ليس فقط لايمانهم بمطلق تفوق واستعلاء الغرب ولكن لانهم لم يرو الشعب العراقي على انه مؤلف من افراد وعائلات. فقد قام بلير بذرف دموع (التماسيح) على ارواح جنود بلاده التي ازهقت في الحرب الا انه لم يلق بالا او اعتبارا لملايين القتلى من العراقيين.
ان العلة الكبرى التي يعاني منها بلير هي نظرته الدينية الى العالم على انه حرب بين خير وشر. وان على الغرب تسوية الامر. وهذه بعينها التي جلبت فوق رؤوسنا اجمعين الدمار والموت في العراق.
انجاح السلام
ثم يتطرق الكاتب الى موقف ابلير من محادثات الشرق الاوسط بين الاسرائيليين والفلسطينيين التي تستضيفها الولايات المتحدة هذا الاسبوع. فعلى حد تعبير الكاتب ان بلير ليس هنالك (في واشنطن يشترك في بدء المفاوضات) ليعمل على انجاح السلام وتحقيقه بين الطرفين. انما هو هنالك لتخدير الفلسطينيين بقليل من التحسين في اقتصادهم وامنهم كثمن بديلا للسلام الحقيقي. الامر الذي لم ينجح ايضا فالشعب الفلسطيني منقسم بين حماس في غزة وفتح في الضفة الغربية. لربما كان هذا ذنبهم, يقول الكاتب. ولكن الغرب لا يساعد ايضا بعزله حماس عن الصورة واجبار فتح تقديم الضمانات الامنية والتنازلات الحدودية. فلم يقم بلير ابدا بالذهاب في زيارة الى غزة ولم يناقش اسرائيل ابدا فيما يتعلق بسياستها ضد الضفة الغربية.
يقول الكاتب في ختام مقالته انه لربما تنجم المفاوضات في واشنطن عن انجاز معينا بعد كل شيء. ولكن التشاؤم يعم الجانب العربي فقد جر رئيس السلطة الى المفاوضات جرا لالا يظن البعض ان الفلسطينيين لا يرغبون بالسلام. فيما تقوم اسرائيل باستخدام المفاوضات لابقاء الفلسطينيين منقسمين وضعفاء.
لذا فان كل ما يجري في واشنطن لا يتعدى تقمص الاقنعة والمظاهر على حد تعبير الكاتب. الامر الذي يتفوق فيه طوني بلير. لها هو هناك.