"صاروخ كاتيوشا، رعد، زلزال، خيبر، دبابة ميركاڤا، أباتشي، بنت جبيل..." وغيرها من أسماء ومصطلحات كثيرة تعلمها اطفالنا خلال فترة الحرب التي تزامنت مع بداية العطلة الصيفية والتي شارفت على الانتهاء، حيث اقترب موعد افتتاح السنة الدراسية الرسمي، لكن هذه العطلة كانت مختلفة للغاية عن باقي العطل، ومع بدايتها، بدأت الحرب التي شنتها الحكومة الاسرائيلية على لبنان دولة وشعبا... وبالمقابل بدأ "زخ" صواريخ الكاتيوشا التي اطلقتها المقاومة الاسلامية على شمالي البلاد، واستمرت الحرب اكثر من ثلاثين يوما، لكن طلاب المدارس لم يتمتعوا بعطلتهم، ومكثوا داخل الملاجئ والبيوت.
استطلع موقع "العرب" آراء عدد من الاطفال والاولاد من مدينة الناصرة، ولمسنا لديهم الماما كبيرا بانواع الاسلحة والصواريخ والطائرات والدبابات المستخدمة في الحرب ودراية باسماء القرى والبلدات اللبنانية. وما اثار الانتباه هو ان معظم الاطفال تمنوا أن تطول العطلة آملين أن يذوقوا قليلا من طعم المتعة والمشاركة في الرحلات والنزهات بعد هدوء الأوضاع ووقف اطلاق النار.
الفتى أمير أشقر: "لم نذهب خلال العطلة إلى أي مكان ومكثنا معظم الوقت بالقرب من البيوت وداخل الملاجئ"
الفتى أمير أشقر
"لم نذهب خلال عطلة هذا العام الى أي مكان ومكثنا معظم الوقت بالقرب من البيوت وداخل الملاجئ". هذا ما قاله الفتى امير اشقر (12 عاما) من الناصرة وتابع: "شعرنا خلال العطلة بخوف كبير بسبب الحرب وحزن كبير لاننا فقدنا ابناء المدينة ربيع ومحمود نتيجة سقوط الصواريخ على المدينة، وهذا الامر اخافنا كثيرا وادخلنا في حالة من الذعر".
وتابع امير حديثه: "اذكر اننا في العام الماضي توجهنا الى منطقة الشمال وتنزهنا في منتزهات المنطقة الجميلة وسبحنا على شواطئ مدينة حيفا وبحيرة طبريا، لكن هذه العطلة كانت مختلفة جدا ولم نتمتع بها واطلب من وزارة المعارف ان تمدد العطلة الصيفية ولو قليلا حتى نتمكن من التمتع قليلا قبل العودة الى مقاعد الدراسة".
الفتى نعيم أبو احمد: "افتقدت والدي رحمه الله وشعرت بأنني بحاجة ماسة إليه وقلقت على عائلتي وأصدقائي وأقاربي"
الشقيقان نعيم ونبيل ابو احمد
اما الفتى نعيم ابو احمد (11 عاما) فقال: "لم تكن عطلتنا جميلة ابدا، حيث ضرب زامور الخطر كثيرا الامر الذي ادخلنا في خوف كبير وسادتنا حالة من الرعبة والخوف".
وتابع نعيم حديثه عن شعوره في تلك اللحظات وقال: "كان ينتابني شعور من القلق واتخيل ان الصواريخ ستسقط علينا واتخيل مكانها وماذا سيحدث، واتخيل ايضا من سيصاب بالصواريخ من اقاربي واهلي واصدقائي والناس الذين احبهم... افتقدت في تلك اللحظات والدي المرحوم الذي فارقنا قبل اسابيع قليلة، وشعرت بانني بحاجة كبيرة له. ووالدتي كانت قلقة جدا علينا وكانت تسأل عنا باستمرار، وعملت على تهدئتنا والتخفيف من روعنا".
اما عن العودة الى المدرسة، فقال نعيم: "انا مشتاق للعودة الى المدرسة لانني مللت من الاوضاع التي نعيشها وحتى لو خيرتني بين اطالة العطلة او العودة الى المدرسة فانني افضل ان اعود الى مقاعد الدراسة".
لكن للطفل نبيل ابو احمد (9 اعوام)، شقيق نعيم، كان موقف مغاير وقال انه يفضل ان تمدد العطلة الصيفة لانه يشعر بنوع من الخوف في البيت بسبب الحرب، وليتسنى له التنزه في البلاد، كما قال.
الفتى جوني اشقر
الفتى جوني اشقر اعرب عن استيائه العارم من العطلة الصيفية وقال: "قضينا عطلة صيفية سيئة جدا، ولم نذهب الى أي مكان بسبب الحرب وبقينا اما داخل البيوت او في محيطها لنبقى قريبين من المناطق الآمنة لتجنب اصابتنا لا سمح الله، وقضينا العطلة ونحن نبحث عن الاماكن الآمنة للتواجد فيها".
الطفلة نارمين مبارك
اما الفتاة نارمين مبارك فقالت انها اكتفت خلال العطلة بالتوجه الى زيارة الاقارب وأكدت انها لم تستمتع ابدا خلال العطلة الصيفية بسبب الحرب وانشغال الجميع فيها من خلال وسائل الاعلام، وعن آمالها قالت: اتمنى ان تمدد العطلة الصيفة حتى نهاية شهر 10 لنعوض عن الايام الماضية".
الطفلة روعة شموط: "نفتقد صديقينا الطفلين ربيع ومحمود طلوزي اللذين توفيا جراء صاروخ كاتيوشا"
الطفلة روعة شموط
"افتقدنا كثيرا في الايام الماضية الطفلين ربيع ومحمود طلوزي حيث اعتدنا على اللعب سوية في الحي وكنا نلتقي يوميا مع بعضنا البعض وكانا يزوراننا كثيرا في بيتنا ويلعبان مع اخوتي الصغار". هذه الكلمات الرقيقة والمؤثرة قالتها الطفلة روعة زهير شموط (7 اعوام) من حي الصفافرة، وهي تقطن في نفس الحي الذي سقطت به صواريخ كاتيوشا وراح ضحيتها الطفلان الشهيدان ربيع ومحمود طلوزي في تاريخ 20/07/2006 في اليوم التاسع للحرب، واصيبت روعة في ذلك اليوم.
وعن الحادث قالت: "لن انسى ذلك اليوم ابدا، كنت في زيارة لبيت جدي وسقط بالقرب من البيت احد الصواريخ واحدث انفجارا ضخما وصوتا عاليا جدا وتطايرت شظايا الزجاج علي واصبت بجراح في رأسي، وتوفي ابن صفي ربيع...". وتابعت الطفلة روعة حديثها: "عندما اسمع صافرة الانذار ادخل مسرعة الى البيت للاحتماء داخله، وعندما اكون في طريقي الى الدكان لشراء غرض اعود الى البيت بعد انطلاق الزامور، وبقينا هذاالعام في البيت ولم نخرج الى أي مكان، لذلك اريد العودة الى المدرسة لاني مللت من البيت والاختباء واننا في المدرسة نمضي الوقت دون ان نشعر به".